حوار مع العين ليلى شرف
سلوى اللوباني من القاهرة: العين quot;ليلى شرفquot;، عضو مجلس الاعيان الاردني 2003-2007، من الاسماء النسائية اللامعة في الاردن، شغلت العديد من المناصب الوظيفية والتطوعية، حاصلة على درجتي البكالوريس والماجستير ndash;آداب- من الجامعة الامريكية في لبنان، ملمة بالعديد من اللغات مثل الانجليزية والفرنسية والاسبانية، حاصلة على وسام الكوكب من الدرجة الاولى، رئيس الجمعية الملكية لحماية الطبيعة منذ عام 2001،نائبة رئيس المؤسسة العربية للتحديث الفكري، رئيسة مجلس الامناء جامعة فيلادلفيا الاهلية منذ عام 90، نائبة رئيس اللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون منذ 81، وعضو مجلس امناء كل من جائزة الملك عبد الله الثاني للابداع منذ 2001، مؤسسة الملك حسين منذ 2000، منتدى الفكر العربي منذ 88، كما شغلت منصب وزير اعلام 84-85، وزوجة الراحل quot;عبد الحميد شرفquot; كان سفيرا للاردن في الولايات المتحدة، والمندوب الدائم لدى الامم المتحدة، واصبح فيما بعد رئيساً للوزراء بعد أن كان رئيساً للبلاط الملكي. دار الحوار مع معالي السيدة quot;ليلى شرفquot; حول دور المراة الثقافي والاقتصادي والسياسي في تنمية المجتمع.
* بداية تمتلكين معاليك ثقافة واسعة غنية ومتنوعة كيف تكونت هذه الثقافة؟ وبمن تأثرت؟
- المحيط الذي ينشأ فيه الفرد كما هو معروف يؤثر كثيرا في توجهاته وفي الفرص التي تتاح له، انا نشأت في عائلة منفتحة، تحب العلم، تحترم المرأة وقدراتها ولا تميز بين الولد والبنت في التنشأة، كذلك أٌرسلت الى مدرسة كانت من أفضل مدارس لبنان تعليماً وسعة أفق في مفهومها للتربية، هذان العاملان أتاحا لي فضاءاً واسعاً في نشأتي الاولى للانفتاح والتعرف على القضايا العامة والاهتمام بها، وعلى القراءة الواسعة المجالات وقد اكتملت هذه الفرص وساعد في نضوجي اكمال تعليمي الجامعي في الجامعة الامريكية في بيروت، وهي جامعة معروفة في منطقتنا العربية بانفتاحها وتشجيعها لحرية الرأي والديمقراطية والتعليم الجيد الذي خرج أجيالاً من القيادات العربية موزعة في أرجاء الوطن ودوله من الخليج الى المغرب.
في نشأتي الاولى تأثرت بوالدي وبذكرى والدتي، أقول بذكرى والدتي لانها توفيت في صغري ولكني كنت اعرف ممن يذكرونها من أصدقائها وأقاربها صفاتها الايجابية المختلفة، كما كنت اعرف انها من أوائل النساء في لبنان اللواتي تلقين تعليما عالياً، أما والدي فهو الذي أنشأنا وشقيقتي وأخي وزرع فينا القيم والانفتاح، والبعد عن التعصب والثقة بالنفس، وأتاح لنا الفرص التعليمية والتربوية الواسعة، كان طبيباً وشاعراً وغرس فينا حب الادب والقراءة والمطالعة والبحث، وبعدما تزوجت من quot;عبد الحميد شرفquot; أصبح له الاثر الكبير في حياتي الخاصة كما في حياتي العامة، كنا زوجين وصديقين في الوقت نفسه وهي صداقة وثقة وعلاقة فكرية بدأت يوم التقينا في الجامعة واستمرت حتى وفاته، واستطيع القول انها استمرت معي بعد وفاته... وحتى اليوم.
