ميناء بوساسو
AFP
ميناء بوصاصو في الصومال

لفت مقتل رئيس عمليات شركة موانئ دبي في مشروع ميناء بوصاصو شمال شرقي الصومال المالطي، باول فرموزا، الأنظار مجددا ليس فقط إلى الاستثمارات الطموحة للشركة في منطقة القرن الإفريقي بل كذلك إلى المخاطر الأمنية التي تواجها.

فقد تبنت حركة الشباب المسلم الصومالية العملية التي راح فرموزا ضحيتها معتبرة وجوده غير شرعي في أراضي البلاد. ودأبت الحركة على اتهام الشركة بـ "نهب ثروات الصومال".

وفي الوقت ذاته تلقى تعاقدات الشركة مع كل من دولتي أرض بونت وأرض الصومال معارضة من قبل الحكومة والبرلمان الفيدراليين في العاصمة مقديشو بسبب عدم أخذ موافقتهما على تلك التعاقدات.

تنافس قوى إقليمية ودولية

تواجه شركة موانئ دبي تنافساً متزايد في هذه المنطقة من قبل عديد من القوى الاقتصادية والعسكرية الإقليمية والدولية للحصول على حقوق إدارة واستثمار موانئها التجارية والعسكرية.

ربما كان بدء العمل في كل من ميناء جابهار جنوب غربي إيران الذي استحوذت الهند على إدارة عملياته وميناء جوادر جنوب غربي باكستان الذي تصدر منه الصين منتجاتها إلى منطقة الخليج والشرق الأوسط وأوروبا مثار قلق لدى شركة موانئ دبي العالمية.

ويأتي هذا القلق من احتمال تأثيرهما سلبا على ميناء جبل علي العملاق فخططت الشركة منذ أكثر من خمسة عشر عاما على التوجه نحو منطقة القرن الإفريقي حيث سعت العام 2006 إلى الاستثمار في ميناء جيبوتي التي يعد ميناؤها الاستراتيجي ممرا رئيسيا لصادرات وواردات اثيوبيا وميناء بوصاصو بإقليم بونت لاند الصومالي ذي الموقع الحيوي.

وحصلت الشركة في عام 2015 على حق إدارة ميناء بربرة في اقليم أرض الصومال لمدة 30 عاما كما استأجرت جزرا وأنشأت ميناء عسكريا في عصب الإرترية إلى جانب الاستثمار في ميناء مصوع ايضا.

ميناء جابهار جنوب غربي إيران
Getty Images
تدير الهند عمليات ميناء جابهار جنوب غربي إيران

لكن شركة موانئ دبي التي تستثمر وتدير شبكة واسعة من الموانئ والمنشآت البحرية تقدر وفقا لموقعها على الانترنت بـ 78 ميناء ومحطة بحرية تتوزع في نحو 40 بلدا على امتداد قارات العالم الست ليس وحدها في القرن الإفريقي، فثمة منافسون آخرون على رأسهم تركيا وقطر وإيران بالإضافة إلى الصين وإسرائيل.

يسعى أغلب هذه الدول إلى بناء قواعد عسكرية أو الاستحواذ على موانئ في دول أخرى غير الصومال وجيبوتي كإريتريا والسودان الذي وافق على أن تستثمر تركيا في جزيرة سواكن على البحر الأحمر لفترة لم يتم تحديدها، بغية إعادة بنائها وتأهيل مينائها التاريخي القديم.

لكن اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بمنطقة القرن الإفريقي يبدو الأبرز لحاجتها أولاً توسيع نشاط شركة موانئ دبي وضمان أمن عملياتها وثانياً للمساهمة في حماية حركة الملاحة الدولية في باب المندب وجنوب البحر الأحمر خصوصاً في ظل انخراط الإمارات بدور أساسي في الحرب الدائرة في اليمن تحت مظلة التحالف الذي تقوده السعودية.

صحيح أن اهتمام دبي والإمارات عموما وبقية الدول المتنافسة على القرن الإفريقي قد يؤدى إلى إحداث نوع من التنمية في هذه المنطقة الجافة والفقيرة بحكم العائدات المالية التي تحصل عليها دول هذه المنطقة لقاء السماح بتطوير أو تأجير موانئها.

لكن خبراء مطلعين على أوضاع هذه المنطقة يرون أن التنافس بين القوى الإقليمية والعالمية على تأمين مواقع استراتيجية في القرن الإفريقي لأغراض عسكرية أو لوجستية قد يؤدي إلى خلافات وانقسامات خطيرة فيها وذلك بفعل تنامي الأنشطة العسكرية لدولة الإمارات في ميناء عصب الإريتري وميناء بربرة في أرض الصومال من ناحية وتركيا من ناحية أخرى بعد أن أقامت قاعدة عسكرية في مقديشو إثر حصولها في أيلول/ سبتمبر 2014 على حق إدارة ميناء مقديشو لعشرين عاما.