ما إن هدأت الأمور نسبيا على مستوى غابة الصنوبر بضواحي العاصمة الجزائرية، وبدأت حرب قضائية مرشحة لأن تطول، حتى فجّر غيورون على البيئة قضية شواطئ الضاحية الشرقية التي تتعرض لزحف الاسمنت الذي يجتاحها بعدما ابتلع الاسمنت ذاتها كثيرا من البراري، quot;إيلافquot; تحرّت حول الملف مع المعنيين.


كامل الشيرازي من الجزائر:
يبرز quot;عبد الوهاب بن قونيةquot; الذي يدافع بشراسة عن شاطئ الليدو الشهير (12 كلم شرقي الجزائر)، إنّ ما يحدث quot;تجاوز خطير ضدّ الطبيعةquot;، ويشرح بن قونية إنّ شاطئ الليدو كان يعتبر من أحسن الأماكن بالعاصمة، بيد أنّ quot;هجمات مشبوهةquot; على حد تعبيره، جعلته لا يفقد الاخضرار الذي ظلّ محيطا به، فحسب بل صار شاطئه قاب قوسين أو أدنى من الكارثة بفعل الزحف المريب للاسمنت المسلّح تحت مظلة إنجاز quot;ساحة ألعاب وترفيهquot;.

جانب من شواطيء الجزائر الشرقية

ويؤكد بن قونية الذي ينشط ضمن لجنة تضم مائة شخص، أنّ مواطنيه يرفضون بشدة تصديق حكاية الساحة، ويوجهون بأصابع الاتهام إلى مسؤولين محليين متواطئين، بحسبهم، مع أحد رجال الأعمال المتنفذين.

ويبدي quot;مجيد منصوريquot; أحد أبناء الضفة الخضراء المحاذية لشاطئ الليدو، غضبه مما يصفه تلاعبا بموقع طبيعي آسر، ويشرح مغتاضا: quot;في البدء أعلنت مديرية الأشغال العامة بالخط العريض أنّها ستنجز مشروع تهيئة للحفاظ على شاطئ الليدو، لكنّ المشروع انقلب فجأة ودون سابق إنذار، من quot;كاسرات الأمواج المنتظرةquot; التي رحّب بها الجميع، إلى بناء ساحة علمنا إنّها ستستغل لقضاء مآرب ستدمر حتما شاطئنا المفروض حمايتهquot;.

وتبدي quot;نوال حريديquot; إحدى الناشطات الفاعلات في حملة الدفاع عن شاطئ الليدو، انزعاجا من كون العالم بأسره يسير بخطوات عملاقة في خططه لتأمين البيئة، عبر خلق شواطئ اصطناعية وابتعاث عوالم خضراء، بينما لا تزال ثمة جهات في الجزائر تصر على مسلك متعارض عبر الفتك بشواطئ وغابات ومحميات طبيعية.
وتلفت حريدي إلى أنّ كثيرا من الشواطئ باتت عرضة لرمي مئات الأطنان من الأتربة والحجارة والقاذورات في محيطاتها، وهو ما حوّل تلك الشواطئ إلى بقع سوداء جعلت الجزائريين ينفرون من مراودة بعض الشواطئ، على منوال ما يحدث في بوسماعيل، زرالدة وغيرهما.

وفي بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، تساءل سكان حي الليدو عن مدى معقولية تبديد عشرات المليارات لردم شواطئ وتعريض الأطفال إلى مخاطر الغرق، فضلا عن حرمان الصيادين من قوتهم اليومي، متسائلين في السياق ذاته عن المستفيد من وضع كهذا؟.

وتهيب فعاليات جزائرية بالسلطات لتدخل عاجل يكفل إنقاذ شاطئ الليدو وغيره من الشواطئ، حتى يتم ضمان سيلان المياه وعدم ركودها، بجانب الشروع في أشغال تنظيف واسعة لحماية الشواطئ.

ويقدّر جمال زتيلي وفؤاد طواهر إنّ اندراج الجزائر بشكل مكثف ضمن مسلكية حماية البيئة، ستترتب عنه فوائد اقتصادية معتبرة، وكسب المليارات بما سيحث القائمين على منح بعد تنموي مستدام للبيئة ومشروعاتها.

وتبقى التجربة بحاجة إلى تعميم على مستوى كل السواحل الجزائرية التي تعاني على مستوى جهات البلاد من تدهور ملحوظ بفعل اتخاذها من طرف البعض كموقع مفضل لإلقاء المياه القذرة وسائر البقايا، وهو ما يتهدد أمن وسلامة الواجهة البحرية الجزائرية التي يتجاوز طولها 1200 كيلومترا.

وبدأت فرق من الكشافة قبل فترة حراكا لتنظيف شواطئ البلاد، وتخليصها من وضع بيئي مزري للغاية، على درب المضي قدما في سبيل تطويق مشكلة بيئية آخذة في التفاقم، وبرزت آثارها السلبية من خلال تسمم الكائنات البحرية وتشوّه الشواطىء.

وقال quot;سليم فرطاسquot; المتحدث باسم الجمعية التطوعية (تويزة) المشرفة على المبادرة، أنّ حملات التنظيف شملت في مرحلة أولى ضاحية الجزائر الشرقية، وتروم إعادة تهيئة السواحل، بعدما ظلت عشرات الشواطئ مصنفة في الائحة السوداء، دفع لتركها موصدة في وجوه المصطافين خلال المواسم الصيفية المنقضية، غداة إرتفاع نسب المواد الزيتية الضارة على سطح البحر.

وبحسب فرطاس، فإنّ أشغال التنظيف لا تكتفي بتهيئة السواحل فحسب، بل تمتد إلى المحيط العام المتصل بالمنتجعات، على غرار الغابة الخلابة بمنطقة قورصو، بعدما بقيت الأخيرة لسنوات عديدة عرضة للإهمال، لذا تخضع هي الأخرى لإزالة الشوائب وكافة الأوساخ، تماما مثل الأماكن المخصصة لراحة العوائل ولعب الأطفال وغيرها.