أعلنت النمسا حظر تدخين الشيشة الإلكترونية في مدارس بعض كانتوناتها، ومنعت السويد تدخينها في المطارات أسوة بالسجائر الاعتيادية، وتبحث ألمانيا في قرار حظرها أو كتابة "ضار بالصحة" عليها، لكن القوانين في هذه البلدان لا تحظر بيعها أو توزيعها على القاصرين.


لايمكن بالطبع تصديق أن منتجي السجائر التقليدية يحافظون على صحة المستهلك، لكن هذا الأمر يصح عندما يتعلق بتدخين السجائر الإلكترونية والشيشة الإلكترونية. فالقضية تتعلق بالسوق ورواج هذه السلعة أو تلك على حساب أخرى.

إدمان متنوع

حذر إتحاد منتجي التبغ في ألمانيا من مخاطر تدخين الشيشة الإلكترونية، مشيرًا إلى أنها تنافس التبغ، وتتفوق عليها من ناحية الانتشار بين تلاميذ المدارس على وجه الخصوص. صارت الشركات المنتجة للشيشة الإلكترونية تعرض هذا النوع من التدخين بنكهة الشوكولاتة، والبطيخ، والتفاح، والرمان...إلخ، ولا شك في أن أكثر أنواعها تشويقًا للشباب هي الشيشة بطعم الشوكولاتة بخلاف طعم النيكوتين الكريه. ويعتقد خبراء الأدمان الألمان أن هذا النوع من الشيشة ليس خطوة أولى على طريق إدمان سيجارة التبغ فحسب، بل وإدمان الشوكولاتة أيضًا، التي تعتبر من أكثر العوامل المحفزة لظاهرة البدانة بين الأطفال والمراهقين في ألمانيا.

وقرع انتشار الشيشة الالكترونية بين القاصرين نواقيس الخطر في المدارس والبيوت وأروقة دائرة مكافحة الادمان، والدوائر الصحية على حد سواء. وفي حين يحذر المختصون من مخاطر الصحية الناجمة عن تدخين الشيشة، يرى مدراء المدرس، وأصحاب العوائل، أن خطر هذا النوع من التدخين يكمن في أنه لا يطلق رائحة تحذر الأب أو الأم أو المعلم من ممارسته.
المشكلة الأخرى أنها صغيرة الحجم ويقدر الشاب أن يخفيها بسهولة بهيئة قلم مع قرطاسيته. لكن سعر هذه الشيشة ليس قليلًا بالطبع، ويرهق ميزانية أي تلميذ، وهذا ما يدفع بعض التلاميذ إلى تقاسم سعرها وتدخينها جماعيًا مثل الحشيشة.

رواج كبير

ذكر تاجر التبغ الألماني المعروف موتلو كرغيز أن اتحاد منتجي التبغ الألماني رصد سوقًا رائجة للشيشة الإلكترونية في الأشهر السبعة الماضية. وإذ يتمكن الشباب من عمر يزيد عن 16 سنة الحصول على قلم التدخين بسهولة من المخازن، يلجأ القاصرون إلى شراء الشيشة الإلكترونية على الانترنت من دون حسيب. والمشكلة، بحسب رأيه، انها أصبحت موضة، يتسابق الشباب للحصول عليها، كما صارت تجتذب جمهورًا من الشباب ممن لم يهتموا مسبقًا بتدخين سيجارة التبغ ولا السيجارة الإلكترونية.

بدأت موضة الشيشة الإلكترونية في ألمانيا قبل نحو سنتين، لكنها سرعان ما أثارت قلق دوائر حماية الشباب ومؤسسات مكافحة الإدمان ودوائر الصحة، إذ رصدت هذه الدوائر سهولة انتقال الشباب الصغار من تدخين السيجارة الإلكترونية، والشيشة الإلكترونية إلى سيجارة التبغ. فالشيشة الإلكترونية أصبحت الخطوة الأولى في مسيرة الأدمان الطويلة التي تبدأ بتدخين سيجارة التبغ الأولى.
وسبق للمركز الاتحادي للتنوير ضد الادمان أن حذر الشباب من مغبة تدخين الشيشة الإلكترونية، إلا أن المسؤولين لا يجدون ذلك كافيًا الآن، ويطالبون بحظرها أو بكتابة "ضار بالصحة" عليها.

