أنواعه أعراضه وعلاجه
سعال الأطفال لا يجوز إهماله

د. مزاحم مبارك مال الله: تعاني الكثير من العائلات وخصوصًا في فصل البرد من مشاكل صحية، خاصة لدى الأطفال، والتي تحتاج حقًا الى الإهتمام الخاص، ومن أهم تلك الأمراض، أمراض الجهاز التنفسي، كون تلك الأمراض لها خصوصيتها عند الأطفال من حيث المسبب ومن حيث فسيولوجية الجهاز نفسه ومن حيث الجهاز المناعي. تشترك العديد من أمراض الجهاز التنفسي كما في الكبار بمجموعة من الأعراض والعلامات ويبدو أهم كل تلك الأعراض هو السعال، الذي يكون في العديد من الحالات مصدر خوف وقلق وأحيانًا إزعاج للأبوين، فيثير الطفل الشفقة كون السعال عنده لا يهدأ ولا يدعه يرتاح بليله أو نهاره، كثير من الأطفال وبسبب كثرة نوبات السعال واستمرارها يفقدون صوتهم أو يحصل تغير في أصواتهم، أحيانًا تكون نوبات السعال مصحوبةً بالأزرقاق أو بالتقيؤ.
السعال لدى الأطفال يجب أن يؤخذ بجدية تامة في جميع الأوقات ولا يجوز تركه أو أهماله أو الإجتهاد بعلاجه، لذا توجب على الأبوين أو على من يرعى الطفل أن يراعي الأمور التالية:
1.مراجعة أقرب مؤسسة صحية حينما يبدأ السعال عند الطفل .
2.أن تكون لديهما قدرة ولو بسيطة من المعلومات حول أسباب السعال وكيفية التعامل معه.
3.لا يجوز إستخدام أي علاج بشكل كيفي وخصوصًا مضادات السعال سواء الشرابات منها أم القطرات.
قلنا إن طبيعة أمراض الجهاز التنفسي عند الأطفال تختلف عنها في الكبار، كون غالبية تلك الأمراض فيروسية عكس ما لدى الكبار حيث تكون غالبيتها بكتيرية، إلاّ إذا ما حصلت مضاعفات أو إلتهابات بكتيرية ثانوية، وعلى هذا الأساس فالإطباء يؤكدون دومًا على تحاشي إستعمال المضادات الحياتية في المراحل الأولى لعلاج سعال الأطفال، فهنا لا فائدة من إستخدامها كونها تشكل عبئًأ (أغلب العلاجات) على كبد الطفل، ممكن أن تسبب الأسهال (إذا أخذت عن طريق الفم)، تكون سببًا لإنتشار الفطريات، حصول مقاومة البكتيريا لهذا المضاد الحياتي أو ذاك.
أسباب السعال:
1.مَرَضي ( فايروسي أو بكتيري )
2.تحسس في الجهاز التنفسي
3.تشوهات ولادية في الجهاز التنفسي
4.الأجسام الغريبة .
ما يهمنا هنا البحث في موضوع السعال المَرَضي والناتج عن الإصابة بالفايروسات أو البكتيريا، علمًا أن السعال يكون مشتركًا في غالبية تلك الأمراض ومنها الأمراض الإنتقالية كالحصبة والحصبة الألمانية، السعال الديكي، الحمى القرمزية وغيرها .

أولاً ـ الزكام / الرشح والأنفلونزا
يصاب الكثير من الأطفال نتيجة تغيرات المناخ خصوصًا تلك الأيام التي تهبط فيها درجات الحرارة بالعديد من الأمراض الفايروسية ومنها الرشح (الزكام) والإنفلونزا، حيث يصاب الأطفال عدة مرات بالعام الواحد ، ولما كانت أنواع الفايروسات عديدة فلايوجد لقاح محدد ضدها ،ويمتاز الرشح بالعطاس وسيلان الأنف،ونزول الدمع من العينين أضافة الى السعال ، فتؤثر كل هذه على مزاجيته ويصبح قلقًا غير مرتاح ويبكي كثيرًا، يرفض الطعام مع أرتفاع بحرارته. الزكام والإنفلونزا يحتاجان إلى الراحة مع إعطاء السوائل الدافئة ومخفضات الحرارة. ومن الأمراض الأخرى التي تصيب الأطفال ألتهاب البلعوم واللوزتين. أما إلتهاب الجيوب فهي تمتاز بالحمى والصداع والرشح أضافة الى السعال.

