تقترب عدة مدن من مبادىء التخطيط المستدام كبرشلونه وشنغهاي لمحافظتها على الطابع المعماري والاهتمام بالاحياء الخضراء.

اعتدال سلامه من برلين: ارتفع عدد السكان الذين يعيشون في المدن بعد ان هجروا قرى بلادهم في كل انحاء العالم من 29.1 في المائة عام 1950 الى 50.6 في المائة عام 2010. ومن المتوقع ان تزيد النسبة لتصل الى 64.7 في المائة حتى عام 2040. وسوف يتجاوز عدد سكان ثماني مدن في العالم منها نيويورك والقاهرة ال 25 مليون انسان حتى عام 2025.

برشلونة

وفي المدن الاوروبية وبالاخص الكبيرة منها يعيش منذ اليوم 73 في المائة من مجمل عدد السكان ما يدفع الى القول بان الريف فرغ تقريبا من سكانه، ففي قرى في المانيا الشرقية لا يجد المرء فيها سوى كبار السن، لان الجيل الشاب قصد المدينة بحثا عن فرص عمل. وحيال هذه التغييرات كيف يجب التخطيط بشكل مستدام للمدن في المستقبل؟

موضوع اثاره البرت شبير المهندس الالماني المعروف منذ اواسط الثمانينات ووضع دراسة مهمة حوله استهلها بشرح لمعنى الاستدامة في تطوير المدن فقال: في الثمانينات فكرنا بمستقبل المدن، وتأملنا التاريخ وتطوراته في نفس الوقت، حينها اكتشفنا الفارق. فلدينا اليوم في كل انحاء العالم كافة مواد البناء، بينما كان الانسان قديما يبنى فقط بما يتوفر له من المواد، فلم يبن الابنية التقليدية والاجرية من الطين والخشب لمنظرها الجميل، لكن لان الطين كان المادة الوحيدة المتوفرة التي جانب الخشب، وبعد تطبيق هذا الامر على تطوير المدن توصلنا الى فكرة الاستدامة التي تعني التعامل مع الموارد بشكل اكثر عقلانية وترشيدا.

وذكر المهندس المعماري الالماني بان لتطوير المدن اهمية كبيرة، فهي تساهم بنسبة 80 في المائة في تحولات المناخ وانتاج الغازات العادمة وهي نسبة كبيرة جدا، لهذا تزداد اهمية تخطيط المدن في التطور العالمي. فعلى سبيل المثال فان المدن الاوروبية لا تتناسب مواد البناء فيها مع البيئة، كما انها لا تحقق متطلبات رفع فعالية الطاقة. فتسعون في المائة من مجمل المباني الالمانية تم بناؤها في الفترة ما بين عامي 1980 و1985 حينها لم يكن هذا الموضوع مطروحا للبحث، ولكن توجد الان برامج للدولة من اجل تحديث العقارات والمباني وهذا يجب ان يتم بسرعة.

في المقابل فان المدن الاسيوية الكبيرة في البلدان الناهضة تنمو بسرعة كبيرة، وفي السنوات العشر الاخيرة على سبيل المثال تغير الموقف السياسي المتعلق بهذه المسألة في الصين بشكل كامل، ولكن هذا لا يعني انه يتم تطبيق مبادئ الاستدامة في تطوير كافة المدن الصينية لانه امر لا يمكن توقع تنفيذه بسهولة وبساطة في بلد تعدادا سكان يتجاوز المليار نسمة.

وحمل شبير النقل والمرور والهندسة المدنية مسؤولية عرقلة تنفيذ خطط الاستدامة، لذا على الحكومات اعطاء اهمية لتوزيع وربط كافة المدن والمواقع داخل المدن الكبيرة بشكل يمكن الوصول اليه سيرا على الاقدام اذا كان ذلك ممكنا. وافضل النماذج هو التخطيط للاحياء بشكل يكون فيه المسكن ومكان العمل واماكن الانشطة الثقافية والتسلية قريبة من بعضها البعض، فبهذا تنخفض الحاجة الى النقل والتنقل البعيد.

لدى المهندس الالماني تصور غير متفائل عن الارياف والقرى في زمن تنامي الهجرة الى المدن، حيث يقولquot; لا المخططون ولا السياسيون على استعداد حتى الان لمواجهة هذه المشكلة بشكل جدي. فالاهتمام منصب حتى الان على نمو المدن فقط ولكننا نعرف ان الامر هكذا في باقي الدول الغربية والصناعية وبعض المدن في البلدان الناهضة ايضا، وهذا سوف يؤيد في المستقبل الى وجود مناطق ريفية من الصعب الاستمرار فيها على الدوام على ذات المستوى الحالي، وذلك لان السكان سوف يكونون قد هجروها. ولن يكون الحفاظ على البينية التحتية مجديا مع ذلك العدد الضئيل المتبقى من السكان في هذا المناطق الريفية، لذا يجب التفكير الجدي منذ الان في هذا المسألة قبل فوات الاوان.

من المدن التي يعتبرها المهندس الالماني شبير انها تقترب من مبادىء التخطيط المستدام هي برشلونه. فهي كثيفة ومختلطة، وقد تمت اعادة استخدام المرفأ فيها الى حد كبير، وعاد الشاطئ جزءا من المدينة. وتتعامل برشلونه بشكل رائع مع المباني والمواد القديمة يحقق معايير البناء المستدام. كما وان سنغافورا قد واجهت منذ البداية مشكلة قلة المساحة، وتعاملت مع هذا المشكلة بشكل عقلاني. فتطور المدينة قاد الى كثافة سكانية عالية، ولكن ضمن هذه الكثافة نشأت هندسة معمارية ذات نوعية رفيعة، مثل ابنية السكن العالية، وعند النظر اليها من فوق يعتقد الناظر بانها مدينة خضراء مليئة بالحدائق.