تقول دراسة أميركية جديدة إن خيار التغذية الفيغانية الخالية تمامًا من أي أثر حيواني على الإطلاق أفضل خيار غذائي، لأن دماء الفيغانيين صحية أكثر من دماء غيرهم.

إيلاف من برلين: تتزايد أعداد الألمان الذين يفضلون الغذاء النباتي بشكل مستمر منذ أكثر من ثلاثين سنة. وأعلنت رابطة النباتيين الألمان أن عدد النباتيين ارتفع في عام 2018 إلى أكثر من 8 ملايين إنسان، وهذا يعني أن واحدًا من كل عشرة ألمان قرر التخلي عن أكل اللحوم، بحكم عدد نفوس ألمانيا البالغ 81 مليونًا.

لا يختلف العلماء في العالم حول منافع التغذية النباتية، لكن الخلافات تتفجر بينهم عند مناقشة ضرر التغذية النباتية المفرطة (الفيغانية) على الإنسان وحول علاقتها بطول العمر، وحول منافعها وأضرارها على البيئة. والمعني بالفيغانية هو نوع التغذية الذي يتخلى عن المنتجات الحيوانية أيضًا، مثل البيض والأجبان.

في حين يقول دعاة التغذية الفيغانية (النباتية) إن النباتيين يعيشون أطول من اللحميين، ويقولون إنها أرحم بالحيوانات، وإنها تطلق غاز ثاني أوكسيد كربون أقل، يتحدث دعاة التغذية اللحمية عن 14 مرضًا مزمنًا تصيب النباتيين أكثر من اللحميين، ويقولون إن فرط زراعة المحاصيل الزراعية يضر بالتربة، وإن عملية حصاد المزروعات بالمكائن الضخمة تقتل آلاف الحيوانات اللبونة، وتطلق غاز ثاني أوكسيد كربون أكثر.

دم الفيغانيين أفضل
عنيت الدراسات السابقة حول التغذية النباتية بمنافع هذه التغذية المتمثلة بتعرّض أنصارها لأمراض سرطانية ومزمنة أقل، وعيشهم فترة أطوال. هذه المرة، ركزت الدراسة الجديدة من جامعة لوما لندا للصحة العامة في كاليفورنيا على قياس قيم الدم المختلفة لدى أفراد يتغذون بنماذج مختلفة تتراوح بين الفيغانية (الامتناع عن السمك والبيض ومنتجات الحليب) والنباتية الأوفو-لاكتو (لا لحم ولا سمك، لكن يأكلون منتجات الحليب والبيض)، والنباتية البيسكو (لا لحم، لكن يأكلون السمك ومنتجات الحليب والبيض) وشبه النباتية (يأكلون مرة واحدة لحمًا في الأسبوع) واللحمية.

كتب الباحثون في مجلة "التغذية" أنهم قاسوا قيم الدم لدى 840 شخصًا من الجنسين يتغذون بأشكال مختلفة، وكانت هذه القيم لدى الفيغانيين أفضلها على الإطلاق. واعتمد العلماء على عيّنات من الدم والبول والأنسجة أخذوها بشكل منتظم ومستمر من جميع المشاركين في الدراسة.

كما فحص العلماء نسب المواد المفيدة ضد الراديكالات وعوامل الأكسدة المسببة للسرطان، مثل الليغنان والإيزوفلافون والفلافونايد والكاروتانويد، إضافة إلى المواد المهمة الأخرى، مثل الفيتامينات والأحماض الدهنية المشبعة وغير المشبعة.

مواد مضادة للتأكسد أكثر
توصل فريق البحث إلى أن دماء الفيغانيين أغنى من غيرها بالمواد المضادة للتأكسد، التي تمنع الالتهابات والتغيّرات التي تمهّد إلى الإصابة بالأورام السرطانية. كما احتوت دماؤهم على دهون أوميغا-3 وأوميغا-6 بنسب عالية مقارنة بغيرهم، وكانت نسبة الدهون المشبعة أقل كثيرًا لديهم.

تبعهم في ذلك مباشرة في جودة دمائهم، نباتيو الأوفو-لاكتو ونباتيو البيسكو، إلا أنها لم ترتقِ إلى صحة دماء الفيغانيين.

فضلًا عن ذلك، كشفت عيّنات الدماء والبول وغيرها أن الفيغانيين يتعرّضون لأمراض سرطانية أقل، كما كانت أوزانهم أقل بشكل ظاهر من أوزان الآخرين. وبالتالي كانت نسبة الأمراض المرتبطة بالبدانة، مثل ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، أقل بينهم أيضًا.

المفاجئ في الدراسة هو أن عيّنات دماء شبه النباتيين، وكذلك صحتهم، لم تكن أفضل من اللحميين، رغم أنهم يتناولون اللحم مرة واحدة في الأسبوع كحد أقصى.

نفسية أسوأ
كان العلماء من جامعة هلدسهايم الألمانية توصلوا إلى تفشٍّ أكبر للأمراض النفسية بين النباتيين. وذكرت الباحثة ناتاليا بوركرت، من جامعة هلدسهايم، أنها اعتمدت نتائج الحملة الألمانية للمقابلات الصحية في دراستها، وتوصلت إلى أن النباتيين أكثر عرضة للأمراض النفسية والأمراض النفسية-الجسدية من غيرهم. انطبقت هذه النتائج على العلاقة بين التغذية النباتية والإصابة بداء الشقيقة (الصداع النصفي) والاكتئاب والاضطرابات الذهنية.

توصلت الدراسة الألمانية أيضًا إلى النباتيين يزورون العيادات الطبية أكثر من غيرهم (خصوصًا عيادات أطباء الأمراض النفسية)، كما يتعاطون أدوية وعقاقير أكثر من الناس الاعتياديين، سواء كانت هذه الأدوية كيميائية مصنعة أو أدوية طبيعية.

الجدير بالذكر أن رابطة النباتيين الألمان عزت ازدياد عدد النباتيين إلى ازدياد الوعي الصحي، وانتشار أخلاق الرفق بالحيوان، واعتبرتها من أهم العوامل التي دفعت الألمان إلى التخلي عن الهمبرغر والستايك. وتنتشر اليوم مطاعم ومحال بيع الأغذية النباتية 5 مرات أكثر مما كانت عليه في عام 1990.