محمد عمر - ايلاف

quot;النقد البيئويquot; كتاب يسبر الطرائق التي نتخيل من خلالها العلاقة الكامنة بين البشر والبيئة، في مجالات الإنتاج الثقافي كافة، بدءاً من ووردزورث و ثورو وانتهاء بوثائقيات ديزني وهيئة الإذاعة البريطانية عن الطبيعة. كما يُعرّج الكتاب على الحركات البيئية الحديثة ويُوجّه لها نقده اللاذع.

ويكاد هذا الكتاب لمؤلفه جرج جرارد، والمترجم عن طريق مشروع quot;كلمةquot;، يمثل باكورة ما يترجم إلى العربية في هذا الموضوع الهام، إذ على الرغم من ازدهار مبحث النقد البيئوي غربياً، فإن النقد العربي لا يزال مفتقراً إلى مفهوم واضح له.

ويتتبع الكتاب تطور الحركة البيئية، ويستكشف أهم الموضوعات التي شغلت النقاد البيئويين، مثل التلوث، الحياة البرية، الرؤيا، السكن، الحيوانات، والأرض.

وقد أسهم هذا الكتاب، الصادر عن دار quot;راوتلجquot; ضمن سلسلة quot;المفاهيم النقديةquot;، في إحداث تحول أساسي في مسيرة تطور النقد الثقافي، والأدبي عامة، حين نشر سنة 2004. وقام بترجمته إلى العربية عزيز صبحي جابر، الحاصل على درجة الماجستير في اللغويات والمحاضر في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

وبرز الحقل الذي يرتاده الكتاب في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وقد استمد هذا النهج النقدي قوته وشرعية وجوده من حركات حماية البيئة، التي نشطت في ستينيات القرن العشرين.

وقد اتسع حقل النقد البيئوي ليغطي مواضيع مختلفة مثل: الإعلام والنصوص الأدبية والظواهر الثقافية، وهو خليط من عدة مناهج نقدية.

ويعرف جرارد النقد البيئوي، فيقول: quot;إنه دراسة علاقة ما هو إنساني بمحيطه على مدى التاريخ الثقافي البشري، وتقديم تحليل ناقد لمصطلح (الإنساني) ذاتهquot;.

وتنبثق أهمية هذا التناول من تسليمنا أن المشاكل البيئية، تقتضي تحليلاً ثقافياً وعلمياً في آن، لأنها نتاج تفاعل المعرفة البيئوية مع انعكاساتها الثقافية.

ويؤكد جرارد أن المعرفة البيئوية تعد مهاداً صالحاً للتحول، وليست أرضاً قفراً، لذا فإن حيوية علم التبيؤ ومرونته أتاحتا مجالاً لدخول النقد الأدبي مكوناً محتملاً في أي تحليل نقدي بيئوي، فضلاً عن الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد، وربما التصورات التنبؤية الأخروية.

يتميز الكتاب بمسرد للمصطلحات والقراءات الإضافية التي يقترحها. وقد وفق جرارد في كتابه لتهيئة أرضية نقدية لهذا النهج الجديد، وساعد كتابه النقاد البيئويين على التخلص من شعور الأقلية المحاصرة.