تجارب تحمل مؤشرات إيجابية
المضادات الحيوية تعالج مرض كرون

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف : بدأ الأطباء تجربة استراتيجية جديدة في علاج المصابين بمرض كرون، الذي يصيب الجهاز الهضمي باضطرابات عديدة، حيث تشيع الإصابة به في فترة المراهقة، وفي العشرينات من عمر المرضى ويتسبب في مشكلات صحية تستمر طوال حياتهم. ويقدر عدد المصابين بهذا المرض، الذي لم يتم التوصل إلى علاج له بعد، في الولايات المتحدة الأميركية بـ 700.000 شخصًا، يعانون من التهابات وقرح وانسداد الأمعاء، وأعراض أخرى تتطلب التدخل الجراحي. وغالبًا ما يتناول المصابون مركبات عضوية قوية قابلة للانحلال، وعقاقير مثبطة للمناعة لمنع للتحكم في الأعراض المرضية.

إلا أن بعض الأطباء بصدد تجربة استراتيجية جديدة تعتمد على استخدام المضادات الحيوية كعلاج رئيسي، والهدف من ذلك يتلخص في مهاجمة العدوى البكتيرية التي يعتقدون بأنها السبب في الإصابة بهذا المرض. هذا وتأتي الدكتورة أريان بيرسي على رأس الذين يؤيدون هذه الاستراتيجية الجديدة، وبيرسي التي تبلغ من العمر 26 سنة، استمرت في تناول المضادات الحيوية على مدى 6 أشهر، فقد بدأت تعاني من آلام معوية مبرحة منذ أن كان عمرها 12 سنة، وتقول إنها أصبحت لا تعاني من تلك الأعراض لفترة تقدر بـ 90 % من الوقت.

وأضافت... quot; أشعر بتحسن ملحوظ مقارنة بأي وقت مضى، ولكن آمل في أن تستمر فاعلية الاستراتيجية العلاجية الجديدةquot;، أما طبيبها المعالج والمشرف على حالتها الصحية دكتور إيرا شافران الذي عكف، منذ سنوات، على دراسة احتمالات تسبب العدوى البكتيرية في الإصابة بمرض كرون، فيعتقد أن الطفيليات المسببة للإصابة بهذا المرض قريبة الشبة بتلك التي تسبب الإصابة بالدرن، وبعض الجراثيم الفطرية الأخرى المسببة لأمراض كثيرة منها MAP.

ويقول دكتور شافران... quot;إن إتباع العلاج بالمضادات الحيوية المكثفة في وقت مبكر من الإصابة من الممكن أن يساعد عددًا كبيرًا من المرضى في التحسن والتحكم على نحو أفضل في أعراض هذا المرضquot;، يذكر أن الدكتور quot;شافرانquot; بدأ تجاربه على استخدام المضادات الحيوية على مرضاه مع أواخر التسعينات وقد سجل نتائج إيجابية ولكن بدرجات متفاوتة. quot;فبينما أخفقنا في تحديد نوع الطفيليات المسببة لمرض كرون على وجه الدقة، ما زالت تتوافر لدينا أدلة علمية كافية ... على أن البكتريا تضطلع بدور محوري في منشأ هذا المرض وشدة أعراضه.
اكتشف مرض كرون في عام 1932 وأطلق عليه اسم مكتشفه الطبيب quot;بوريل بي. كرونquot;، وهو يسبب التهابات معوية بالغة، وقد اقترن بتشخيصه تاريخيًا اعتقاد سائد بين الأطباء بأن له أس1باب تتعلق باضطرابات المناعة الذاتية للجسم.

فهذه الحالات تحدث عندما يبدأ الجهاز المناعي للجسم في مهاجمة أنسجته- وفي هذه الحالة تكون الأنسجة المستهدفة هي أنسجة الجهاز الهضمي، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح الأطباء غير مقتنعين بأن مرض كرون ناتج عن هجوم الجسم ذاتيًا على أنسجته، وأن الخطأ يكمن في التعامل مع مسبباته وهي بكتيرية الأصل، على الأرجح، والتي تعيش في أنسجة الأمعاء بصورة طبيعية، وتتواجد بالمليارات للمساعدة في عملية هضم الطعام وليس هناك خطر أو ضرر في وجودها في الحالات المعتادة.

ويتوقع الأطباء بالنسبة للمصابين بمرض كرون أن الطفيليات المسببة للمرض تثير استجابات مناعية مزمنة وواسعة المدى تُحدث اضطرابات بالغة بجسم المصاب نتيجة تدمير خلايا الجهاز الهضمي، ومن ثَمّ شعور المريض بآلام مبرحة. وعلى المصابين مواجهة آلام المغص والإسهال والشعور بالحاجة الملحة لدخول دورة المياه، وتتطور الحالة إلى الأسوأ مع تقدم المريض في العمر.

إنه مرض شائع بين صغار السن والشبان، يصيبهم في وقت يتوجب عليهم أن يستعدوا خلاله للانتظام بمدارسهم وجامعاتهم، أو الاستعداد للزواج أو بدء حياتهم المهنية الجديدة، ويقول دكتور دانيال بريسنت الخبير في مرض كرون بكلية طب ماونت سيناي في نيويورك... quot; يمكن أن تمثل الإصابة بهذا المرض خطورة حقيقيةquot;.

