بلال خبيز: لا تخافوا من الشيعة خافوا من السنة. على المقلب الآخر ثمة ايضاً من يقول لا تخافوا من السنة خافوا من الشيعة. المسيحيون اللبنانيون بين خوفين. خوف من السنة أو خوف من الشيعة. ليس ثمة من يقترع للاطمئنان إلى الشركاء. أو لنقل ان هناك من يدعو للاطمئنان، ولو كذبته بعض الوقائع. إنما الغالب الأعم على الانتخابات في لبنان أن المسيحيين خائفون. وليس بيدهم غير الاقتراع للتغلب على خوفهم. لنصرف النظر عن أخبار ترد من هنا وهناك، عن تدريبات في الجرود، وعن دوريات مشتركة في الشطر المسيحي من ضاحية بيروت الجنوبية، فهذه أخبار تكثر أو تقل بحسب مدى التوتر بين الأطراف والقوى السياسية.

إنما في الأساس يقترع المسيحيون بداعي الخوف. مع ذلك يراد لهذه الانتخابات أن تغير، النظام الحالي ووجهته، إذا فازت المعارضة، وإنهاء سيطرة آل الحريري وهيمنتهم على السلطة، بحسب وزير الاتصالات جبران باسيل، او إلغاء مفاعيل quot;الثلث المعطلquot; بحسب منطوق الموالاة وحر قولها. والتغيير في واقع الأمر مرهون بتحولات الناخب المسيحي. إن استطاعت قوى 14 آذار/ مارس، أن تحقق هيمنة كاسحة بين المسيحيين، تسنى لهذا الفريق أن يعترض اعتراضاً لا يسهل الانقلاب عليه أو تجاهله على quot;الثلث المعطلquot;. وإن حقق فريق 8 آذار غلبة كاسحة في صفوف المسيحيين، سيتسنى لهذا الفريق أن يغير ميزان النصاب السياسي القائم على تعادل في المجال الداخلي، ويرجح كفة فريقه على كفة الفريق الآخر ترجيحاً لا لبس فيه.

بين الموالاة والمعارضة عموماً ثمة فارق يجدر بنا التنبه إليه. لا يملك فريق 14 آذار/ مارس قدرة على الانقلاب على نتائج الانتخابات. فهو فريق استمد شرعيته وقوته في السنوات القليلة الماضية من نتائج الانتخابات حصراً. بعدما استطاع الفريق المعارض اعتصاماً وتوتيراً وتظاهراً ان يفرغ محتوى المشروع الاقتصادي من مضمونه. وهو المشروع الذي يملك فيه الفريق الموالي معظم الأوراق، لأسباب تتصل بعلاقاته الخارجية مع دول ذات أرجحية في الدعم الاقتصادي والمعيشي للبنان، ولأن أهل هذا الفريق وصفوة قوته الانتخابية وجموع مؤيديه تتركز في المدن الكبرى بخلاف الفريق المعارض الذي يستوطن جمهوره الأطراف.

الفريق المعارض، من جهة أخرى، هو فريقان: داخلي وخارجي. الفريق الداخلي معني فعلياً بنتائج الانتخابات، والنجاح والفشل والإقبال عليها، وهذه كلها تزن في ميزانه وزنة حاسمة. أما الفريق الخارجي فلا تغير نتائج الانتخابات في خططه، ولا تحد من مصادر قوته. وهذا الفريق يجمع الأحزاب الصغيرة الموالية للنظام السوري، والتي سيحل احد قادتها محل الرئيس حسين الحسيني في مجلس النواب المقبل، إلى quot;حزب اللهquot; الذي يملك ثقلاً شعبياً كبيراً يؤهله لأداء دور مؤثر في السياسة الداخلية، لكنه من جهة ثانية يملك قوة عسكرية تفوق قدرة البلد مجتمعاً على التصدي لها، وهذه القوة العسكرية لها أجندتها الخاصة التي لا تتصل بأحوال الداخل اللبناني اتصالاً وثيقاً. والحال، فإن خسارة الفريق المعارض في الانتخابات في لدن المسيحيين اللبنانيين لن تغير في معادلة القوة هذه شيئاً.

إذ ليس ثمة جيش يضارع جيش quot;حزب اللهquot; قوة، وتالياً إذا كان أمينه العام يريد إضافة هذا الوزن العسكري إلى الوزن الشعبي للمعارضة، فلا يعود ثمة طريقان للحيرة والتخمين. هذا يعني من دون لف أو دوران، أن الانتخابات ستكون مقبولة النتائج، إذا خسرت فيها الموالاة أرجحيتها، أما إذا أسفرت النتائج عن خسارة quot;التيار الوطني الحرquot; في المناطق ذات الغالبية المسيحية، فهذا يعني من دون شك أن سلاح quot;حزب اللهquot; سيعوض ما خسره عون من ناخبين. وسيستعاد الفصل المرير من فصول الحياة السياسية اللبنانية الذي ما زال قائماً منذ سنوات، ومؤداه: سنعطل البلد ونجفف موارده، إلى أن يستقيل أهل الموالاة من العمل السياسي طوعاً أو ينقلب الناخب اللبناني عليهم، ولو بعد سبعين دورة انتخابية. نتائج اقتراع تأتي بمجلس نواب ذات غالبية موالية، ستجعل من المجلس نفسه في حكم العاطل عن العمل، أو المعطل قسراً. انتخابات في لبنان. اللبنانيون يحبون الإدلاء بأصواتهم من دون شك. لأنهم يحسبون أنهم يصوتون للتاريخ والمستقبل في آن واحد.