إذا كنت تنوي القيام بزيارة سياحية الى المكسيك عليك أن تعرج على سوق اللحوم في العاصمة سان خوان ليس للاطلاع أو شراء لحم ثديي ليلي أوالتونا بل لإلقاء نظرة أو تذوق أغلى حشرة في العالم ألا وهي التشيكاتناquot; أو النمل المجنح، حيث يباع الكيلو غرام الواحد منه بـ450 دولاراً.


سوق سان خوان في العاصمة المكسيكية اشهر سوق باللحوم ، فيها يجد المتسوق المغامر حيوانات حية للأكل لا يجدها في أي سوق أخرى مثل النعامة والتمساح. ولا تضاهي سوق سان خوان في المكسيك بتعدد أنواعها الحياتية إلا حديقة الحيوانات في المدينة.

ولكن أغلى بضاعة في هذه السوق ليس لحم المدرع، حيوان ثديي ليلي، أو حتى لحم التونة من نوع الزعنفة الزرقاء الذي يعتبر أغلى لحم في العالم بل quot;التشيكاتناquot; أو النمل المجنح الذي يُباع سعر الكيلو منه بأكثر من 450 دولارًا. ويبدو من طريقة المكسيكيين في طهيه أن النمل المجنح لذيذ في الصلصة.

وقال البائع بنجامين ردوريغيز عارضاً النمل المجنح الى جانب صواني الصراصير المقلية والحلزونيات التي ما زالت حية ، إن لحوم هذه الحشرات quot;افضل بكثير من الأكلات غير الصحية التي تُباع في السوبرماركتquot;. وأضاف مبتسمًا quot;كلها طبيعيةquot; بلا مواد كيمياوية حافظة أو ملونة.


غذاء حضارة الازتيك والميكستيك
ويؤكد رودريغيز وغيره من باعة الحشرات في سوق سان خوان أن بضاعتهم غذاء يعود تاريخه الى ما قبل الغزو الأسباني للعالم الجديد في إشارة الى حضارة الازتيك والميكستيك وغيرها من الحضارات التي ازدهرت آلاف السنين على غذاء غني باليرقات والجراد والجنادب وغيرها من اللافقريات الصالحة للأكل.

وظلت الطبقات الغنية والنخبة المكسيكية فترة طويلة تنظر الى أكل الحشرات بتقزز وخجل لأنه في عرفها ممارسة منقولة من الريف المتخلف. ولكن الحشرات دبَّت متسللة الى قائمة الطعام في عدد من أرقى المطاعم المكسيكية خلال السنوات الأخيرة، حيث يبحث طهاة مشهورون عن لحوم غريبة لتقديم أكلات مبتكرة لم يعرفها رواد هذه المطاعم، الذين ينتمون الى المجتمع المخملي.

رحلات سياحية لأسواق الحشرات

وقالت ليسلي تيليز، وهي كاتبة متخصصة بالغذاء وتنظم زيارات سياحية للأسواق والمطابخ المكسيكية، إن هناك أغذية كانت تؤكل في الفترة التي سبقت مجيء الاسبان لعدم توفر اللحوم وقتذاك ولكنها تُعتبر الآن quot;أكلات فاخرةquot;. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن تيليز أن الاقبال على أكل الحشرات يأتي في اطار اتجاه أوسع لاعادة تقاليد قديمة في الأكل الى المائدة المكسيكية واعطائها القيمة التي تستحقها.

ولدى المكسيك 300 الى 550 حشرة قابلة للأكل ، وهو رقم يزيد على أي بلد آخر ، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة التي اصدرت هذا العام تقريرًا في 200 صفحة حافلة بالثناء على أكل الحشرات قائلة إنها quot;مصدر واعد للبروتين المستدامquot;.

ودعا التقرير الى توعية المستهلك بأن أكل الحشرات ليس مفيدًا لصحته فحسب، بل مفيد لكوكب الأرض أيضًا. وأشارت الأمم المتحدة في تقريرها الى أن الحشرات غنية جدًا بالبروتين وخاصة بالمقارنة مع لحوم مثل البقر.

وتتناول العائلات المكسيكية الفقيرة في أرياف المناطق الوسطى المرتفعة والولايات الجنوبية الحشرات منذ أجيال كتقليد، ولكن أيضًا كضرورة. وقال ماريو ريندون الذي يجهز أصحاب المتاجر في سوق سان خوان بالحشرات إن سكان الريف كانوا يأكلونها بسبب الجوع. واضاف أنه نشأ في ولاية غيريرو، حيث تعلم اصطياد الحشرات واستهلاكها موسميًا.

صيد الحشرات البرية


وعندما يأتي موسم الأمطار في أواخر الربيع كان ماريو واشقاؤه يرافقون والدهم في رحلات لصيد الصراصير الليلية بالشباك. كما تعلموا استخراج اليرقات اللحمية من بعض النباتات المزهرة. وقال ماريو quot;إن الصراصير لذيذة إذا قُليت بقليل من الملح والليمونquot;.

ويجري اصطياد غالبية الحشرات التي تؤكل في المكسيك برية ولا تُربى في مزارع خاصة ثم تُباع في الأسواق المحلية أو تُنقل الى مطاعم المدن الكبيرة.
ومن أثمن الحشرات التي يقبل عليها المكسيكيون يرقات النمل والخنافس النتنة وبيوض خنافس الماء التي تُسمى quot;كافيار المكسيكquot;. وتؤكل الخنافس النتنة حية ويحبها المكسيكيون بسبب نكهتها اللاذعة الشبيهة بالينسون والقرفة.

وقال ادواردو لوسيرو، الذي يدير مطعمًا في العاصمة المكسيكية لصحيفة نيويورك تايمز، quot;إن جميع الحشرات مرغوبةquot;، ولكن بسبب عدم انتظام التموين وارتفاع سعرها فإنها تندرج في الغالب ضمن الأكلات الفاخرة في مطاعم مكسيكو ستي.

وتُستثنى من ذلك الجنادب أو الصراصير الليلية التي تتوفر في كل مكان وبأسعار زهيدة. وتُطهى عادة مقلية بالملح والثوم وتوضع في سندويشات تاكو أو تؤكل بالتهامها من الصحن مباشرة. وقال ريكاردو كاستانيدا الذي يبيع في سوق سان خوان ثلاثة انواع من الحشرات هي: الكبيرة والصغيرة ونوع ثالث يُقلى بالثوم وزيت الزيتون quot;إن الأطفال يحبونها. فهم يمرون امام مطعمي ويطلبون من آبائهم أن يشتروا لهم بعضًا منهاquot;.ورغم وفرة الصراصير في المكسيك فإن الأنواع الأخرى من الحشرات ازدادت ندرة من كثرة الصيد وشدة الاقبال عليها في المطاعم.