بطارية لا يزيد سمكها عن ربع ملم، قابلة للطي واللف والشحت مرات لا تحصى، قد تحدث ثورة في عالم تقنية الأجهزة المحمولة، كالأساور الحساسة والساعات الذكية.


لا يمكن للأجهزة الدقيقة، سواء كان ذلك الهاتف الذكي أو عداد خطوات المشي الرياضي، أن تعمل من دون بطارية. ومع تضاؤل حجم الأجهزة التقنية الصغيرة، زادت الحاجة إلى بطاريات أصغر وأكثر طاقة وعمرًا. ويمكن لبطارية أرق من فيلم التصوير في الكاميرا التقليدية أن تكون الحل، خصوصًا إذ كانت طاقتها تعادل ضعف الطاقة التي توفرها أفضل البطاريات السائدة في السوق اليوم.

مكثف خارق

ذكر العلماء الأميركيون من جامعة هيوستون أن البطارية الرقيقة تجمع بين المرونة وسعة الحفظ وطول العمر. وقد تم تصنيع البطارية المفلطحة من مادة نانوية زودتها بصفات ستضعها في مقدمة تقنيات المعلوماتية والاتصالات والترفيه. وحولت هذه الخصائص البطارية إلى مكثف خارق لحفظ الطاقة والمعلومات.
وجاء التوصل إلى ابتكار البطارية الرقيقة في إطار بحث فريق عمل من جامعة رايس في هيوستون عن مادة نانوية، تتألف من أنابيب وحجرات نانوية، ذات قابلية كبيرة لخزن الطاقة.
وذكر يانغ يانغ، رئيس فريق العمل، أن المواد الكربونية والغرافيتية بشكلها النانوي قابلة لحفظ الطاقة بشكل حسن، إلا أنها لا ترتفع إلى قدرات المواد العضوية المستخدمة في هذه التقنية، وخصوصًا مادة فلوريد النيكل.

أنابيب نانوية

نجح يانغ يانغ وزملاؤه في إنتاج رقاقة من أنابيب نانوية من مادة فلوريد النيكل، واستخدموا حامظًا معينًا لإحداث ثقوب غاية في الصغر في جدران هذه الأنابيب. لا يزيد قطر أنابيب النيكل عن 900 نانوميتر، في حين يقل قطر الثقوب عن 5 نانوميتر. وتمت تغطية الأنابيب المسامية بطبقة رقيقة جدًا من هايدروكسيد الصوديوم والكحول الفينالي. وهكذا، عملت الأنابيب كأقطاب، وزودت الثقوب البطارية بسعة إضافية لحفظ الطاقة.

كانت النتيجة بطارية لا يزيد سمكها عن ربع ملم، بطاقة تخزين كبيرة. وثبت من خلال التجارب أنه من الممكن إنتاج البطارية الرقيقة بسمك أقل بكثير، وبطاقة أكبر، كي تناسب مختلف الأجهزة. وهذا يعني أنه من الممكن إنتاجها بسمك أكثر ومساحة أكبر قليلًا، كي تنهض بمهمة تزويد جهاز كبير بالطاقة. تستخدم المكثفات الكهربائية في إنتاج البطاريات قابلة للشحن، المستخدمة في مختلف الأجهزة اليوم، وهو ما تفعله البطارية الرقيقة أيضًا، إلا انها أطول عمرًا وأكثر قدرة على حفظ الطاقة.

قابلة للشحن آلاف المرات

تم إنتاج النموذج الأول من البطارية بحجم صغير وبسمك قليل، وجرى إخضاعها للتجارب المختبرية قبل الإعلان عنها. وتمكن يانغ وزملاؤه من تفريغ وإعادة شحن البطارية الرقيقة 100 ألف مرة، ولم تنخفض قدرتها على حفظ الطاقة إلا بنسبة 24%. وتمكنت البطارية في المرة الأخيرة من خزن 76% من الطاقة التي شحنت فيها. والمهم أيضًا أنها لم تفقد مرونتها، إذ حافظت على قدراتها على الطي واللف بعد كل هذا الاستخدام المكثف في المختبر. وعادة، بحسب يانغ، تفقد مثل هذه المواد النانوية مرونتها وتصبح هشة بعد الاستخدام الطويل. هذا يعني انها تتمتع بالصلابة وطول العمر، فضلًا عن سهولة إنتاجها وانخفاض كلفتها.
ولا يقتصر مستقبل تقنية إنتاج البطارية النانوية الرقيقة على مجال صناعة البطاريات فقط، لأن يانغ يتوقع لها أن تقتحم مجال إنتاج خلايا السولار الضوئية العضوية القابلة للطي واللف أيضًا.

ألواح سولار رقيقة

كان العلماء الألمان من معهد فراونهوفر للطاقة البديلة في فرايبورغ قد تحدثوا عن بضع سنوات فقط يحتاجونها لإنتاج خلايا الطاقة من ضوء الشمس بشكل ألواح رقيقة قابلة للطي واللف. وقال أولي فيرفل، من معهد فراونهوفر، إن ألواح الطاقة الشمسية الملتفة ستكون خلال خمس سنوات من بين الاختراعات التي تغير حياة البشر نحو الأفضل. وواقع الحال أن المعهد أنتج مثل هذه الألواح الرقيقة منذ سنوات، إلا أن العمل جار على رفع كفاءتها وتقليص حجمها أكثر. فألواح السولار المصنوعة من مركبات السيليكون السائدة في السوق كبيرة وثقيلة، ويعكف فيرفل وزملاؤه على إنتاج ألواح خلايا سولار رقيقة جدًا وخفيفة ومرنة من المواد العضوية نصف الموصلة للكهرباء.

يجري إنتاج ألواح خلايا السولار العضوية حاليًا باستخدام مادةIndium-Zinn-Oxid-Schicht (ITO) النادرة والثمينة. لكن ما يطرحه فيرفل وزملاؤه هو خلايا سولار عضوية خفيفة ورخيصة خالية من (ITO). واستخدموا بوليمرات عضوية خاصة وشفافة رفعت قدرات الخلايا على إنتاج الكهرباء من ضوء الشمس. وسيكون لهذه التقنية خلال سنوات قليلة اليد الأعلى في إنتاج الأجهزة الإلكترونية التي تعمل بالطاقة الشمسية بدلًا من البطاريات، بحسب أولي فيرفل.