قوات تركية في عفرين
BBC

أثار كتاب ومعلقون في صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، تساؤلات عن أسباب تهديد تركيا بشن عملية عسكرية ضد عناصر كردية في شمالي سوريا.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن عن عملية عسكرية جديدة "خلال أيام" ضد مسلحين أكراد، تدعمهم الولايات المتحدة، شمالي سوريا. وتعتبرهم أنقرة "إرهابيين".

ولطالما كانت أنقرة وواشنطن على خلاف حول سوريا، إذ دعمت الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما تعترض عليه تركيا.

"الحلم الأردوغاني"

في صحيفة الثورة السورية، انتقد حسين صقر الرئيس التركي الذي وصفه بأنه "يسعى لتوسيع خريطة السيطرة على الأراضي السورية بذريعة مواجهة الجماعات الكردية، بينما الحقيقة أنه يخطط لقضم أكبر مساحة داخل تلك الأراضي لإحياء حلم عودة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى".

وأضاف: "أردوغان لا يستطيع اللعب وحيداً وأبعد ما يكون عن الوقوف على المسرح السياسي بمفرده، حيث تسحبه الولايات المتحدة التي تشتهي دائماً إثارة الصدامات والنزاعات الإقليمية من يده".

وبالمثل، رأى وفيق إبراهيم، في صحيفة البناء اللبنانية، أن "إعلان الحرب التركية وكأنها ردة فعل على نصب الأمريكيين نقاط مراقبة لهم في الشمال عند الحدود السورية التركية بذريعة مراقبة تسلل الإرهاب... ذريعة يستعملها كل الذين يحتلون أراضي سوريا".

وأشار مصطفى زين في الحياة اللندنية إلى أن "الحلم الأردوغاني يصطدم باستراتيجية البيت الأبيض في ما يتعلق بالأكراد، فواشنطن ترى فيهم أداة للفصل بين بغداد ودمشق من خلال إقامة كانتون خاص بهم، يشبه إقليم كردستان في العراق ويشكل عنصر تهديد دائم لأي نظام في سوريا، بينما ترى فيهم تركيا خطراً يهدد وحدتها، نظراً إلى علاقاتهم مع أكرادها الذين يخوضون صراعاً مسلحاً ضدها منذ ثمانينات القرن الماضي".

وقلل وائل عصام في صحيفة القدس العربي اللندنية من جدية التهديدات التركية قائلا: "لا تبدو تلك التهديدات التركية بشن 'هجوم خلال أيام' جدية، وإضافة إلى أنها مكررة، فإنها باتت مثل 'القنابل الصوتية'، تثير الفزع والضوضاء لتحقيق ضغط سياسي من دون فعل مباشر".

وأضاف الكاتب أن "تركيا تفكر في أولوياتها القومية، في ضرب الطموح الكردي الممتد من شمال سوريا لجنوب الأناضول، لكن أدواتها في تحقيق ذلك ما زالت محصورة بالتنسيق مع القوى الأبرز في سوريا، إيران وروسيا والأمريكيين، من دون القدرة على التصرف بانفراد".

وتبنى باسل الحاج جاسم في الحياة اللندنية رأياً مشابهاً، فكتب يقول: "يمكن استبعاد أي صدام أمريكي- تركي في ظل تزايد التوتر بين أنقرة وواشنطن، خاصة أن تلك المجموعات التي تهدد أمن تركيا إضافة للمجموعات الجديدة التي تنوي واشنطن تشكيلها، موجودة في منطقة جغرافية بالغة الأهمية الاستراتيجية".

"تهديد" سعودي إماراتي

من جهة، أشار كمال خلف في صحيفة رأي اليوم الإلكترونية اللندنية إلى أن "كلمة سر لهذا التحرك الحاسم لأنقرة ، هو السعودية والإمارات"، موضحاً أن السبب هو "النشاط السعودي ما وراء النهر، حيث بدأت السعودية بتمويل العشائر العربية في تلك المنطقة، زيارات الموفدين السعوديين نشطت ومنها وفود عسكرية... فضلاً عن معلومات مؤكدة بأن ضباطاً سعوديين وإماراتيين يقيمون بشكل دائم في قاعدة 'رميلان' شمال الحسكة".

(أرشيف) دورية مشتركة بين قوات تركية وأمريكية قرب منبج
Reuters
(أرشيف) دورية مشتركة بين قوات تركية وأمريكية قرب منبج

وأضاف الكاتب: "الأمريكيون يعلمون علم اليقين أن ثمة علاقات سيئة تسود بين الثنائي الخليجي وتركيا، وأن وجودهما على حدود تركيا ورعايتهما للقوات الكردية والقوات العربية المنضوية لها يشكل تهديدا خطيرا لتركيا" .

وفي السياق ذاته، كتب برهان غليون في العربي الجديد اللندنية: "تبدو المواجهة حقيقية، وربما حتمية، فتركيا تشعر بأنها تدافع عن أمنها القومي، وأنها في سباقٍ مع الزمن لقطع الطريق على ولادة كيان كردي يشكل موطئ قدم لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تخوض حربا دموية معه منذ عام 1984".

وأضاف "وهي فقدت الثقة بواشنطن التي تتهمها بأنها خدعتها في منبج، ولا تزال، في شرق الفرات. ويزيد من قلقها الحديث عن حضور عسكري سعودي في هذه المنطقة، لما يعنيه من ربط أمن تركيا بمواجهة إقليمية تتجاوز المليشيات الكردية".