ثانيًاـ إلتهاب الحنجرة
من الأمراض التي تصيب الأطفال وتمتاز بالسعال، التنفس الصعب، إلتهاب الحنجرة نوعانالأول هو التشنجي والذي يسبب الرعب والخوف لدى الأبوين، فالطفل يستيقظ فجأة في الليل جراء سعال شديد وحشرجة وبحة بالصوت مع ضيق بالتنفس، وهو ناتج عن ألتهاب الحنجرة إثر الرشح أو وجود الحساسية في المسالك التنفسية ، يتكرر هذا النوع من السعال أكثر من مرة في الشتاء الواحد .النوع الثاني فهو الفايروسي وعادةً ما يكون شديد ويصيب القصبة الهوائية ايضًا ويبدأ بعد الرشح ويزداد سوءًا تدريجيًا فيصاب الطفل بسعال نباحي مع ضيق التنفس وزيادة بالإفرازات التنفسية فيؤدي الى حصول الأزيز الذي يُسمع أثناء الشهيق ويكون مصحوبًا بإرتفاع الحرارة، في بعض الحيان يكون السعال مصحوبًا بالإزرقاق .
إلتهاب الحنجرة يصيب الأطفال ما بين عمر 6 أشهر و3 سنوات. إن حصول مثل هذه الأعراض تستوجب من الأبوين نقل طفلهما وعلى عجل الى أقرب مؤسسة صحية.

ثالثًاـ إلتهاب القصيبات
من أمراض الجهاز التنفسي والتي تسبب السعال الشديد وهو مختلف عن إلتهاب القصبات، يصيب الأطفال دون السنتين من العمر تسببه فايروسات تؤدي الى حصول الوذمة ( تورم مائي ) في القصيبات مما يتسبب بصعوبة التنفس ، ربط العلماء بين الأصابة بهذا المرض وبين حصول الربو القصبي حينما يكبر الطفل وربما يعود السبب الى التحسس القصبي تجاه الفايروسات المسببة للمرض . إن الأصابة بهذه الفايروسات تحصل عن طريق العدوى المباشرة من شخص مصاب الى أخر بواسطة المسالك التنفسية سواء في البيت أو في دور الحضانة . الطفل يعاني من كل علامات وأعراض الرشح والأنفلونزا أضافة صعوبة التنفس الواضحة حينما تنسحب عضلات البطن تحت الصدر الى الأسفل أضافة الى صدور صفير أثناء زفير الطفل ، في بعض الحالات الشديدة يظهر الأزرقاق حول فم الطفل وفي أطراف أصابعه .

رابعًاـ إلتهاب ذات الرئة
هو ألتهاب النسيج الرئوي ، سهل العلاج أذا ما تم التشخيص بسرعة ،أغلب أسباب المرض عند الأطفال ، فايروسية ، ولكن هناك أسباب بكتيرية . كثير من حالات ذات الرئة تحصل بعد الإصابة بالرشح أو الإنفلونزا أو الحصبة . إن المرض يحصل بالعدوى وأن الأطفال ذوي المناعة الضعيفة ( كالذين يُعالجون من أمراض سرطانية ) أو ممن يعانون من الحساسية التنفسية أو من مرض التكيس الليفي هم الأكثر عرضة للأصابة بذات الرئة .
ذات الرئة تسبب أرتفاع بحرارة جسم الطفل ، تعرّق وقشعريرة ، فقدان الشهية أما الرضيع فيرفض الرضاعة ويبكي كثيرًا، مع سعال وتسارع بمعدلات التنفس مع سحب عضلات مابين الأضلاع الى الداخل ، في الحالات الشديدة يزرق الطفل .

