إيلاف - دبي: يشارك الشاعر غياث الدين أبو الفتح عمر إبراهيم الخيام، الشهير بعمر الخيام في فعاليات مهرجان دبي الدولي الأول للشعر، والذي ينطلق في الرابع من آذار (مارس)المقبل ويستمر حتى العاشر من الشهر نفسه، حيث ينظم المهرجان معرضاً خاصاً في بيت الشعر للشاعر الفارسي الكبير، يعرض فيه كتاب quot;ترجمة رباعيات الخيامquot; للشاعر الإماراتي محمد صالح القرق.

وقال علي الشعالي المدير التنفيذي للمهرجان :quot; إن الشاعر القرق سيقوم خلال اللقاء بمناقشة الرباعيات الشهيرة التي تعد أهم ما كتب الخيام، بالإضافة إلى توقيع نسخ من الكتاب، الذي تمت طباعته بصورة فاخرة تليق بالرباعيات وبالجهد الذي بذله القرق في اقتفاء ذلك الأثر الأدبي الرفيع ومطالعة كل ترجماته تقريباً بدءاً من المستشرق الإنجليزي المعروف إدوارد فيتزجيرالد، مرورا بمعظم الترجمات العربية والأجنبية الأخرى، وعلى رأسها ترجمة الشاعر المصري الكبير أحمد رامي للرباعيات التي غنتها كوكب الشرق أم كلثومquot;.

وأضاف الشعالي: quot; إن الشاعر الإماراتي قام بإصدار الكتاب بعد إطلاعه لسنوات على النصوص الأصلية للخيام، بالإضافة إلى المئات من الكتب والمراجع عن الرباعيات. وقد يتساءل سائل: ما الذي يدفع شاعراً إماراتياً لقضاء سنوات عدة في ترجمة نص أجهده المترجمون نقلاً وبحثاً، والإجابة في جملة قصيرة مكثفة: إنه الحلم القديم عندما يتمكن من روح الباحث أو الشاعر فقد استسلم القرق لإغواء الرباعيات منذ كان صغيراً وصاحبه الإغراء الفني لها شاباً ورجلاً فقرر أن يحقق حلمه القديم بترجمتها، وفي سبيل ذلك قضى عمراً ينقب عن آثارها في الأممquot;.

وتابع الشعالي:quot; إن استحضار الشاعر الكبير عمر الخيام في فعاليات المهرجان، عبر المعرض الخاص به، يستهدف طرح التراث الإنساني الكبير للقصيدة، وذلك من خلال جهد متميز قام به الشاعر الإماراتي محمد صالح القرق. ولا شك أن الخيام برباعيته ذائعة الصيت لعب دوراً مهماً في تشكيل وجداننا الفني والأدبي وذلك عبر الترجمة التي قام بها الشاعر المصري الكبير أحمد رامي، والتي غنتها كوكب الشرقquot;.

وقال :quot;يهمنا في طرح رباعيات الخيام إبراز الطابع الإنساني لثقافتنا العربية، التي تقوم على حوار الثقافات وتلاقيها تحت فضاء المحبة والتسامح وقبول الآخر وتبني القيم الجمالية في أي إبداع إنساني طالما تماهت مع قيمنا الأصيلة ولم تتجاوزها فالثقافة العربية مارست الانفتاح على الآخر طوال تاريخها من دون حساسيات quot;.

وأضاف : quot;إن الهدف من المعرض أيضاً الإشارة إلى جهد أديب ومترجم إماراتي أمضى سنوات عدة في الإخلاص والوفاء لفكرة طاردته صغيراً فاستسلم لها وروضها وترجمها. وهي قيمة جوهرية للعمل الثقافي. إذ لا بد من توافر الإخلاص لدى المترجم لكي ينقل نصاً من لغة إلى أخرى، رغم أن الترجمة كما يعرفها الكثيرون هي فن الخيانة الجميلquot;.