* ما هي المقومات التي تٌمكن المرأة العربية للمشاركة الفعالة في تنمية مجتمعها؟
- مرة أخرى أعتقد ان للتربية الاساسية اثراً كبيراً على توجهات المرأة واهتماماتها ورغباتها، فالتربية التقليدية للمرأة تحصر اهتماماتها في كونها ربة منزل وأما وزوجة وربما بالمشاركة في جمعيات خيرية نسائية، نحن اليوم بحاجة الى المرأة التي تهتم بالحياة العامة لمجتمعها وتتعرف الى قضاياه وتشتغل بها، فاذا نشأت على ذلك منذ صغرها لا بد ان تضيف الى مسؤوليات الزوجة والام وربة البيت وعيها بقضايا المجتمع، والانخراط في مؤسسات ليس فقط الخيرية النسائية منها (على اهميتها) بل في مجالات أخرى مثل حقوق الانسان والديمقراطية، والحريات العامة والبيئة والحياة السياسية في وطنها وغير ذلك مما يطرأ من قضايا في مسيرة المجتمع، واذا كانت التربية الاساسية مكوناً أساسياً لاهتمامات المرأة فان التعليم ايضا من المقومات الهامة المؤثرة في مشاركتها الفعالة في الحياة العامة وتنمية مجتمعها، فالمرأة غير المتلعمة او تلك المتعلمة تعليماً ضيقاً يحد من آفاقها المعرفية والنفسية، لن تكون قادرة على فهم الظواهر التي تتولد في مجتمعها، ولن تكون قادرة على استيعاب ابعاد الحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي لهذا المجتمع، وقد أثبتت تجارب المجتمعات في العالم وفي مجتمعاتنا العربية كيف اتسع دور المرأة في القضايا العامة وخاصة في القضايا التنموية باتساع مجال التعليم وبالانفتاح، واعطاء الفرص للمرأة للتخصص والممارسة في المهن والوظيفة والعمل الخاص، وفي الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.
* من خلال مشاركتك في قمة المرأة العربية ما هي الامور التي بحاجة اليها المرأة العربية بالفعل؟
- ليس هناك باعتقادي امرأة عربية واحدة بالنسبة لهذا السؤال، فهناك المرأة العربية الامية او تلك التي يتوقع من ظروف نشأتها ان تكون أمية، هذه المرأة تحتاج الى التعليم بالدرجة الاولى، وهناك المرأة المتعلمة ولكنها في محيط ضيق يحصرها في دور واحد هو دور التابع غير القادر على السيطرة على قراره وخياراته في حياته الخاصة، وهناك المرأة العربية التي نجحت بتخطي العقبات التي تقف دونها وحقوقها الاساسية، ولكن بشكل عام أعتقد ان المرأة العربية عامة بحاجة لفرص أوسع لتتمكن من تحقيق ذاتها وطموحاتها، فلا يزال الرجل يسيطر على الحياة العامة في المجتمع العربي، وعدد النساء اللواتي استطعن اختراق الحاجز غير المنظور قليل جدا، فاذا كانت المرأة نصف المجتمع فلماذا تكون نادرة الحضور في فضاءات هذا المجتمع سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ولكن لكي تستطيع المراة أن تكون فاعلة في مجتمعها يجب ان تكون قادرة على الفعل في حياتها الخاصة، فاذا غابت حقوقها الشخصية فكيف يمكنها مثلاً أن تناضل من أجل حقوق غيرها رجلا أو امرأة، واذا حٌرمت من هذه الحقوق الشخصية فان ثقتها بنفسها وبقدراتها سوف تكون مهددة، لذلك فانني اعتقد انه بالاضافة الى التربية المنفتحة وفرص التعليم الجيد، تحتاج المرأة الى تعديل في قوانين الاحوال الشخصية التي تشمل حقوقها في عائلتها الاولى، حقوقها في خياراتها في التعليم والمهنة والعمل وضمان حقوقها الشرعية والمشروعة في الارث، واختيار الزوج وحقوقها في حياتها الزوجية(عائلتها الثانية)، بتربية أطفالها ورعايتهم وحقوقها في حالات الطلاق، وغير ذلك من الحقوق التي تمنح المرأة الامان وتعطيها الثقة بالنفس والقدرة على ان تكون عنصراً فاعلاً سواء في عائلتها أو في محيطها الضيق أو في المجتمع الواسع، من ناحية اخرى تحتاج المرأة العربية الى اعتراف مطلق من المجتمع العربي بقدراتها واهمية دورها، تحتاج ان يعترف المجتمع العربي ان حلقة التنمية المستدامة لن تكتمل بغياب المرأة وبدون حضورها في جميع المجالات وعلى مختلف المستويات، وقد أثبتت تجارب العالم ان لا تنمية بدون حضور حقيقي مؤثر ومحسوس للمرأة.
