بيروت - وكالات:جدد رئيس الحكومة المكلف تصريف الأعمال فؤاد السنيورة التأكيد على رفض لبنان التوطين رفضا أكيدا وثابتا ونهائيا، معتبرا أن هذا الأمر مرفوض من الزاوية القومية قبل أي شيء آخر، ولأنه يعني إنهاء للقضية الفلسطينية، كما أننا نرفضه لأنه يتعلق بالتوازنات التي علينا أن نحافظ عليها والتي تشكل أمورا أساسية لمجتمعنا اللبناني وعيشنا المشترك وبصيغتنا الفريدة وبهذه الفسيفسائية التي ليس فيها لونا غاليا. ولفت الرئيس السنيورة إلى أنه على مدى ستة عقود من عقود النكبة، سادت العلاقات اللبنانية الفلسطينية إشكاليات وأسهمنا فيها جميعا، وقال: quot; ونحن لا نستطيع أن نتغلب على إسرائيل إلا إذا تضافرت جهود التنمية والتعليم والمواكبة لما يجري في العالم، وليس فقط بالظن أن وحدها البندقية تجعلنا نتغلب على إسرائيل، دون التقليل من شأن البندقية طبعاquot;. كلام الرئيس السنيورة جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في السراي الكبير وفدا مشتركا من الشباب والشابات اللبنانيين والفلسطينيين من مخيم دير المخلص الصيفي والذي يقام ضمن فعاليات إحياء القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009، وذلك بدعوة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة والمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان وجمعية الشباب الفلسطيني، بحضور وزيرة التربية بهية الحريري.

كلمة الوزيرة الحريري
اللقاء استهل بكلمة للوزيرة الحريري التي قالت: quot;نستقبل اليوم مجموعة من الشباب الفلسطيني اللبناني الذي أراد أن يخلق تجربة رائدة بدأت في العام 2007. والمخيم الأول لهؤلاء الشباب كان في صيدا والمخيم الثاني جرى في دار العناية والثالث كان في دير المخلص، والمجموعة الشبابية اليوم هي من مخيمات كل لبنان ومن مناطق مختلفة من لبنان، وقد شهد هذا المخيم حوارا حقيقيا بين جميع المشاركين أدى إلى أن الهواجس التي يعاني منها الشباب هي واحدة وليس لها علاقة بالجنسية ولا بالمكان، والمشروع المشترك هو دائما تحت عنوان حق العودة الذي نعتبره ملك اللبنانيين والفلسطينيين ونحن مصرون عليه. وقد قرروا هذه السنة أن يخرجوا بهذه التجربة إلى رجالات الدولة في لبنان لوضعهم في إطار هذه التجربةquot;.

الأب رعد
بعد ذلك تحدث المسؤول عن مدرسة دير المخلص الأب عبدو رعد الذي قال: quot;الحكيم هو الذي يقرأ في علامات الأزمنة، أوليست علامة من هذه العلامات أن تقوم سيدة بهية نقية تقية جريئة وتقول علينا أن نجتمع فلسطينيين ولبنانيين لكي نتحاور ونتغلب على كل الصعوبات ونذلل كل المشاكل فيكون لقاؤنا محبة وتفاهم. إنه لقاء مهم جدا في لبنان لأنه أبعد من المواطنة إلى تلاقي الشعوب والحضارات، وكم هذا مهم وخاصة في لبنان والدول المجاورة لأنه لن يكون من حضارة وعدالة وسلام دون هذا التفاهم والتلاقي بين مختلف الشعوب، ولا سيما في منطقتنا، ومن هنا يسعدنا جدا أن تكون هذه الزيارة للرئيس السنيورة الذي يؤكد على ذلك في كل المحافل الدولية، ونأمل أن نستمر في هذا المنهاج توصلا إلى حل المشاكل الكثيرة العالقة لنا كلبنانيين ولأخوتنا الفلسطينيينquot;.

النداف
ثم كانت كلمة للمدير التنفيذي لجمعية الشباب الفلسطيني عمر النداف الذي شدد على حق عودة كل مهجر ولاجئ إلى وطنه، وعلى حق كل إنسان بالعيش بكرامة وحرية، عيش مشترك بين جميع الناس مبني على العدالة والتنمية والمواطنة وعلى الحوار وقبول الآخر إلى أي حاضرة انتمى. وقال: quot;يسرنا أن نكون اليوم بحضوركم لنشهد أن العيش معا لبنانيين وفلسطينيين ممكن وضروري وهو رسالة مقدسة تجاه الدنيا كلها، ونحن نريد أن تتحسن الظروف الحياتية لنا ولأهلنا في لبنان، لا سيما من حيث إعادة إعمار مخيم نهر البارد وعودة النازحين إليه وتخفيف وطأة ضغوط الإجراءات الأمنية على قاطنيه وداخليه والخارجين منه. لنشهد أننا نعمل وسنعمل معا من أجل البناء وسنلتقي دوما على الخير والحب وكرامة والإنسان وحق كل شعب بتقرير مصيره وفي أن تكون دله دولة مستقلة. ويسرنا أن نلتقي لننادي معا بإزالة كل أناع القهر والظلم والإجرام ولنسعى كب منا حيث هو وبما يمثل، إلى تقارب الحضارات وتفاهم الشعوبquot;.

