خطر داهم بعد 6 أشهر يفرض موقفاً إستثنائيا لا يقدرعليه غيره
الحريري رئيس حكومة لإنقاذ لبنان من حرب أهلية
إيلي الحاج من بيروت:
quot; ما الذي يجب عمله لإنقاذ لبنان من حرب أهلية إذا ما تبين من المحكمة الدولية أن مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وما تلاها ليسوا من كانت تتوجه إليهم أصابع الإتهام، أو ليسوا وحدهم تحديدا؟ quot;.الرجل الذي طرح السؤال في أكثر من لقاء عقده مع مسؤولين وشخصيات سياسية التقاهم في لبنان بعد ظهور نتائج الإنتخابات النيابية، هو شخصية مهمة في بلده ومطلع على تفاصيل الأوضاع الدقيقة والحساسة في بيروت. في رأيه أن تلك هي المسألة التي يجب أن يتركز عليها تفكير المسؤولين اللبنانيين، وعدم الإلتهاء لا بتركيبة الحكومة والثلث الضامن أو المعطل المانع لاتخاذ القرارات، ولا بمن يكون رئيس مجلس النواب المقبل أو شيء من هذا القبيل، ولا حتى بموضوع سلاح quot;حزب اللهquot; الذي يمكنه أن ينتظر وإحالته على الحوار حتى لو كان بلا جدوى . كان يسأل ما هو السبيل لإنقاذ لبنان وشعبه من خطر سيَدهم الجميع بعد ستة أشهر عندما يصدر المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار قائمة المطلوبين إلى المحاكمة في لاهاي؟

أما الأجوبة التي تلقاها فتقاطعت، بعد استهوال السؤال، عند نقطة واحدة هي : الأفضل في هذه الحال أن يتولى رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري رئاسة الحكومة ، لأنه أكثر المعنيين بهذا الموضوع، ووحده يستطيع معالجة الموقف بالأصالة عن نفسه وعائلته وطائفته وجمهوره وحلفائه، وبالطبع مع المعنيين الآخرين بالأمر.

هذه المعطيات أسقطت في يد رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط الذي سئل قبل يومين (جريدة quot;الأخبارquot; عدد الجمعة الماضي) هل يقدّم ضمانات إلى quot;حزب اللهquot; في الحكومة الجديدة لقاء عدم إعطائه الثلث المعطل ؟ فأجاب : laquo;انطلقنا في الأساس من مبدأ تفادي أي توتر مذهبي أو صراع عسكري منذ ذلك القرار الشهير اللعين، القرار 1559raquo;. وأضاف إنه اكتشف خطورة ذلك القرار بمرور الوقت laquo;عندما أتتنا اللائحة السوداء بدءاً بالتمديد ثم محاولة اغتيال مروان حمادة ثم اغتيال رفيق الحريري. هذه هي لعبة الأمم، وكان آخرها (ما ورد في المجلة الألمانية) quot;در شبيغلquot;. كان الاتهام نحو النظام الأمني اللبناني- السوري المشترك، لكن أين أصبحنا؟ في مكان آخر مدمّر. يا محلا ( تعبير محلي المقصود به quot;ما أهونquot;) اتهام النظام السوريraquo;.

يدرك وليد جنبلاط خطورة الموقف . وإن القضية لم تعد تتحمل الذهاب إلى أبعد . وأن الوضع الداخلي في لبنان سيفرض فرضا على شخص ما قادر على تحمل المسؤولية أن يقف ويقول : quot;حسناً. عندما كنا نطالب بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بلجنة التحقيق الدولية ثم بإنشاء المحكمة الدولية وإنطلاقها في عملها كنا نريد أن نعرف الحقيقة وليس الثأر ولا الإنتقام وكنا نعلن ذلك تكراراً. والآن تغيّر الوضع وأدعو إلى أن يضع اللبنانيون جميعا أيديهم بأيدي بعض لنتجاوز هذه المحنة- نتجاوز ولا ننسى بالطبع ، فالجرح بليغ والخسارات لا تعوّض. إنما أمام واجب إنقاذ لبنان وشعبه تهون كل التضحيات، وهذا ما كان سيفعله رفيق الحريري لو كان لا يزال حياً.quot;

كلام من هذا النوع لا يستطيع أن يقوله، من موقع المسؤولية سوى رجل واحد في لبنان : سعد رفيق الحريري.
لقد بذل كل فريق في لبنان ما في وسعه ، طرف 8 آذار/ مارس لمنع نشوء المحكمة الدولية من البدايات، وطرف 14 آذار/ مارس لفرضها أمراً واقعاً من دون أن تكون لديه فكرة عما سيتكشف بعد ذلك نتيجة لعمل هذه المحكمة من حقائق quot;مفزعةquot; حقاً. حقائق إذا لم يتم التعامل معها بمستوى عالٍ من التجرد والمسؤولية والإستعداد لتقديم تضحيات أليمة جدا، ستكون كفيلة أن تنسف الدولة والسلم من أساساتهما، وسيرى اللبنانيون عند ذلك من الأهوال ما لم يخطر لهم ببال.

تلك هي القضية الرئيسية. لا تضيّعوا الموضوع. ستأتي الحقيقة عاجلاً أم آجلاً، ولكن يجب أن تسبقها شجاعة العفو وعدم طلب إعتذار على ما دأب لبنانيون من هنا وهناك يطالبون خصومهم . ففي النهاية لابد من تلك العبارة السحرية التي قام عليها لبنان منذ قرون: quot;عفا الله عما مضىquot;. لذلك وقبل أي سبب آخر لا بد من الحريري في رئاسة الحكومة.