مظاهرات الجزائر
Getty Images
مظاهرات الجزائر

علّقت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية على المظاهرات التي اندلعت في أنحاء مختلفة من الجزائر رفضًا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وقد وصف بعض كُتّاب مقالات الرأي ما يجري بأنه "ربيع الجزائر"، بينما انتقد آخرون تصريحات لمسؤولين بارزين حذروا فيها من أن تسير البلاد على خطى سوريا أو ليبيا.

"ربيع الجزائر"

تحت عنوان "ربيع الجزائر.. أين بوتفليقة؟" يقول راجح الخوري في صحيفة "النهار" اللبنانية: "مرة جديدة يقرع 'الربيع العربي الدامي' أبواب الجزائر، التي كانت قد صمدت بعدما أحرق محمد البوعزيزي نفسه لتشتعل الثورة في تونس، وتنتقل إلى ليبيا ثم إلى مصر ومن بعدها اليمن ثم سوريا".

ويقول زياد ماجد في "القدس العربي" اللندنية إنه "بعد ترنّح الثورات العربية أمام الثورات المضادة والتدخّلات الأجنبية وعنف الأنظمة الهمجي، مع استثناء تونسي وحيد، بدا أن مسألة التحوّل الديمقراطي الشائكة قد تلاشت في العالم العربي ومعها الدعوات إليها، وصار التخويف بالنموذج السوري تارة أو بالنموذجين الليبي واليمني تارة أُخرى الابتزاز الأكثر رواجاً للأنظمة القائمة، ما أن تواجهها احتجاجات شعبية أو مطالبات بإصلاح أو ببعض عدالة".

ويشير الكاتب إلى أن "المناخ الدولي مال أكثر من أي وقت مضى إلى إيثار الاستقرار على أي تغيير خوفاً من قضايا النزوح واللجوء واضطراب الحدود".

ويرى أن "هزيمة الثورة السورية تحديداً بعد خراب سوريا العظيم ووقوعها تحت احتلالات وتفتّت ترابي ونجاة بشار الأسد (مؤقّتاً) رغم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، درسٌ لجميع الشعوب العربية، بمعزل عن موقفها مما جرى أصلاً في سوريا، من أن أي فكرة تغيير لنظام قائم، سلميةً كانت أو عنفية، لن تنتهي بغير دمار شامل وتهجير وتدخّلات خارجية ومزيد من السجون".

"عقدة الخوف"

ورداً على تحذير مسؤولين جزائريين من عودة عنف حقبة التسعينيات أو أن تؤول البلاد إلى ما آلت إليه دول مثل سوريا وليبيا، يقول حسين لقرع في صحيفة "الشروق" الجزائرية: "قدّم أكثر من خمسة ملايين متظاهر في 48 ولاية جزائرية في مسيرات الجمعة أوّل مارس درسا تاريخيا للوزير الأول أحمد أويحيى وكل مسؤول لم يتورّع في الأيام الأخيرة عن إطلاق تصريحات خطيرة تتحدّث عن العودة إلى العشرية الحمراء والدّم والدمار وإمكانية تكرار السيناريو السوري في الجزائر".

بوتفليقة عام 2005
AFP
يسعى الرئيس بوتفليقة إلى الترشح لولاية رئاسية خامسة

ويجري تداول مصطلح "العشرية الحمراء" في الجزائر للإشارة إلى سنوات التسعينيات من القرن الماضي التي شهدت أعمال عنف واسعة النطاق راح ضحيتها عشرات الآلاف.

ويؤكد الكاتب أن المتظاهرين أبدوا "تشبّثا بالغا بسلمية المظاهرات، ورددوا بصوت عال: 'الجزائر ليست سوريا'، و'سلمية سلمية'".

ويشير إلى أنه "باستثناء حادثتي محطة بنزين أول ماي وفندق الجزائر، وهما حادثتان معزولتان ومشبوهتان قام بهما شبانٌ قليلون تحت تأثير المهلوسات، فإنّ باقي المسيرات كانت سلمية حضارية، وكانت أبلغ ردّ على أويحيى الذي قال إن 'المسيرات في سوريا بدأت بالورود وانتهت بالدم'".

وفي الصحيفة نفسها، يقول جمال لعلامي: "عندما يخرج جزائريون وعلى أكتافهم أو بأيديهم أبناءهم الأطفال، في مسيرات سياسية حاشدة، فهذا يعني فيما يعنيه، أن هؤلاء كسروا 'عقدة الخوف'، ولم يعودوا يخشون احتمالات أو سيناريوهات الترهيب والترويع، التي جاءت على ألسنة بعض المسؤولين".

ويضيف الكاتب: "ومع ذلك، فإن صوت العقل والحكمة والتبصّر يقول بأن الخائف على وطنه ليس جبانا.. الخائف على أبنائه ليس جبانا.. الخائف على أسرته ليس جبانا.. الخائف على رزقه ليس جبانا.. الخائف على حياته ليس جبانا.. الخائف على أمنه واستقراره وسكينته وطمأنينته ليس جبانا… هذا الخوف، هو حبّ للوطن وللسلم".

ويرى لعلامي أن "تحليل مسيرات ومظاهرات رفض العهدة الخامسة يجب أن يكون بواقعية وهدوء وموضوعية، وبعيدا عن التهوّر والاستفزاز والابتزاز والاشمئزاز، حتى تصنع الجزائر مرّة أخرى، كعادتها، التميّز والاستثناء، وتـُبهر عالما لطالما نظر إليها بعض مغروريه بعين الحسد والغيرة أحيانا، وبعيون الريبة والتشكيك والتحريك والطمع في الكثير من الأحيان!".