نيويورك : اكتفى الحي الصيني في نيويورك أخيراً باحتفال محدود بالسنة القمرية الجديدة، نظراً إلى الضرورات التي فرضتها جائحة كوفيد-19، لكنّ الأمر يعكس في الوقت نفسه ما لحق بسكان الحي من وصمة بسبب انطلاق تفشّي فيروس كورونا من الصين.

ولاحظ فايك ليم (58 عاماً) لدى خروجه من معبد بوذي أن "الشارع يكون عادة مليئا بالألعاب النارية، وتصمّ الضوضاء الآذان، أما هذه السنة فكل شيء هادئ. إنه كيوم عادي".

لم تُنظَم مسيرات هذه السنة، ولا أقامت العائلات اجتماعات كبيرة، فالمهم أنّ ثمة ارتياحاً إلى انتهاء عام الفأر أخيراً، وأملاً في أن يحمل عام الثور أخباراً سارة بعد طول انتظار.

آمال بعام جديد أفضل من السابق

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت جيني لي (48 عاما) التي لا يسجل محلها للهدايا سوى ربع الإيرادات التي كانت تجنيها "بالطبع أنا سعيدة لأن العام انتهى. لقد كان صعبا".

وأضافت "آمل في أن يعود كل شيء إلى طبيعته مع حلول العام الجديد وأن يستعيد الناس عافيتهم".

كان متجر جيني لي الجمعة مزدحماً أكثر من المعتاد، إذ أقبل عليه زبائن كثر لشراء مظاريف الهدايا والفوانيس الحمراء أو عبوات قصاصات الورق التقليدية لهذه الاحتفالات.

في الواقع، ساهمت عوامل عدة في إفراغ هذه المنطقة التاريخية الواقعة في الطرف الجنوبي من مانهاتن، بينها العنصرية وسوء الفهم والمعلومات المضللة عن فيروس كورونا الذي سمّاه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والكثير من مؤيديه "الفيروس الصيني" بعد ظهوره الأول في مدينة ووهان الصينية.

الخوف من الكراهية والانقسام

وأشارت المؤسِسَة المشارِكة لـ"ثينك! تشايناتاون" أولمبيا موي إلى أن "الكثير من كراهية الأجانب والخوف كان موجوداً حتى قبل أن تضرب الأزمة نيويورك فعلياً". ورأت أن هذا الشعور "تنامى وأصبح الوضع سيئاً جداً".

وحذر رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو قبل يومين من تصاعد الهجمات التي تستهدف الأميركيين الآسيويين في كل أنحاء الولايات المتحدة. وكتب على تويتر "لا يمكننا السماح للتعصب والكراهية بتقسيمنا".

وأعربت إيرينا وونغ (16 عاماً) التي حضرت إلى الحي الصيني من نيوجيرسي مع والديها وشقيقها الصغير احتفاءً بالعام الجديد، عن تمنياتها هي الأخرى بالمزيد من راحة البال.

وقالت "آمل أن نستطيع جميعاً هذه السنة، سواء أتحسن وضع كوفيد-19 أم لم يتحسن، أن نتعلم أن نكون أكثر اتحاداً وأن نحدّ من الانقسامات" التي تشهدها الولايات المتحدة.

وأدى الوباء الذي أودى بحياة نحو 28 ألف شخص في نيويورك، وخصوصاً خلال ذروته في الربيع الفائت، إلى إغلاق آلاف المطاعم والشركات في العاصمة الاقتصادية الأميركية. وعانى الحي الصيني بشكل خاص من هذا الإقفال.

وذكّر أليكس تشان بأن "كل المطاعم تمتلئ عادة في هذا الوقت من العام".

أما جورج ما (55 عاما)، وهو صاحب محل لبيع الهدايا، فرأى بداية "تحسن طفيف" مع وصول اللقاحات، لكنّ أشار إلى أن سير العمل لا يزال أقل بكثير عما كان عليه سابقاً.

في هذا السياق، شكّل السماح بإعادة فتح الصالات الداخلية للمطاعم اعتباراً من الجمعة بصيص أمل للجميع، على الرغم من حصر عدد الزبائن الذين يمكن استقبالهم فيها بنسبة 25 في المئة من قدرتها الاستيعابية.

ورأى تشان أن هذه الخطوة "ستُحدِث فرقاً كبيراً"، مع أنه يتوقع ألا يستعيد الحي نشاطه المألوف فعلياً قبل أبريل على أقرب تقدير.