يعتبرونها كبديل في ظل النقص الحاد
إقبال متزايد على الحجامة والتداوي بالأعشاب في غزة

نجلاء عبد ربه من غزة: باتت المحلات والأسواق الخاصة للأعشاب تشهد إقبالاً متزايدًا في غزة، بعد الضائقة المالية والحصار الإسرائيلي المتواصل الذي منع عنهم عشرات الأنواع من الأدوية الكيماوية، فأضطر الفلسطينيون لتعويض تلك الأدوية بأدوية عربية قديمة، كالأعشاب المختلفة التي أستخدمها الإنسان القديم. ولحقت المحلات الخاصة بالأعشاب في ركب الربح الخاص كتجار الأنفاق وغيرها. إلا أن تلك الأعشاب تفتقد كغيرها من السلع والأصناف، مما يهدد بإغلاقها مستقبلاً في حال بقي الحصار على حاله. ويحكي جمال عنابة رحلة نجاح محله الذي أنشأه قبل حوالي 15 عامًا، لكنه بقى كغيره من المحلات يعاني من وضع إقتصادي ودخل محدود قياسًا بهذه الفترة. وقال عنابة لإيلاف quot;كنا نعتمد في مواسم الأعياد والمناسبات المختلفة على ربح المحل، لكننا الآن نبيع بشكل جيدquot;.
وأضاف quot;يبدو أن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والنقص الشديد في الأدوية، اجبر الفلسطينيون لإستخدام الأعشاب كطب بديل، أو كما يقولون الطبابة بالاعشاب والحجامة، خاصة تلك الأعشاب التي تداوي الأمراض الخفيفةquot;.
وتتواجد في محل عناية حاجة تجاوز عمرها الستين. وأشارت لإيلاف أنها تداوم على شراء أعشاب تعتقد إنها لمعالجة الآم المفاصل. وقالت quot;أنا مقتنعة تمامًا منذ سنوات بأن تلك الأعشاب مفيدة جداً لمفاصل الركب(..) حتى وإن لم تكن مفيدة فهي لن تضر أبداًquot;.
واعتادت المسنة رسمية محمود، حسبما قالت لإيلاف، على تناول الأعشاب المختلفة من والدتها. وقالت quot;قبل عشرات السنين لم يكن الطب الكيميائي متوفراً، وكانت الطبابة العربية هي الشائعة في ذلك العصر، ومع هذا فقد كانت ناجعة وغالباً ما أستخدمها الناس في معالجة أمراض كثيرةquot;.
وعزا الدكتور مبروك فؤاد إقبال الغزاويون على شراء الأعشاب والتداوي بها، لغلاء أسعار الأدوية وعدم توفر معظمها في الصيدليات، بسبب الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من عامينquot;.
وقال الدكتور مبروك لإيلاف quot;قد تفيد تلك الأعشاب أمراض متعددة كالمغص والآم البطن وأنواع من أمراض المفاصل، لكنها لن تكون بديل دائم في حال مضاعفة تلك الأمراضquot;. وحذّر فؤاد في الإفراط من استخدام تلك الأعشاب. وأكد أن العديد من المحلات تبيع أعشاب دون دراية كاملة بمفعولها على جسد الإنسان، أو المضاعفات الجانبية الناتجة عن إستخدامه.

ومن الأمراض التي تعالجها الحجامة، بحسب الشيخ إبراهيم عثمان، الدوالي وعرق النساء، والتي تساعد على خروج الدم الفاسد، حسبما قال. وأضاف لإيلاف quot;عشرات الشباب والنساء يأتوني وأعاجلهم بالحجامة quot;الكيquot;، وتستفيد الغالبية من هؤلاء المرضى من تلك الحجامةquot;.
ولا يخفي الشيخ إبراهيم أن أعداد المرضى إزدادت بشكل كبير في السنتين السابقتين، نظرًا للظروف الإقتصادية السيئة التي يعيشها سكان قطاع غزة، البالغ عددهم مليون ونصف مليون، إلا أنهم- قبل الحصار- كانوا غير مهتمين بهذه الأنواع من العلاجات، ويثق أغلبهم بالطب الكيميائي والعمليات الجراحية والأدوية التي تصرف من الصيدليات. وقال quot;هذه الفترة زادوا بشكل كبير، خاصةً وأن الدين لا يعارض هذا النوع من العلاج بل يثني عليه ويحض على إتباعه، في وقت كان عددهم قليل جداً مما يستعين في العلاج بالحجامة سابقاًquot;.
لكن إيناس العثامني لم تفضل الذهاب لهذا النوع من الطب، وفضلت الطبيب المختص في علاج ما تعاني منه. وقالت العثماني لإيلاف quot;لا أثق بغير الأدوية العادية والعمليات الجراحية، لكن الحجامة فهي مخيفة جدا بالنسبة لي، خاصة أن المعالجين يجرحون المريض دون تخدير. وهناك مرضى يجرحون رؤوسهم أو رقابهم أو منطقة الظهر والبطنquot;.
وإعتاد محمد حسونه على زيارة الشيخ زهير في جنوب مدينة غزة في العام الواحد مرتين. وقال لإيلاف quot;أتعالج بالحجامة للتخفيف من وجع ظهري وركبي، وأبقى بعد العلاج نشيطا لأشهر طويلة، لكن بعض الناس يرفضونه من باب الجهالة بفوائده، أو إنهم تعالجوا عند من ليس لهم دراية كافية بالحجامة وكيفية العلاج بهاquot;.
وأكد حسونه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمر بالحجامة في أيام السابع عشر أو التاسع عشر أو الحادي والعشرين، لقوله (عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ. رواه ابن ماجة).