تشكل عسير مقصدًا سياحيًّا هامًّا في السعودية ومعلما جاذبا للسياحة الداخلية والخارجية معا، خاصة في ظل جائحة كورونا التي دفعت الكثير من السياح الى اعتماد السياحة الداخلية كل في بلده. وشهدت مواقع السياحة الدّاخلية في السعودية انتعاشا في ظل الاقفال المترتب عن جائحة كورونا، وخاصة المناطق الجبلية في جنوب البلاد، والتي تُعد مواقع سياحية مهمة بسبب انخفاض درجات الحرارة بها.

تتميز عسير التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي للسعودية، بمناخها الجبلي المعتدل طوال العام ومناظرها الطبيعية الخلابة. ولعل أهم ما يميز المدينة السياحية "تليفريك" عسير حيث يتسنى للسياح احتضان سهولها المنبسطة وجبالها الشامخة في آن.

رحلة واحدة ومحطات متعددة
من على قمّة جبل السودة، حيث يغطي الضباب المكان تنتظر عربات التلفريك الزائرين للانطلاق في رحلة استكشاف المنطقة الخلابة من أعلى ومعاينة عدة محطات تتوزع بين مدينة أبها ومتنزهي «السودة» و«الحبلة».

تخترق مقطورات التلفريك سحب الضباب من محطة أبها الجديدة على بحيرة السد لمسافة 4 كيلو مترات، وبواسطة 22 عربة، وعلى ارتفاع 400 متر، متجهة إلى المحطة الثانية في «الجبل الأخضر» ومنها إلى متنزه أبو خيال عبر 11 عربة، في رحلة تكشف أبرز المظاهر الحضارية والتراثية والجمالية لمدينة أبها.

وفي المحطة الثالثة التي ترتقي أعلى قمة في جبال السودة، وعلى ارتفاع يقترب من 3000 متر عن سطح البحر، تنقل عربات «التليفريك» السائح من محطة السودة، في انحدار يزيد على 1600 متر، تتخللها مناظر البساط الأخضر الذي يغطي الجبال، وعيون الماء التي تنساب بغزارة بعد الهطول الغزير للأمطار.

منحدرات "الحبلة"

أما عربات متنزه الحبلة «60 كيلو مترًا جنوب أبها» فتمثل تجربة مثيرة من حيث الانحدار باتجاه الجرف الصخري الحاد، وصولًا إلى القرية القديمة الواقعة وسط الجرف، والتي تحتوي على بيوت أثرية تروي قصة كفاح أبناء القرية في تشييد تلك المساكن التي تحوّلت اليوم إلى معلم أثري، حيث كان أهالي تلك القرية قديمًا يستخدمون الحبال في التنقل ونقل البضائع عبر عدة مراحل. إلا أن المنطقة اليوم تحولت الى مركز سياحي بعد أن انتقل سكان المدينة إلى موقع آخر تتوافر فيه جميع الخدمات، وأصبح الموقع القديم معلمًا سياحيًا بارزًا في منطقة عسير، يحتوي على جميع خدمات التنزه من مطاعم ومقاهٍ، وحدائق ومنتزهات فريدة في أرجاء المكان.

وكان أحمد الجعيد، مرشد سياحي ومدرب معتمد للإرشاد السياحي، توقع أن تتّجه الأنظار في الفترة المقبلة نحو السياحة البيئية الدّاخلية في البلاد، وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «تجوّل الناس في المدن مهم، ولكن يبقى شغفهم الأهم للطبيعة. فهم يريدون ممارسة السياحة الزراعية، والسباحة والغوص، واكتشاف الغابات، وغير ذلك من الأمور التي استشعروا قيمتها أثناء فترة العزل ومنع التجوّل».