مثُل المتهم في الهجومين على مسجدين في نيوزلندا، أسفرا عن مقتل 49 شخصا الجمعة، أمام المحكمة العليا لمحاكمته بتهمة واحدة هي القتل.

وظهر الأسترالي برينتون تارانت، 28 سنة، بثياب السجن البيضاء وفي يديه القيود وسط توقعات بأن يواجه المزيد من الاتهامات.

وتحتجز السلطات شخصين آخرين على ذمة القضية، لكن ليس لدى أي منهما سجل جنائي.

وقررت المحكمة استمرار حبس تارانت، دون إعلان رده على التهمة، حتى مثوله أمامها مرة أخرى يوم الخامس من إبريل/ نيسان المقبل.

وأُعلن اسم الضحية الأولى التي تم التعرف عليها وهو داوود نبي، 71 سنة. وكان قد انتقل من أفغانستان إلى نيوزيلندا في الثمانينيات من القرن العشرين.

ولم تكشف السلطات بعد عن هويات باقي الضحايا الآخرين الذين قالت تقارير إن عددهم بلغ 48. كما أصيب أكثر من 20 آخرين بإصابات مختلفة بعضها خطير، كما قالت السلطات النيوزيلندية.

وقالت السلطات في بنغلاديش، والهند، وإندونيسيا إن بعض مواطنيهم قُتل في الهجوم، علاوة على آخرين في عداد المفقودين منذ وقوع الحادث.

وأعربت ليان ديلزيل، عمدة مدينة كرايست تشيرتش، عن استيائها الشديد من هذا "الحادث الإرهابي"، معلنة تضامنها مع الضحايا.

وقالت ديلزيل: "رحبنا بأناس جُدد جاءوا إلى مدينتنا، وهم أصدقاؤنا وجيراننا، ولابد من أن نصطف من أجل دعمهم."

وأضافت عمدة المدينة التي شهدت الهجوم على المسجدين: "سوف تُنكس الأعلام أعلى المباني الحكومية في المدينة حتى إشعار آخر."

ولا تزال كرايست تشيرتش خاضعة لإجراءات أمنية مشددة منذ وقوع الحادث. كما أُغلقت جميع المساجد في نيوزيلندا.

عمرنبي
Reuters
عمر، شقيق داوود نبي أول ضحية يتم الإعلان عن اسمها، يحمل صورة على الهاتف لشقيقه داوود.

ماذا حدث؟

جاء التقرير الأول عن الهجوم من مسجد النور، الواقع في وسط مدينة كرايست تشيرتش أثناء صلاة الجمعة في الواحدة وأربعين دقيقة ظهرا.

وتوجه مسلح بسيارته إلى الباب الأمامي للمسجد ودخل وأطلق النار بشكل عشوائي على المصلين لمدة خمس دقائق.

وبث المسلح، الذي عرف نفسه بأنه أسترالي يُدعى برينتون تارانت، لقطات الهجوم الذي نفذه على مسجد النور على فيسبوك، مستعينا بكاميرا كانت مثبتة فوق رأسه، وهو يطلق النار على رجال ونساء وأطفال أثناء الصلاة.

وقال أحد الناجين من الحادث لصحيفة نيوزيلندا هيرالد إنه هرع إلى الهروب من المسجد عبر نافذة.

وأضاف نور تافيز، مغربي المولد، إنه كان في الصف الأول وقت وقوع الهجوم.

تابع: "بدأ الناس في الهروب بسرعة، وبدأوا يسقطون فجأة. ورأيت شخصا يكسر نافذة فاتبعته، وكانت هذه الوسيلة الأكثر أمانا للهروب."

وأكد أن زوجة صديق له قُتلت في الهجوم. وأشار إلى أنها "عندما سمعت الضجيج، أرادت أن تطمئن على زوجها، لكنها تلقت طلقة نارية بينما هرب زوجها."

وقالت تقارير إن المسلح قاد سيارته لخمسة كيلو مترات حتى وصل إلى مسجد آخر في ضاحية لينوود حيث وقع الهجوم الثاني.

وأكد شاهد عيان أن أحد المصلين تمكن من انتزاع السلاح من منفذ الهجوم الذي لاذ بالفرار في سيارة كانت تنتظره خارج المسجد.

وليس من المعروف حتى الآن المكان الذي ألقت السلطات فيه القبض على المشتبه به الرئيسي.

ويشكل المسلمون حوالي 1.1 في المئة من سكان نيوزيلندا البالغ عددهم 4.25 مليون نسمة، بحسب أحدث إحصاء سكاني.

وارتفعت أعداد المسلمين كثيراً مع استقبال نيوزيلندا لاجئين من مختلف البلدان التي مزقتها الحرب منذ التسعينيات.

المشتبه به الرئيسي

قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن إن المشتبه به الرئيسي "سافر حول العالم، لكنه قضى فترات متقطعة في نيوزيلندا."

وأضافت: "لن أصفه بأنه من المقيمين في نيوزلندا على المدى الطويل قبل التعرف عليه رسميا."

وتابعت: "كان منفذ الهجوم يحمل رخصة سلاح، وعلمت أنه حصل عليها في نوفمبر/ تشرين الأول 2017."

وأشارت إلى أن المخابرات النيوزيلندية كثفت التحقيقات في أمر اليمين المتطرف، لكنها أضافت أن "الشخص المتهم بالقتل لم يكن من بين المشتبه في تبنيهم الفكر المتطرف في تلك التحقيقات."

ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم برينتون تارانت وثيقة مطولة تحمل محتوى عنصريا ذكر كاتبها المساجد التي تعرضت للهجوم.

وقال كاتب الوثيقة إنه كان يخطط للهجوم منذ أن كان في زيارة إلى أوروبا في 2017 بعد أن أغضبته الأحداث التي شاهدها هناك.

وحملت الوثيقة عنوان "البديل العظيم"، وهي عبارة استخدمت للمرة الأولى في فرنسا، وتحولت إلى هتاف رئيسي تردد على ألسنة المتطرفين المناهضين للهجرة.

ردود فعل عالمية

قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية للصحفيين "بات من الواضح لدينا الآن أنه يمكن وصف ذلك بأنه هجوم إرهابي".

وفي تغريدة على موقع تويتر قالت: "ما حدث في كرايست تشيرتش هو عمل عنف غير مسبوق. وليس له مكان في نيوزيلندا. وكثير من الضحايا هم من أعضاء جالياتنا المهاجرة ونيوزيلندا هي موطنهم، وهم نحن".

وقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحر التعازي للشعب النيوزيلندي في أعقاب ما وصفها "بالمجزرة المروعة في المسجد"، وقال "الولايات المتحدة تقف إلى جانب نيوزيلندا ونحن مستعدون لتقديم كل ما يلزم. بارك الله في الجميع!"

وقدمت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي "خالص التعازي لشعب نيوزيلندا".

وقالت ملكة بريطانيا "شعرت بحزن عميق لتلك الأحداث المروعة التي وقعت في كرايست تشيرتش اليوم، نقدم الأمير فيليب وأنا تعازينا لأسر وأصدقاء أولئك الذين فقدوا أرواحهم".