خامسًا ـ السعال الديكي
من الأمراض التي تمتاز بصعوبتها وقابليتها على الإنتشار وبسرعة، تسبب نوعًا من البكتيريا ، المرض يمر بمراحل، المرحلة الأولى تستمر أسبوعًا تمتاز بإفرازات تنفسية مُعدية وفيها يعاني المصاب من ألتهاب الجفنين والأنف مع سعال جاف. المرحلة الثانية تمتاز بنوبات سعال مفاجأة شديدة متعددة كل 24 ساعة تحصل خصوصًا في الليل، السعلة الواحدة تكون قصيرة وحادة تتسارع في العدد والمدة (40ـ 50 سعلة بالنوبة الواحدة) وتنتهي بشهيق عميق يشبه صوت الديك والسبب في سماع هذا الصوت هو ضيق المسالك التنفسية، إن نوبات السعال ربما تنتهي بالتقيؤ. هذه المرحلة ربما تستمر عدة أسابيع تتبعها مرحلة النقاهة والتي تكون فيها نوبات السعال أقل والبلغم يصبح اقل لزوجة. عادة ما تهبط مناعة المصاب بعد المرض. من أخطر ما يمكن أن يتعرض له المصاب أثناء السعال هو الأضرار التي تلحق بالمخ جراء نقص الأوكسجين، نزف في العينين ، تقرحات اللسان. واحدة من أهم مضاعفات السعال الديكي هو إلتهاب ذات الرئة. إن المرض يصيب الأطفال الصغار دون السنة من العمر ويشكل خطورة حقيقية على حياتهم. للمرض لقاح يُعطى في الأشهر الأولى من العمر .

سادسًاـ الخنّاق (الديفتيريا)
مرض خطر جدًا يسببه نوع من البكتيريا التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي، ويمتاز بوجود حاملي المرض(أي أشخاص يحملون الجرثومة دون ظهور الأعراض ولكنهم ينقلونها الى الآخرين )، العلامة التشخيصية هي وجود غشاء ابيض رقيق بين اللوزتين محاط بحدود واضحة من الإلتهاب. المرض يمتاز أيضًا بوجود تورمات مؤلمة للغد اللمفاوية في الرقبة، إرتفاع بالحرارة مع تسارع بضربات القلب. المرض أنواع، ونوعه الخطر ذلك الذي يعاني المصاب فيه من بحة بالصوت وسعال حشرجي قوي وعالي النبرة والخطورة تكمن في إنسداد التنفس .المرض له لقاح يعطى ضمن البرنامج اللقاحي للأطفال .
من المفيد جدًا أن ننبه الأم بصورة خاصة الى إن الأطفال الصغار ميالون لوضع بعض الأشياء في أنفهم أو في فاههم، وبالتالي تنزلق تلك الأجسام الغريبة الى مسالكهم التنفسية الأجسام الغريبة التي تدخل بهذه الطريقة تجعل الطفل يسعل بإستمرار ولأسابيع مع إرتفاع حرارته، ولا يستجيب لأي نوع من العلاجات فيتم تشخيص الأجسام الغريبة بوساطة الأشعة. ومن الأمور الأخرى التي تحتاج إلى الإنتباه والحذر هي حالات شرب النفط (الكيروسين) من قبل الأطفال الصغار والتي سجلناها في ردهات الطوارئ وتمتاز بنوبات سعال جافة قصيرة متواصلة لا تهدأ مع إحمرار في العينين، ويمكن بسهولة تشخيص الحالة حينما نشم رائحة النفط من فم الطفل، النصيحة الذهبية التي نقدمها هي منع تقيؤ الطفل، نحيله الى المستشفى لنسقيه مادة تمنع تطاير النفط مثل البارافين. إن تقيؤ الطفل الذي يشرب الكيروسين يسبب ذات الرئة.