تحذيرات متكررة

يخشى المركز من انتكاس النجاح الذي حققه خلال السنوات الماضية على صعيد تنوير الشباب ضد التدخين، إذ نجحت الحملة في تقليل نسبة المدخنين من الشباب الألمان (12-17 سنة) من 28 بالمئة في العام 2001 إلى مجرد 11 بالمئة في العام 2012. وحذرت ماريتا فولكر-البرت، المتحدثة الرسمية باسم المركز، من ازدياد نسبة المدخنين مجددًا بين الشباب سنة 2014 بتأثير الشيشة الإلكترونية.
وتعترف دائرة حماية الشباب بأن الطب لا يعرف الكثير بعد عن مخاطر تدخين السوائل المطعمة بالنكهات المختلفة التي توفرها السجائر الإلكترونية والشيشة الإلكترونية، لكنها تعرف بأن نسبة النيكوتين في بعضها يقررها المستهلك.

وسبق مركز الأبحاث السرطانية الألماني في آذار (مارس) الماضي أن دعا إلى التعامل مع المواد المستخدمة في تدخين الشيشة الإلكترونية والسيجارة الإلكترونية على مستوى معاملة سيجارة التبغ. وقال المركز إن المواد العطرية المستخدمة في تدخين الشيشة الإلكترونية لا تحتوي على مادة البروبيلين غلايكول العطرية فقط، وإنما على نسبة من المواد المسببة للسرطان والحساسيات على المستوى البعيد مثل الفورمالديهايد والنيكل والكروم. وعلى أساس التحليلات التي كشفها مركز الأبحاث السرطانية في هايدلبيرغ وعدت مارلين مورتنر، مفوضة البرلمان الألماني لشؤون الادمان، بسد الثغرة الخاصة بالشيشة الإلكترونية في قوانين حماية الشباب.

إدمان السوائل الإلكترونية

ربما لا تحتوي السوائل المستخدمة في الشيشة (السوائل الإلكترونية) على النيكوتين والقطران، لكنها تحتوى على مواد عطرية تؤثر على رئات الشباب وتسبب الادمان. وتعتقد ميشائيلا غوكة، من مركز تنوير الشباب ضد الادمان، أن المادة العطرية بروبلين غلايكول لم تدرس مختبريًا بشكل بعد، لكن المعروف عنها أنها مادة مخرشة للقصبات، وقد تسبب الحساسيات لدى بعض الشباب. ويرى الطبيب كونراد فرانك، المختص في أمراض الرئة أنه رصد بعض حالات التهاب القصبات والرئة الناجمة عن تدخين الشيشة الإلكترونية.

وقال كونراد إن الشيشة ليست بلا مخاطر، وعالج في عيادته العديد من أمراض الجهاز التنفسي التي نجمت عن العدوى عند اشتراك الشباب بتدخين شيشة إلكترونية واحدة، كما أثارت المواد العطرية في الشيشة الإلكترونية مرض الربو عند أطفال من عوائل يعاني فيها أحد الوالدين من الربو، بمعنى انه كان لديهم استعداد وراثي حفزه تدخين هذه المواد.

أرباح عالية

ارتفعت أرباح باعة السجائر الإلكترونية إلى 100 مليون دولار سنويًا خلال العقد الأخير من السنين. ومن المتوقع أن تلتحق الشيشة الإلكترونية بقافلة الأرباح العالية لرديفتها السيجارة خلال فترة أقل. وتقول دائرة الأحصاء المركزية الألمانية إن باعة السجائر الإلكترونية، ومعظمهم على الانترنت، يبيعون 12 ألف سيجارة إلكترونية كل سنة. وهناك في ألمانيا حاليًا سجائر الكترونية بنكهات مختلفة يرتفع عددها إلى 98 نكهة، ومن غير المتوقع أن تقل هذه النكهات في الشيشة "ع الماشي".

وإذ تخشى السلطات الصحية من تجمع الجراثيم داخل السيجارة الالكترونية والشيشة الإلكترونية في حالة عدم رعاية نظامها الإلكتروني الصغير وتنظيفه، تنتقد المنظمات الإنسانية مصادر السوائل العطرية التي يجري انتاجها على مستوى عالمي في الصين، ويتم تصديرها إلى أوروبا والولايات المتحدة. وليست هناك رقابة وشروط حتى الآن على هذه المواد في أوروبا. ثم أن الصين تشغل 200 ألف انسان في انتاج هذه المواد في ظروف غير انسانية، حيث ينال العامل 60-70 يورو شهريًا كمعدل عام، ولا ينال سوى يوم واحد عطلة في الشهر. وتطالب هذه المنظمات الاتحاد الأوربي بوضع قانون يحدد استيراد المواد العطرية وإخضاعها للفحص للتأكد من خلوها من المواد السامة والضارة.

&