يختبر علماء أمريكيون في ولاية كاليفورنيا أنواعا من الإسفنج مصنوعة بصورة رئيسية من صودا الخبز (بيكربونات الصوديوم) ، كوسيلة لجمع انبعاثات الكربون.

ويقول الباحثون إن الصودا أكثر تأثيرا من الطرق الحالية وأقل إضرارا للبيئة.

ونجح الفريق بالفعل في تجربة كبسولات صغيرة جدا مليئة بهذه المادة.

ويعتقد العلماء أن استخدام صودا الخبز قد يكون أقل تكلفة بنسبة 40 بالمائة مقارنة بالتكنولوجيا المستخدمة حاليا.

كما يرى العديد من العلماء والسياسيين أن جمع وتخزين الكربون يعد عاملا حاسما في مساعي العالم بهدف تفادي وصول التغيرات المناخية لمستويات خطيرة بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ويبقى إحراق الفحم والغاز والبترول لإنتاج الطاقة المصدر الرئيسي الوحيد لغاز ثاني أكسيد الكربون.

وعمل الباحثون لسنوات لبناء تكنولوجيا تجريبية يمكنها التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من المداخن وأنابيب الدخان قبل انتشاره في الجو، ويمكن دفن الغاز بعد ذلك بصورة دائمة في أعماق كبيرة تحت الأرض.

وأصبح من الضروري نشر تكنولوجيا خاصة بجمع وتخزين الغاز للوفاء بتعهدات اتفاق باريس حول التغيرات المناخية، وخفض درجة حرارة الأرض بأكثر من درجتين مئويتين.

ويقول أوليفر غيدين، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية :"لا يمكننا النجاح في الإبقاء على عدم زيادة درجات الحرارة لأقل من 1.5 درجة بدون وجود تلك التكنولوجيا."

وأضاف :"مع هذا لم يكن هناك أي نقاش حول هذه التكنولوجيا وهي غير موجودة على نطاق واسع."

ومن المعروف أن المعدات والمواد الكيمائية، التي من الضروري وضعها في محطات الطاقة لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون، مكلفة وتحتاج إلى وقت طويل.

يأتي هذا بينما تعترف كلا من الحكومات والشركات بفوائد هذا النظام، لكنهم غير مستعدين لتحمل التكلفة المالية الكبيرة اللازمة.

كما سحبت الحكومة البريطانية، في أواخر العام الماضي، تمويلا بقيمة مليون جنيه استرليني كان مخصصا لتطوير تكنولوجيا مشابهة تهدف إلى جمع وتخزين الكربون.

ويدرس العلماء حاليا طرق الاستعانة بمواد أخرى لمعرفة إذا ما كان بالإمكان تحقيق نفس الإنجاز المطلوب بتكلفة أقل.

ويعتقد الباحثون، وهم من معمل لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا، أن صودا الخبز يمكن أن تكون مكونا رئيسيا للحد من الكربون.

وصنع الباحثون كبسولات مملؤة بمحلول سائل من يكربونات الصوديوم بداخلها، محاطة بقشرة من مادة البوليمر يسمح بمرور ثاني أكسيد الكربون بداخلها.

ووجد العلماء أنه عند وضع كرات زرقاء صغيرة في محلول مائي لا تلتصق، كما يتغير لونها إلى اللون المبني المائل إلى الإصفرار حال اتصالها بغاز ثاني أكسيد الكربون.

وكما ينتج بيكربونات الصوديوم المعروف باسم صودا الخبز عند تعرض كربونات الصوديوم إلى الغاز والماء.

وقال الباحث كونغ وانغ يي :"الفكرة كلها هي أنه من خلال وضع هذه الكبسولات بمفردها يمكن أن يكون لديك مساحة متزايدة بشكل كبير، لذلك إذا ما تم جمعها معا تقل هذه المساحة. لذا أنت في حاجة إلى الاحتفاظ بها منفصلة".