* ما هو حال المرأة الاردنية على الصعيد الثقافي الاقتصادي السياسي؟
- للمرأة الاردنية حضور في المجالين الاقتصادي والثقافي، ولكن حضورها في المجال السياسي لا يزال محدوداً، وان كانت قد تغلبت على الحواجز والعقبات الاولى في وصولها الى مراتب صنع القرار، والى لعب دور مؤثر في الحراك السياسي للمجتمع ولو باعداد محدودة، وفي المجال الثقافي هناك العديد من المبدعات الاردنيات في مجالات الادب والقصة والشعر والمسرح، كما في مجالات الدراسات والبحث العلمي والتعليم في الجامعات وحضور بارز في فضاءات الثقافة عامة، كذلك فان أعداداً متزايدة من المتخصصات المهنيات كالمحاميات والمهندسات والطبيبات والمهندسات الزراعيات وصاحبات الاعمال والمهن التي أخذت تثبت حضورها على الساحة الاردنية مما سوف يساهم باعتقادي في ترسيخ دور المرأة في الحياة العامة، ويؤثر في تقييم المجتمع الحقيقي لقدرات المرأة ودورها التنموي الهام الذي بدونه لا نتطور ولا نتقدم في مسيرة التنمية، ولكن هذا الدور لن يكتمل الا بالوصول الى حقوقها الشخصية العادلة وحقوقها السياسية الكاملة.
* وما هو المطلوب لدعم ابداع المرأة الثقافي؟
- المطلوب لدعم المرأة متعدد الجوانب من الابداع الادبي بانواعه الى الابداع في التمثيل المسرحي الى الفنون التشكيلية الى الغناء الى البحث العلمي والدراسات وكلها لها متطلباتها، اعتقد ان المؤسسات الرسمية والاهلية المعنية يجب ان تدعم حركة النشر للمساهمات النسائية والكتابية، وان تستكمل هذا بدعم انتشار منتوجها الابداعي في جميع أرجاء الوطن العربي لاننا نشعر ان هنالك حواجز غير منظورة تقف دون التعرف العربي الشامل على ابدعات المرأة العربية وخاصة المرأة الاردنية، علينا ان نفتح الحدود لكل ابداعات المرأة لنستطيع نقل لوحاتها ومنحوتاتها الى الدول العربية الشقيقة والى العالم عبر معارض تنظمها وزارات الثقافة او المؤسسات الثقافية الاهلية، علينا ان نشرك نساءنا المسرحيات المبدعات في تجارب دول عربية اخرى لتتعرف مجتمعاتها على موهبة مبدعاتنا، وعلى وزارات الثقافة في جميع الدول العربية ان ترسل البعثات الى الخارج من المبدعات في مختلف حقول الثقافة لتوسيع المدارك والافاق والاستفادة من معارف الغير وتجاربهم، ولنفسح المجال لتجارب شخصية جديدة لهن.
