الياس توما من براغ : أكدت دراسة تشيكية حديثة أن الإرادة القوية للتخلص من الإدمان على التدخين لا تكفي لوحدها وان اغلب الذين حاولوا التوقف عن التدخين لم يصمدوا لأكثر من أسبوع لان الإدمان على التدخين يكون عادة قويا إلى درجة أن الأمر يتطلب نوعا من المعالجة الطبية والتخصصية لتخليص الجسم من مادة النيكوتين ومن التعود النفسي على التدخين . وأشارت الدراسة إلى أن الشخص الذي يدخن علبة سجائر يوميا يضيع عادة على التدخين نحو ساعتين يوميا كما أن الكثير من المدخنين يربطون في وعيهم بين التدخين وبين فترات الاستراحة في العمل أو التحدث مع الأصدقاء أو على العكس من ذلك كنوع من الحل للتوترات النفسية وللمشاكل التي يواجهونها وبالتالي فان الإدمان النفسي على التدخين ينشأ بعد التعايش المشترك مع السيجارة لفترة من الوقت .
وبالنظر لكون التصرفات المرتبطة بالتدخين تتكرر يوميا عدة مرات فإنها تصبح جزءا من حياة المدخن بحيث يصعب عليه التصور انه يمكن أن يعيش من دونها ولذلك يحتاج الأمر إلى التفكير ببرنامج أو استراتيجية بديلة لملـئ هذا الوقت . وتنصح الدكتورة كاترجينا لانغروفا التي تترأس الائتلاف التشيكي ضد التدخين الناس الذين لا يستطيعون التخلي عن السيجارة بعد تناول الطعام بالتعويض عن ذلك بتناول كاس من الماء . وتؤكد الدراسة أن العادات التي يخلقها النيكوتين في الجسم ورد الفعل الكيماوي الذي يحصل في دماغ المدخن مماثل للعادات التي يخلقها الإدمان على أنواع أخرى من المواد المدمنة مثل الهرويين ولهذا تظهر عند الذين يتوقفون عن التدخين نفس المظاهر التي تسجل عند المدمنين على المخدرات مثل اللهفة الشديدة للتدخين والعصبية والمزاج السيء وقلة النوم والشعور بالضيق وعدم المقدرة على التركيز وزيادة الشهية للطعام ...
وأشارت الدراسة إلى أن 29% من التشيك البالغين يمارسون التدخين الآن غير أن ثلاثة أرباعهم عبروا حسب استطلاعات الرأي عن رغبتهم بالتخلص من حالة الإدمان هذه ولكنهم لا يستشارون في هذا الأمر المتخصصين ولذلك فان اغلب الذين يقررون التخلي عن التدخين لا يصمدون سوى أسبوع في قرارهم هذا . وتؤكد الدراسة أن الأمر الحاسم في هذه المسالة يكمن في الدوافع وفي العلاج الحديث والمساعدات التخصصية التي تقدم للمدخنين. وتشير الدراسة إلى وجود 9 مراكز متخصصة بمعالجة المدمنين على التدخين إضافة إلى 50 مكان يقدم الاستشارات وتؤكد أن الأطباء في هذه المراكز يمكن لهم مساعدة المدخنين على تجاوز الأوقات الأصعب التي يمرون بها بعد بدء سريان قرارهم بالتوقف عن التدخين من خلال اختيار أفضل الطرق وفي حالة الضرورة وصف أدوية تساعدهم في التخلص من الإدمان على النيكوتين وحسب الدراسة فان العلاج المضاد للنيكوتين يساعد في تجاوز الجسم لحالة تراجع النيكوتين فيه ويزيد في نفس الوقت من نجاح عملية التوقف عن التدخين بمعدل يصل بين مرتين إلى ثلاث مرات .
وتؤكد الدراسة أن تخلص المدخن من الإدمان الفيزيولوجي على التدخين يجعله يمتلك مجالا أوسع وطاقة اكبر لتجاوز العقبات الأخرى المرتبطة بالإدمان .
وتشدد الدراسة على أن كل من ينجح عن التوقف عن التدخين يتوجب عليه عدم العودة إليه في أي ظرف كان لأنه بذلك ينشط في دماغه اللهفة نحو المخدرات
وحذرت الدراسة من أن دخان السجائر يحتوي على 5000 مادة كيماوية وانه يموت سنويا في تشيكيا من جراء التدخين 18000 إنسان إضافة إلى 1500 من جراء التدخين السلبي أي بسبب وجودهم في وسط مدخن بشكل متكرر كما أن الدخان يتسبب يوميا بوفاة أكثر من 50 شخصا . وشددت الدراسة على أن التوقف عن التدخين مفيد في أي مرحلة من العمر لان التوقف يمد بعمر الإنسان ويجعل الجسم يمتلك المقدرة بشكل أفضل على مقاومة الأمراض .
التعليقات