باريس: تشدد منظمات دولية واخرى غير حكومية على ضرورة تقديم مساعدات طارئة الى صغار المزارعين المعرضين لعواقب الاحترار المناخي وانعدام الامن الغذائي ولا سيما في القارة الافريقية.

وقال التوغولي جيلبير هونغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (فيدا) وهي منظمة أممية مقرها في روما، مطلع الشهر الحالي في باريس "لا أريد أن أكون متشائما، لكن عندما ننظر إلى الزيادة السكانية المرتقبة، اذا لم يحصل الاستثمار الطويل الأمد في الأوساط الريفية بوتيرة دائمة، قد تتفاقم مشكلة النزوح التي نشهدها حاليا".

وأكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في أول "أطلس عن النزوح الريفي في افريقيا جنوب الصحراء" المنشور في تشرين الثاني/نوفمبر أن سكان افريقيا جنوب الصحراء (645 مليون نسمة سنة 2015) "مرشحون للازدياد إلى 1,4 مليار نسمة بحلول 2055" ما يشكل "سمة سكانية فريدة في التاريخ العالمي".


وبحلول منتصف القرن الحالي، سيزداد عدد سكان الأرياف في افريقيا جنوب الصحراء بنسبة 63 % وفق هذا الإصدار. وأشارت "فاو" إلى أن افريقيا جنوب الصحراء هي "المنطقة الوحيدة في العالم التي سيتواصل نمو عدد سكان الأرياف فيها بعد 2050".

وثمة تضافر لجملة عوامل اذ ان معدلات نقص التغذية سجلت ازديادا في افريقيا العام الفائت لتطاول 22,7 % من السكان في مقابل 20,8 % سنة 2015، أي 224 مليون شخص ما يوازي ربع عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع في العالم.

هذا الارتفاع المفاجئ في أرقام الجوع سنة 2016 بعد عشر سنوات من التحسن شبه الثابت مرده إلى النزاعات (خصوصا في جنوب السودان) وموجات الجفاف المستمرة (اثيوبيا والصومال) المتصلة بالاحترار المناخي وفق "فاو".

 80% من الفقراء في الأرياف 

ولتفادي تدهور الوضع، تنادي المنظمات الدولية مثل "فيدا" بزيادة المساعدات للقطاع الزراعي المتصل بالانتاج الغذائي بهدف مكافحة الجوع والاحترار المناخي على السواء.

فما نسبته 80 % من أصل نحو 800 مليون شخص ممن يعانون فقرا مدقعا في العالم أي يعيشون بأقل من 1,9 دولار يوميا، يعيشون في مناطق ريفية و65 % من هؤلاء يعملون في الزراعة وفق "فيدا".

ولفتت مؤسسة بيل وميليندا غيتس إلى أن صغار المزارعين هؤلاء لا يتحملون سوى مسؤولية صغيرة عن انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة ومع ذلك فهم يعانون بعضا من أخطر تبعات التغير المناخي.

وقد أعلنت هذه المؤسسة في باريس أخيرا عن استثمار بقيمة 300 مليون دولار لمساعدة مزارعي افريقيا وآسيا على مواجهة التغير المناخي. وبموازاة تزايد حدة الاحترار المناخي، "ستزول بعض مصادر القوت كما أن الضغوط المتأتية من المناخ قد ترغم مجموعات سكانية على ترك مساكنهم ومجتمعاتهم بحثا عن ظروف حياتية أفضل" بحسب المنظمة.

كذلك يعتزم الاتحاد الاوروبي الاستثمار في الزراعة المستدامة لايجاد حلول لزيادة مردود المحاصيل في المناطق الجافة وحماية المزروعات من الجفاف والفيضانات والطفيليات والآفات النباتية.

ويعتزم الأخصائيون العمل على أمراض "تهدد بتدمير محاصيل المنيهوت والبطاطا الحلوة ونبات اليام، وهو مكون غذائي أساسي في بلدان وسط افريقيا وغربها" وفق المنظمة الأميركية.

وفيما تكافح منظمات غير حكومية مثل "اوكسفام" منذ زمن بعيد لدعم سكان المناطق الريفية، تبدأ مجموعات خاصة كبيرة في إدراك أهمية المشاركة في الجهد الجماعي لمصلحة تنمية الأرياف في بلدان نامية.

وقد استثمر صندوق "لايفليهودز" الاستثماري الذي يضم أسماء كبيرة في القطاع الصناعي الاوروبي بينها "ميشلان" و"دانون" و"ايرميس" و"كريديه اغريكول"، أخيرا في صندوق ثان لتخفيض انبعاثات الكربون بمبلغ قدره 50 مليون يورو بعد اعادة زرع 130 مليون شجرة في افريقيا والهند واندونيسيا.

ومع خطوات كهذه، تخفف الشركات من انبعاثاتها لثاني اكسيد الكربون لكنها تختار بذلك أيضا دعم مجموعات المزارعين الأكثر ضعفا عن طريق منظمات غير حكومية محلية من سفح جبل كينيا إلى دلتا الغانج مرورا ببوركينا فاسو او السنغال.