* كيف ترين اسهام المرأة في الفكر العربي... وهل يوازي اسهام الرجل؟
- مساهمات المرأة في الفكر العربي كالفكر القومي عامة والسياسي او الاقتصادي خاصة، لا يزال ضعيفا وقليلا بالنسبة الى مساهماتها الادبية والفنية، ولا يزال الرجل متفوقاً عليها في هذا المجال ولعل تزايد وجود النساء في الجامعات كاستاذات او متخصصات في مجال الفكر سيكون له اثر في مساهماتها الفكرية، عبر دراساتها وابحاثها العلمية وتجاربها في مجال اختصاصها او في الفضاء الجامعي البحثي الذي تعيش فيه.
* شاركت في ندوة بعنوان quot;نساء في السياسةquot; في معرض فرانكفورت عام 2004 كيف تقيمين عمل المرأة السياسي؟ ما هي المؤثرات الايجابية او السلبية على عملها السياسي؟
- باعتقادي ان جميع المعوقات التي ذكرتها في الاجابات السابقة تؤثر في موقع المرأة وضعفه في الفضاء السياسي وتؤخر مساهمتها الفاعلة، ولكن لا بد لي هنا من اضافة ظاهرة لها ابعاد سلبية على مشاركة المرأة في العملية السياسية، وهي ان أعداد النساء لا تزال تخضع للرجل في عائلتها، في خياراتها السياسية وفي طليعة ذلك خيارها في الانتخابات النيابية، لذلك فان أثر المرأة على التشريعات والقرارات العامة وعلى البرامج الانتخابية للمرشحين وعلى تنفيذ وعودهم تجاه المرأة بعد نجاحهم يبقى محدوداً جدا ان لم يكن معدوماً، وتبقى وعود المرشحين الذين يطرحون الشئ القليل من الوعود للمرأة شعارات بلا تنفيذ، ومن المؤسف ايضاً أن بعض النساء اللواتي يصلن الى البرلمانات كثيراً ما يصوتن لتشريعات تٌسئ الى مسيرة المرأة في جهودها للوصول الى حقوقها، وخاصة الشخصية منها، بالاضافة الى ذلك كثيرا ما لا تنتخب المرأة المرأة، او تختار امرأة لا تتجاوب مع مسيرة التطور المطلوب، على المرأة ان تستقل بقرارها الانتخابي حتى يكون لها في مسيرة الاصلاح والتنمية أثر ايجابي عليها وعلى نوعية حياتها.
* من خلال خبرتك الواسعة والثرية هل يدعم المجتمع الاردني المرأة للقيام بدورها المزدوج كام وسيدة عاملة؟
- حتى اليوم أعتقد ان المرأة حظيت بدعم القيادة العليا في الاردن من جلالة الملك ومن رئيس الوزراء وبعض الوزراء اكثر من دعم المجتمع لها، فالمجتمع لم يصل بعد الى حمل المرأة الى مراتب صنع القرار والى الاعتراف باهمية عملها العام وضرورته للنهضة التي نريد، كذلك فان المرأة العاملة انما يقبل المجتمع عملها لانها تزيد من دخل العائلة وليس العمل بذاته وأهميته لها ولنموها وتفتحها وتحقيق ذاتها واستقلالها الاقتصادي، فالمرأة الاردنية وصلت الى مراكز متقدمة في العمل العام بفضل تقدير القيادة لاهمية دورها وقدراتها وليس لان المجتمع اختارها للاستفادة من قدراتها ومواهبها، والا لما اضطررنا الى الكوتا في قانون الانتخاب مثلا، ولكن هنالك كلمة حق تقال للمجتمع الاردني وهو انه عندما تصل المرأة الى مراتب متقدمة في الحقل العام يتعامل معها باقتناع بقدرتها وبتقدير لعملها وباحترام منصبها، كما يتعامل مع الرجل ان لم يكن باكثر احتراماً واعجاباً كذلك، ولكني اعتقد انه بتزايد أعداد النساء في ساحة العمل حتى يصبح عندنا ما يسمى quot;بالكتلة الحرجةquot; (اي الاعداد التي يمكنها ان تصنع التغيير)، سيبدأ المجتمع التعود على وجودها هذا كأنه أمر واقع وطبيعي، وستفتح الابواب شيئاً فشيئاً لتصبح المرأة والرجل شريكين فعليين في مسيرة التنمية لا فرق بينهما في المواقع والمسؤوليات.