إن بعض المرضى يحتاجون إلى العلاج بالعقاقير المثبطة للجهاز المناعي، وعدد كبير منهم يتعاطون المضادات الحيوية على الرغم من أن ذلك يستمر لفترات قصيرة مقترنًا بتعاطي أدوية أخرى في العادة.

وذكر دكتور جوناثان برون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس أنه ما زال الوقت مبكرًا لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن تلعب العقاقير دورًا أكثر فاعلية في التحكم في هذا المرض وأعراضه، وبالرغم من أن العديد من الأطباء يشتبهون بأن ثمة علاقة وثيقة بين الإصابة بالمرض والبكتريا، إلا أنه على حد وصف برون ليس هناك إجماع على صحة ذلك الاشتباه، كما أنه ليس هناك إجماع على أنواع معينة من البكتريا التي يمكن الجزم بأنها السبب المباشر في الإصابة، وبالمثل لا يمكن الجزم بأسماء المضادات الفعالة في السيطرة عليه، وليس هناك وضوح بالنسبة لمدة العلاج بالمضادات للحصول على نتائج إيجابية.

ويضيف برون... quot; هناك أبحاث كثيرة ينبغي إجراءها على بكتريا الأمعاء وأعتقد أننا إذا نجحنا في فهمها بطريقة أفضل فسوف نكون أقدر على اقتراح طرق جيدة للعلاج، أما في ضوء ما يتوافر لدينا من معلومات حتى اللحظة الراهنة، من المهم أن يُذكر أن دكتور برون يشغل منصب رئيس اللجنة القومية للاستشارات العلمية الخاصة بالمؤسسة الأمريكية لمرض كرون وأمراض القولون.

فمن المهم أن ندرك أنه بينما قد تساعد المضادات الحيوية مع بعض المرضى، ليس هناك علاج ثبتت فاعليته في معظم الحالات.

يقدر دكتور شافران من واقع ممارسته العملية أن نحو 100 من المصابين بمرض كرون يتبعون العلاج طويل المدى بالمضادات الحيوية، وربما يستمرون في تعاطي هذه العقاقير لسنوات، هذا ويستمر دكتور quot;شافرانquot; في متابعة مرضاه للوقوف على مدى ما تحرزه حالتهم من تقدم، بهدف الاتجاه إلى خفض الجرعة تبعًا لدرجة النجاح في السيطرة على أعراض المرض.

ويقر شافران بأن هذا الأسلوب لا ينجح دائمًا. فهناك من بين المرضى فتاة تُدعى كيرا بانكس في الخامسة والعشرين من عمرها، تتعاطى المضادات الحيوية بدون أدنى نتائج إيجابية، وأصبحت حاليًا تتناول العقاقير المثبطة للمناعة التي لاحظت أنها تنقذها من الآلام المبرحة.وتقول بانكس ... quot; إنه قد يتحول إلى مرض مدمرquot;.

ويقول شافران ومن يوافقونه الرأي من زملائه الأطباء quot; ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الأبحاث حول المنشأ البكتيري للمرض، فحنى هذه اللحظة ركز كثيرون على بكتريا الجراثيم البكتيرية، نظرًا لأنها من الكائنات التي تتسبب في اضطرابات معوية تصيب الماشية تعرف باسم مرض quot;جونquot;.

ويشير شافران إلى أن البكتريا المسببة لمرض MAPما زالت لا تقدم الإجابة الشافية للإصابة بمرض كرون، وذلك بسبب العوامل الوراثية ومسببات بيئية عديدة ما زلنا لا نعرف عن دورها الكثير والكثير، وأعرب عن قلقه حيال شركات الأدوية التي لا تحقق الكثير من أرباحها المالية من خلال مبيعات المضادات الحيوية، وعلى ذلك قد لا تبدِي اهتمامًا كبيرًا بأبحاث الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية في علاج المصابين بمرض كرون.
هذا وما زال الأطباء رهنًا لعاداتهم العتيقة وما زالوا يصفون العقاقير المثبطة للجهاز المناعي لمرضاهم، فضلاً عن عقاقير أخرى يعتقدون أنها تساعد في تطويق المرض وأعراضه.

ويضيف شافران ... quot; قد يقول كثيرون: لماذا ينبغي أن نستخدم سلاحًا محدود المدى، في حين أن الأسلحة الأقوى تأثيرًا متاحة تمامًا؟ في إشارة إلى 44 عقار بديلquot;.
يقوم طبيب آخر هو دكتورويليام تشامبرلين من تكساس بمعالجة الحالات التي تعاني من مرض كرون باستخدام المضادات الحيوية وغالبًا ما يتم ذلك بالاعتماد على مجموعات عامة وشاملة من هذه المضادات التي يقول عنها إنها توفر علاجًا منخفض التكلفة، مع محدودية آثارها الجانبية.

ويعلق تشامبرلين، الأستاذ المشارك بجامعة تكساس تك، على ذلك قائلاً... quot; لا يمكنني القول بأنها تمثل علاجًا للمرضى، على الرغم من أن بعضها يحقق نتائج إيجابيةquot;، إلا أن منها أيضًا ما لا يجدي نفعًا على الإطلاقquot;.