تقليل التكلفة

ويقول العلماء إن تقنيات جمع وفصل الكربون الحالية باستخدام المواد الكيميائية مثل مونوايثانولامين سامة وباهظة الثمن، وتسبب العديد من المشاكل.

وقال جوشوا ستولاروف، باحث بيئي بالمعهد :"مثل جميع المخططات التجارية المتعلقة بثاني أكسيد الكربون الموجودة اليوم، فإن الهدف لتنفيذ هذا على نطاق واسع هو جمع أطنان من الغاز من محطة توليد كهرباء وإيجاد خصائص جيولوجية في أعماق الأرض حيث يمكننا دفن الغاز بها بعد جمعه إلى الأبد".

وأكد على أن الكبسولات تؤدي هذا الدور بتصميمها الحالي ، مشيرا إلى أنه يأمل "من خلال ترشيد استهلاك الطاقة وتكلفة رأس المال، في توفير حوالي 40 بالمئة من التكلفة مقارنة بالتكلفة الحالية."

ومن بين مزايا الكبسولات هذه استرجاع الكربون عن طريق تسخين محلول صودا الخبز، وهذا يعني أن العلماء يمكنهم الحصول على شكل أكثر نقاء من الغاز - مما يزيد من قيمته مقابل الصناعات الأخرى.

ولكن مع تحديد إنتاج الكبسولات إلى حوالي كيلوغرام في اليوم، فإن فريق البحث يرى أن المشروع يتسم بطول الأجل.

وأضاف جوشوا" نعتقد في الولايات المتحدة أن لوائحنا تساعد في تعزيز جمع الكربون وتخزينه على نطاق تجاري بحلول عام 2022، ونحن ننظر إلى التقنيات التي يمكن أن تكون جاهزة في ذلك الوقت".

ويشير إلى إمكانية استخدام تقنيات متطورة منها الطباعة ثلاثية الأبعاد والتقنيات الحاسوبية المتقدمة، وهو ما يجعل عمل الباحثين لا يقتصرعلى الكبسولات فقط.

ويأمل الباحثون بفضل هذه التكنولوجيا تطوير مجموعة من المواد التي يمكن تكوينها واختبارها بسرعة .

وقال المهندس دو نغوين "يمكنك أن تفكر في الأمر على نحو أنه نسيج لالتقاط ثاني أكسيد الكربون"، وأظهر لي قطعة وردية صغيرة من تلك المادة.

وأضاف "هذا مصنوع من مادة السيليكون وداخل ذلك الكثير من قطع صغيرة من كربونات الصوديوم يمكنك التفكير أنها تقريبا إسفنجة لثاني أكسيد الكربون."

وتنطوي الفكرة على تخصيص الباحثين مواد تلتقط الكربون بما يناسب المداخن أو أنابيب المداخن، كما يمكن صناعة الاسفنجة الماصة على نحو يملأ الهيكل بالكامل وهو ما يجعلها أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

الأسواق المتخصصة

واختبر الباحثون فعالية مواد صودا الخبز عن طريق نقعها في الماء الفوار، وكانت النتيجة هي امتصاص صودا الخبز لفقاعات الكربون، وظل الماء صافيا.

ويعتقد العلماء أن كبسولات صودا الخبز والإسفنج يمكن أن تستخدم في مجموعة كبيرة من التطبيقات، وليس فقط في محطات توليد الكهرباء.

يقولون إنها طالما كانت المواد سهلة النقل واسترجاع الغاز منها، فإنه يمكن بدء زيادة عمليات فتحة استرجاع الكربون في عدة أماكن مثل مصانع الجعة.

وتنتظرنا سنوات من التجارب وصقل المنتجات، ولكن يعتقد الباحثون أن ما يتعلمونه يمكن أن يكون له تأثيرا كبيرا على المدى الطويل على انبعاثات الكربون.

ويقول جوشوا مازحا "في بعض الأحيان تكون الحلول موجودة أمامك لفترة طويلة."

واضاف "نعتقد أن هناك وعودا كبيرة بأن صودا الخبز يمكنها إنقاذ العالم".