وأضاف: quot;أملنا في كون القدس هذا العام عاصمة للثقافة العربية أن يعي المجتمع العربي والدولي أهمية العمل بجدية لإيجاد حلول منصفة لقضايانا الإنسانية والوطنية إذ لا ثقافة حقة دون عدالة وسلام واعتراف بالحقوق المشروعة لا سيما حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية والوطنية في أرضه وفي كل أمكنة الشتاتquot;. وتوجه إلى الرئيس السنيورة قائلا: quot;من هنا نرغب إليكم في أن تكونوا صوتنا الصارخ في كل المحافل الدولية والمحلية وأن تحملوا همومنا ورغباتنا في بناء مجتمع أفضل مظلل بحضارة المحبة والتفاهمquot;.

كلمة الرئيس السنيورة
ثم ألقى الرئيس السنيورة كلمة جاء فيها: quot;لكم يطيب لي أن أستقبلكم في السراي الكبير، وأن أطلع وأنوه وأشد على يد الذين اختلقوا هذه الفكرة والمبادرة لإجراء هذا التواصل بين مجموعة من الشباب اللبناني والفلسطيني في لبنان ومن الداخل الفلسطيني أيضا ومن مخيم اليرموك في سوريا. ولكم أتمنى أن تتوسع هذه الفكرة حتى تؤون العودة إن شاء الله، ولكن هذه الفكرة تبقى حية فينا للتواصل في أي حال كنا فيه، ليصير هذا التعاون فيما بين أجيالنا الصاعدة العربية. لا شك أن هذه التجربة التي خضتموها والتي تشاركتم سويا فيها بجلسات من الحوار والتعرف وشاركتم لقمة الخبز سويا، مكنتكم من التعرف إلى بعضكم بعضا، وإلى الإطلاع على ما يجول في خواطركم ويشغل بالكم ويشكل هواجس لديكم. كانوا يقولون في القدر أن الإنسان عدو ما يجهل وهذا حقيقة، لأن ما يعرفه يبدأ بنسج أفكار حوله أو عنه ليست حقيقة موجودة وليست بالضرورة صحيحة، وبالتالي يتشكل بعد ذلك لديه قناعات يتخذ بناء عليها مواقف قد تكون في المحصلة مضرة أو مدمرة أو غير كافية.

والواقع الذي يجب أن نعرفه جميعا أننا كلنا أصحاب قضية واحدة. والإشكالية التي تطورت لدينا جعلت كثير منّا يظنون أننا لسنا أصحاب قضية واحدة وأن المشكلة بيننا وليست في الواقع بيننا وبين العدو الإسرائيلي. على مدى ستة عقود من عقود النكبة، سادت العلاقات اللبنانية الفلسطينية إشكاليات وأسهمنا فيها جميعا. وكما قال السيد المسيح: quot;من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجرquot;، كلنا أسهمنا في أننا وجهنا أنظارنا في قضية عيشنا سوية نحو الإشكاليات التي ما بيننا بدلا من أن يوجه الانتباه نحو العدو الإسرائيلي. ولا يمكن أن نتناسى الأمور الحياتية والمعيشية والقضايا التي تجمع فيما بيننا بسبب وجودنا سوية. كم من المخيمات الفلسطينية تتجاور في المساكن والوجود والعمل مع القرى والبلدات والمدن اللبنانية، وكم من القضايا التي تتطلب منا جميعا في بلداننا العربية أن نتنبه إلى قضايا التنمية والنمو الاقتصادي، لأن الطرق لمحاربة العدو الإسرائيلي لا تكون فقط باستعمال البندقية.