وفي هذا الصدد يقول محمد صالح القرق في تعليق له على ترجمته للرباعيات :quot;أمضيت تسع سنوات أو أكثر في ترجمة رباعيات الخيام، ولأن القافية في أي ترجمة مهمة للغاية، تتطلب جهداً كبيراً لأن الصياغة تتم شعراً أي أنها إبداع ثان للنص الأصلي وليست ترجمة حرفية، والترجمة الحرفية هي أسوأ ما يمكن أن يقوم به المترجم عندما يتصدى لنص لأنه يدمر المعنى ويفسده لدى القارئ. وقد أضفت الترجمتين الإنجليزية والفرنسية إلى النص الأصلي لكي تكون لها قابلية القراءة في الغربquot;.

ولا يرى القرق في نفسه مترجماً محترفاً على الرغم مما بذله في ترجمة الخيام حيث يقول: quot;لم أترجم سوى رباعيات الخيام، وهذه الترجمة أخذت مني مجهوداً كبيراً، والترجمة عمل فني رفيع الشأن يتطلب إخلاصاً ووفاءً كبيرين للنص. فمنذ سنواتي الأولى فكرت في ترجمة الرباعيات، حيث كان يزورنا صديق لأبي هو عالم كبير ومطلع على اللغة العربية، ويقرض الشعر، وكان صوته جميلاً ويترنم بالرباعيات، فاستهواني صوته الجميل هذا، وكلمات الشعر، فصرت أردد الكلمات وحفظت أشياء كثيرة، ثم صرت أقلد هذا الشعر، وبعد ذلك استهوتني الترجمة. وكنت أتمرن على ترجمتها منذ كان عمري عشرين عاماً، وبدأت أجمع الترجمات الأخرى للرباعيات وما كتب عنها، وفي مكتبتي جناح كامل يستوطنه الخيام وحده، بجميع اللغات: الفارسية، والإنجليزية، والروسية، والفرنسية والصينية. بدأت كتابة الشعر وأنا في الخامسة والعشرين. وكنت أحفظ الكثير من الشعر العربي ولا زلت أحفظ الكثير من القصائد الكلاسيكية القديمة.

يذكر أن فعاليات الدورة الأولى لمهرجان دبي الدولي للشعر الذي تنظمه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في دبي تستمر خلال الفترة من 4 إلى 10 مارس 2009 بمشاركة إقليمية وعالمية واسعة. وتضم فعاليات متنوعة منها الورش والأمسيات والعروض النقدية للشعر، بالإضافة إلى سوق عكاظ التي تستحضر روح التراث في المهرجان الذي يمد يد حضارتنا لمصافحة أيادي الحضارات الأخرى.

نبذة عن الخيام:

والخيام هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بـ quot;عمر الخيامquot; المولود في نيسابور عاصمة إقليم خراسان، وكان فيلسوفاً وشاعراً ورياضياً بارعاً درس الرياضيات في quot;سمرقندquot; وألف نظاما دقيقا للأرقام يكشف تمكنه من قواعد علوم الرياضيات، ولكن شهرته ذاعت بسبب شاعريته الكبيرة، التي تجلت في قصائده ذائعة الصيت المعروفة بالرباعيات والتي تمت ترجمتها لأكثر من لغة عالمية، وأثارت جدلاً صاخباً بسبب الآراء التي تضمنتها، وجعلت البعض يتهمه بالزندقة إلا أن باحثين كثيرين أكدوا أن الرجل عاش مسلما ومات مسلما صحيح الإسلام.

وتتألف رباعيات عمر الخيام من رباعيات يُفْتَرض أنه ناظمُها، وبمرور السنين، نُسبت إليه أكثر من 2,000 رباعية في حين أن من المعروف على وجه اليقين أنه نظم أقل من 200 من هذه الرباعيات. وهناك ترجمات عربية لبعض هذه الرباعيات، أشهرها ما قام به الشاعران العراقي أحمد الصافي النجفي، والمصري أحمد رامي.

وأشهر ترجمة للرباعيات إلى اللغات الأجنبية هي الترجمة الإنجليزية التي قام بها الكاتب البريطاني إدوارد فيتزجيرالد. ونُشرت في أربع طبعات.