* وبالنسبة للدور المزدوج؟
- موضوع الدور المزدوج للمرأة كام وزوجة وربة بيت من جهة وامرأة عالمة من جهة اخرى، لا بد من القول اننا لم نصل بعد الى الحالة المثلى، فالزوج العربي بشكل عام لم يعتد بعد على مساعدة زوجته في ادارة البيت او في تربية الاطفال، وبعضهم يرى في ذلك انتقاصاً من قيمته، ولكن قناعتي ان ظروف الحياة الجديدة ومتطلباتها ستقنعه بان عليه ان يساهم في حمل عبئ الاعمال المنزلية مثلما تتحمل زوجته عبئ مساندته في دخل العائلة، هكذا فرضت الحياة ومتطلباتها على الرجال في ثقافات ومجتمعات اخرى، وهكذا باعتقادي ستفرض نفسها على الرجل العربي، اما ما تقدمه الدولة او المجتمع للمرأة العاملة لتسهيل دورها المزدوج فان الاردن قد تقدم الى درجة كبيرة في هذا المجال فالقوانين تفرض على كل مؤسسة بين موظفيها نساء لهن عدد معين من الاطفال ان تكون لها حضانة، والام الحامل تمنح اجازة امومة تمتد لثلاثة أشهر، وغير ذلك من العوامل المساندة واعتقد ان القادم من هذه التسهيلات لن يكون بعيدا.
* تعيشين في الاردن منذ عام 1965 اي رافقت مسيرة الاردن في مراحل مختلفة الى ان وصلت الى هذه المرحلة، ما هو اهم ما سجلته ذاكرتك؟
- كثيرة هي التغييرات التي حدثت منذ ان انتقلت الى الاردن عام 65، فقد خطا الاردن عبر العقود الاربعة الماضية خطوات واسعة جدا من العمران والتطور، وفي مجال الحراك الاجتماعي والاقتصادي والثقافي كما في مجال المؤسسات العامة والخاصة، جئت الى الاردن ولم يكن هنالك مجتمع مدني ذا حضور فاعل فاذا به اليوم يلعب دورا كبيرا في مسيرة التنمية ويشمل مجالات عديدة، ولعل ابرز ظاهرة في هذا المجال توسع دور المرأة وتطوره، اذ اصبحت القوة الاولى في مؤسسات المجتمع المدني وان يكن ليس في المؤسسات السياسية بعد، وفي هذا المجال ايضا لا بد ان اذكر ان المرأة لم تكن قد حصلت بعد على حقوقها السياسية واليوم لدينا عشر وزيرات او وزيرات سابقات، وست نساء في مجلس النواب وأخرى نائب سابق، وست في مجلس الاعيان وخمس سابقات، بالاضافة الى عدد كبير من السيدات في مراتب الادارة العليا كأمناء عامين للوزارات او المؤسسات العامة او الخاصة، اما على صعيد المؤسسات فلم يكن في اواسط الستينات سوى جامعة ناشئة واحدة هي الجامعة الاردنية والان يوجد في الاردن حوالي 20 جامعة حكومية وخاصة، كان عدد المستشفيات محدودا جدا ولم يكن هنالك الا مستشفيات القوات المسلحة والحكومة، واليوم يوجد عدد كبير من المستشفيات الخاصة التي تقدم الخدمة الطبية المتقدمة، حتى اصبح الاردن مقصداً للاخوة العرب في مجال التعليم العالي والطب والسياحة العلاجية، بالاضافة الى شبكة الطرق الممتازة وخدمة الاتصالات الالكترونية التي أصبحت في طليعة ما يقدم في الوطن العربي، وغير ذلك الكثير مما لا يفسح المجال هنا لذكره.