إن هذه الإشكالية التي طرأت في العلاقة الفلسطينية اللبنانية ولدت أمورا كثيرة، وولدت أفكارا واستنتاجات وإشكاليات وبعض القناعات والظنون. نحن يجب أن نعود إلى الأساس ونبني عليه هذه المرحلة القادمة في العلاقة حتى يؤون أوان العودة. عدونا الحقيقي هو إسرائيل والجهل، وعدونا أيضا عدم التنمية وعدم الانفتاح، عدونا كل أمر يدعونا إلى عدم الاعتراف بالرأي الآخر، والتوتر والتعصب هما من الأمور التي تفتك بمجتمعاتنا العربية. إن هذه المبادرة التي خضتموها سوية هامة وتأتي في سياق جهود بذلت وتبذل وسنستمر في بذلها في لبنان من أجل التعرف إلى بعضنا بعضا والإشكاليات والمشاكل التي نواجهها ولا سيما على الصعد الحياتية والمعيشية والقضايا التي تشغل الأخوة الفلسطينيين بما يمكنهم من تحمل هذه المرحلة التي ما زالوا يعانون منها في وجودهم في الشتات.

وبالتالي فإن هذا الجهد الذي جرى، ولا سيما منذ أن اتخذت الحكومة اللبنانية في النصف الثاني من العام 2005 قرارها بإنشاء لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والتي بنينا على أساسها خطوات وما قمتم به الآن هو خطوة متقدمة في هذا السياق العام الذي نعمل من أجله لحلحلة قضايا عديدة تراكمت على مدى سنوات من حالات من الظلم الذي مارسناه على بعضنا بعضا بطريقة أو بأخرى، والذي كان فعالا في استنفاذ قدراتنا وطاقاتنا بدلا من أن تبذل في أمور تعود بالخير والحسين على أوضاعنا الاجتماعية والمعيشية واستعمال الموارد المتاحة لدينا، فلسطينيين ولبنانيين بالشكل الذي يعود بالخير للجميع والذي لا يشكل هواجس للبعض، بما يؤدي إلى تخوف من أمور لها علاقة بالتوطين الذي نحن نرفضه رفضا أكيدا وثابتا ونهائيا، هذا الأمر مرفوض ليس فقط من أجل تخوفنا في لبنان ولكن أيضا من الزاوية القومية قبل أي شيء آخر، ولأنه يعني إنهاء للقضية الفلسطينية، كما نرفضه لأنه يتعلق بالتوازنات التي علينا أن نحافظ عليها والتي تشكل أمورا أساسية لمجتمعنا اللبناني وعيشنا المشترك وبصيغتنا الفريدة وبهذه الفسيفسائية التي ليس فيها لونا غاليا.

السفير السعودي
بعد ذلك استقبل الرئيس السنيورة السفير السعودي في لبنان علي العواض عسيري في حضور وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري وجرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة بالإضافة إلى العلاقات الثنائية. بعد اللقاء قال السفير السعودي: quot;سعدت أن ألتقي الرئيس السنيورة بحضور الوزيرة الحريري، وتعرفون أن المملكة تقدم المساعدات للبنان، وكانت اليوم فرصة لأن نستعرض كل هذه المساعدات وأن نطلع على البرنامج الذي أعد من قبل الهيئات المعنية والهيئة العليا للإغاثة، وكنت سعيد جدا لرؤية الإنجاز الذي تم سواء بالنسبة للمساعدات التي قدمتها المملكة أو في المجال التعليمي والتربوي وتطلعاتنا إلى الأمام لاستمرار دعم المملكة ومساعدتها لجميع اللبنانيين أينما كانوا في لبنان. وقد قدمت الوزيرة الحريري خلال اللقاء بيانا أوضحت فيه المنهجية التي اعتمدتها الحكومة في توزيع هذه المساعدات لتصل إلى كل بيت لبناني ولتشمل جميع الطلاب اللبنانيين، وهذا حرص من حكومة خادم الحرمين الشريفين بأن أي مساعدة سعودية يجب أن تشمل كل اللبنانيين في مختلف مناطق لبنان. وأنا أود أن أؤكد أن المملكة ستستمر في مساعدتها للبنان وللبنانيين ونحن نتطلع إلى أن نتعرف لما يحتاجه لبنان بعد تولي الحكومة الجديدة من خلال الوزراء الجدد والمؤسسات كما نود تفعيل عمل الهيئة العليا للإغاثة بمجرد بدء الحكومة الجديدة مهامهاquot;.

سئل: المملكة تقدمت أيضا بمساعدة لإنجاز الأتوستراد العربي فهل بحثتم بالأمر اليوم مع الرئيس السنيورة؟
أجاب: المملكة التزمت بهذا الموضوع وقد قدمنا مبلغ 50 مليون دولار وسلمت الموافقة الخطية بهذا الشأن لوزير المالية محمد شطح في لقائي معه مؤخرا، ونحن فخورون كل الفخر بأن يكون كل لقاء فيه فائدة للبنان وللبنانيينquot;.