تتواجد في مناطق ظروفها الصحية متخلفة
الجمرة الخبيثة... مرض معد وقاتل


د.مزاحم مبارك مال الله : أوردت الأنباء أخيرًا أخبارًا عن تشخيص عدد من حالات الجمرة الخبيثة في العراق وخصوصًا في منطقة أقليم كوردستان. إسم المرض باللغة الإنكليزية (أنثراكس) وهي كلمة يونانية تعني الفحم بسبب التقرحات الجلدية السوداء التي تحصل لدى المصاب، وتنتشر جرثومة المرض في أميركا الوسطى والجنوبية، جنوب وشرق أوروبا، واسيا، وأفريقيا، والشرق الأوسط. هو مرض يصيب الحيوانات الداجنة (الخنازير الخراف، الماعز، الجمال، الخيل والأبقار والثيران) عن طريق إستنشاق أو تناول بوغات عصية بكتريا الجمرة(والبوغات هي مرحلة أو هيئة من تطورالجرثومة تبقى فترة طويلة في التربة وفي المنتجات الحيوانية الى أن تتحول الى البكتريا مَرَضية تحت ظروف معينة)، وقد إستفادت القوى التي تصنع وتوزع الموت من هذه الخاصية وهي خاصية بقاء ومقاومة الجرثومة لمختلف الظروف، في تصنيع وتوزيع السلاح الجرثومي، وسبب مقاومتها وبقائها هو وجود غلاف سميك يحميها.
ولدى الإنسان مرض الجمرة الخبيثة يصيب الأطباء البيطريين والعاملين في المختبرات وتجار الماشية والفلاحين والعاملين بالحقول، ويصيب القصابين وكذلك العاملين في مجال جلود وشعر وصوف ومخلفات الحيوان الأخرى وخصوصاً في المناطق التي تمتاز بتوطن المرض، ولا تنتقل العدوى من شخص إلى آخر.
مرض الجمرة الخبيثة يتواجد في المناطق ذات الظروف الحضارية والصحية المتخلفة(بل المهملة)وخصوصًا تلك التي يتعامل أهلها ببدائية تامة مع ما يمكن أنتاجه من جلود الحيوانات كالأفرشة والأغطية وحاويات الماء(المصنعّة من المخلفات الحيوانية)أضافة الى تناول لحوم الحيوانات المريضة أصلاً خصوصاً بظروف أنعدام الرقابة الصحية والقيود البيطرية في ذبح وتوزيع اللحوم.
الإصابة الأولية تبدأ في الجلد،الأنف،القصبة الهوائية،الحنجرة، الرئتين وأجهزة أخرى،ومن خلال أي جزء من هذه الأجزاء فالبكتيريا تنتشر الى العقد اللمفاوية مسببة وجود البكتريا بالدم مصيبة الطحال والرئتين والأغشية الدماغية.


الصورة المرضية
فترة حضانة المرض(وهي الفترة المحصورة بين دخولها الى الجسم وبين ظهور الأعراض والعلامات)تبلغ عادةً 1 ـ 3 أيام( أحياناً 60 يوم)،وحينما يدخل المرض عن طريق الجلد(الجمرة الجلدية/وتشكل نسبة عالية جداً من الأصابات)وعن طريق التعامل مع جلود ومخلفات الحيوانات المصابة فالألتهاب الجلدي يظهر على الجزء المكشوف من الجلد،والشائع هو الوجه.
الإلتهاب يبدأ كبقعة(تشبه لدغة الحشرات)على شكل قرحة(1 ـ 3)سم وفي منتصفها منطقة سوداء،تمتاز بالحكة والتي تكبر الى حويصلة مملؤة بسائل محاط بوذمة(تورم)كبيرة.
الألتهاب بشكل عام غير مؤلم ولكن يصاحبه تضخم الغدد اللمفاوية الخاصة بالمنطقة،وفي بعض الأحيان يعاني المريض من آلام عضلية وصداع وغثيان وقيء.
الحويصلة تجف مكونة ندبة سوداء سميكة محاطة بفقاعات.
أحياناً يوجد عدد من هذه الإلتهابات أو الإصابات الجلدية.
لدى المصاب الضعيف أو الهابط المناعة فإنه سيعاني من إرتفاع الحرارة وتسمم دموي ثم الموت.
وحينما يتناول الشخص لحمًا مصابًا بالجرثومة لم يطبخ بشكل جيد أو ألبان غير مبسترة(الجمرة الهضمية أو المعوية/وهي نادرة)فالمريض يعاني من غثيان وفقدان الشهية ومغص ثم إسهال شديد وتقيؤ دموي، وغالبًا ما يحصل تقرحًا محاطًا بوذمة في البلعوم مع إلتهابات معوية حادة تؤدي الى الموت.
أما الذين يصابون عن طريق الإستنشاق(الجمرة التنفسية/وتشكل نسبة 5%من الأصابات)فيعانون من السعال والعطاس وبعد مرور 36 ساعة فيحصل لديهم إلتهاب الحنجرة الحاد أو إلتهاب ذات الرئة القيحي النازف.
التشخيص
1.التأريخ المرضي مع المعاينة السريرية.
2.عزل الجرثومة من الدم أو الجلد أو الأفرازات التنفسية.
3.هناك نوع من الأجسام المضادة الخاصة توجد في أمصال المصابين.

العلاج
بأستخدام المضادات الحيوية وبجرع محسوبة.
معلومات أضافية
1.السبورات(الأبواغ)تلتصق بعضها مع بعض وتشكل سائلاً.
2.ويمكن أستخدام الجمرة الخبيثة كسلاح ولكن يجب تحويلها الى مسحوق يتم أستنشاقه.
3.ولغرض تحضير هذا المسحوق القاتل يجب أن يكون حجم البواغ (1 ndash; 5) ميكرون ـ المايكرون هو جزء من ألف من المللمتر للتمكن من الدخول الى الرئة.
4. اللقاح هو مصل لايحتوي على البكتريا ولكنه يمنح المتلقي مناعة تصل الى 93% ،واللقاح عبارة عن أبرة تعطى تحت الجلد (ثلاث جرعات بين واحدة وأخرى 14 يوم) ثم ثلاث جرعات في الأشهر السادس والثاني عشر والثامن عشر، أحياناً تعطى جرعة مقوية سنوية.

الوقاية
1. التوعية الصحية.
2. تفعيل دور الرقابة الصحية والبيطرية.
3. يوجد تطعيم ضد الجمرة الخبيثة في البلدان المتطورة ويستخدم في حالات محددة كالقوات المسلحة.
نبذة تأريخية عن الحرب البايولوجية بالجمرة الخبيثة
1.بدأت اليابان برنامجها في الحرب البيولوجية وتحديداً الجمرة الخبيثة بين عامي 1937 و1945 حيث خزّنت 400 كغم من بودرة الجمرة الخبيثة.
2. أسقطت الولايات المتحدة الأميركية فوق كوريا الشمالية بين عامي 1950 و1953 ريش طيور ملوّث بالجمرة الخبيثة.
3. عام 1979 حصل أنفجار في المجمع العسكري رقم 19 في روسيا أدى الى وفاة 1000 شخص،ثبت أنهم ماتوا بسبب الجمرة الخبيثة وتم دفنهم بطريقة خاصة بعيداً عن تواجد أقربائهم.
4. أستخدمت في التسعينات من القرن الماضي وبدايات الألفية الثالثة بودرة الجمرة الخبيثة في عدة أماكن من أميركا وبواسطة البريد.