* اذا أعدت تقليب اوراق حياتك ما هي التجربة المؤثرة ضمن مشوارك السياسي والاجتماعي؟
- كل مرحلة من مراحل تطور الانسان فيها نقلة، وكثيراً ما تحمل هذه النقلات تجارب جديدة، ومؤثرة في المراحل اللاحقة تجعل الانسان ما هو عليه في حياته، في حياتي عدة محطات من هذا النوع استطيع ان اشير الى بعض منها هنا، اذكر وانا اقلب اوراق حياتي كما تقولين ان حياتي الدراسية في الجامعة الامريكية في بيروت فتحت أمامي آفاقاً واسعة من الاهتمام بالفكر الاسلامي والعالمي، كما شجعت اهتمامي بالعمل العام خاصة القومي السياسي، منه فانضممت الى حركة القوميين العرب، وكانت تلك مرحلة غنية التجربة والنضوج، وقد تداخلت هذه المرحلة مع مرحلة عملي في تلفزيون لبنان والمشرق في قسم الاخبار، الذي استكمل اهتمامي السياسي ومعرفتي بالقضايا الاقليمية والعالمية، والقدرة على المحاورة واجراء المقابلات التلفزيونية في مواضيع مختلفة وبالتالي بناء الثقة بالنفس، ولكن انتقالي الى الحياة في الولايات المتحدة لمدة ما يقارب العشر سنوات كزوجة سفير للاردن في واشنطن اولا ثم في الامم المتحدة بنيويورك توج هذه التجارب، وعمقها ووسع مجالاتها وآفاقها من النواحي الثقافية المتنوعة كما في الناحيتين السياسية والاجتماعية، وعندما عينت وزيرة للاعلام بعد ذلك بعدة سنوات احسست انني أحمل زاداً كبيراً يساعدني في عملي الجديد الذي فاجأني ولم اكن اتوقعه أبداً في مسار حياتي فكانت نقلة اخرى نحو تجارب جديدة.
بعد كل هذه النقلات المؤثرة في مسار حياتي لا بد أن أقول أن النقلة الاوسع والاهم والاحب الي في حياتي كانت زواجي من quot;عبد الحميد شرفquot; الذي كان ليس زوجاً فقط بل صديقاً ونصيراً قوياً لدور المرأة في مسيرة التنمية والحياة العامة ومدرسة تعلمت منها الكثير في جميع ما ذكرت من مجالات، ولعلي اركز هنا على ناحية هامة عززها في عبد الحميد وهي اصراره العنيد على الممارسة الاخلاقية في العمل السياسي فلا مزايدات ولا مداورة ولا استخفاف بالمبادئ، بل شفافية كاملة وصدق دائم وايمان مطلق بالديمقراطية وقد كانت هذه كلها هاجساً دائماً عندنا أعتقد اننا استطعنا نقلها لولدينا ناصر وفارس.
العين quot;ليلى شرفquot; عضو مجلس امناء كل من الجامعة الامريكية بيروت منذ 81، الجامعة العربية المفتوحة، جمعية اصدقاء البحث العلمي في الجامعات الاردنية الرسمية، مركز عمان لدراسات حقوق الانسان، المركز الاردني للدراسات والمعلومات، مؤسسة فلسطين الدولية، وعضو مجلس ادارة مركز دراسات الوحدة العربية منذ 86، المعهد العربي لحقوق الانسان تونس، عضو المجلس الوطني لشؤون الاسرة منذ 2001، عضو اللجنة الاستشارية لجامعة الامم للسلم العالمي.
[email protected]
التعليقات