قالت طالبات في مدارس خاصة في بريطانيا إن أفرادا من طاقم التدريس تجاهلوا تبليغهنّ عن التعرض للإساءة الجنسية من قبل زملاء لهنّ، وذلك بهدف حماية سمعة المدرسة وبالتالي حماية الدخل الذي يصلها والمرتبط بمكانة المدرسة وسمعتها.

وقالت إحدى الفتيات (التي لم نكشف عن اسمها)، إن صبيا في المدرسة اغتصبها، وإن أساتذتها نقلوا شكواها إلى الشرطة قبل أن "يغسلوا أياديهم من الموضوع لحماية صورتهم".

وارتفعت في الآونة الأخيرة حدة النقاش حول طريقة إدارة المدارس في بريطانيا وذلك في أعقاب إطلاق موقع إلكتروني لدعم الضحايا، من أجل أن يتمكنوا من نشر شهادات عن الإساءات التي عانوا منها، دون الكشف عن أسمائهم.

وانتشرت مطالب من أجل بدء تحقيق عام بهذا الموضوع.

ووصل عدد شهادات الطلاب المنشورة على موقع "إيفري ون إز إنفايتد - Everyone's Invited" إلى عدة آلاف حتى الآن. وهناك شهادات من أطفال بعمر التاسعة تتحدث عن مزاعم بالتعرض للاعتداء والتحرش والاغتصاب.

وأغلب هذه الشكاوى تعود لشابات يتحدثن عن إساءات من قبل شباب سواء في المدارس أو الجامعات أو من دوائرهنّ الاجتماعية.

"احتياجاته أهم مني"

تحدثت شابة بعمر 18 لبي بي سي عن تعرضها للاغتصاب من قبل صبي كان "من ألمع الطلاب" في مدرستها التي لم تسمّها.

وقالت "بالنهاية، كانت احتياجاته أهم من احتياجاتي، لم يرغبوا بأن يفصل. لم يشاؤوا أن ينزع عنه امتيازه لأن ذلك سيؤثر على مستقبله. أرادوا أن يقولوا (في المستقبل) إنهم قد درسوا هذا الطفل وإنهم كانوا رائعين، لذا لم يفعلوا شيئا. لم يعاقب أبدا. لم يريدوا أن يقفوا في طريقه".

وأضافت: "أتناول مضادات الاكتئاب منذ سنة، وتقريبا أحتاج حبوبا مهدئة كي أستطيع النوم لأن نومي تأثر طبعا من كل ما جرى".

وتعتقد والدة الشابة أن هناك "خوفا (لدى المدرسة) من ردة فعل الناس الآخرين والعائلات والأهل".

وتقول "المدارس الخاصة تحتاج أن يأتي الناس لدفع الرسوم. تحتاج أن تفكر بالمدخول الجديد. لذلك فإن أية فضيحة ستؤثر على المدارس".

وكانت مدرسة هايغيت (Highgate School) شمالي لندن إحدى المدارس الخاصة التي تناولتها الشهادات المنشورة.

وقالت طالبة سابقة في هذه المدرسة إن طاقم المدرسة تجاهل أقوالها عندما أخبرتهم: "اغتصبني أحد أصدقائي في حفلة عندما كنت في صف 13 (أي بعمر ما بين 17 و18)".

"أبلغت المدرسة بحادثة الاغتصاب بعد مرور ثمانية أيام عليها - وعندها بدأ فشلهم المروع بتأمين الدعم لي".

وتضيف: "في أحد اجتماعات المدرسة مع والديّ، قال مسؤول في المدرسة إن المشروبات الكحولية كانت موجودة، أي أنه أراد التقليل من شرعية شكواي. قيل لي إن الأمر كان عبارة عن شهادتي أمام شهادته".

وشاهد فريق عمل بي بي سي نيوز نايت ملفا يضم عدة صفحات تحوي مئات الشهادات المشابهة.

وقالت المدرسة إنها ستبدأ "فورا مراجعة خارجية تتعلق بمزاعم الإساءة الجنسية والتحرش" وأنها "تعمل على خطة لوقف التمييز المبني على جنس الشخص".

تعتمد المدارس الخاصة - جزئيا - على التمويل الخاص الذي تحصل عليه عبر رسوم التسجيل، علما أن رسوم عدد من هذه المدارس المذكورة على الموقع تصل إلى أكثر من 20 ألف جنيها إسترلينيا في العام (أي أكثر من 27 ألف دولار أمريكي".

وغالبا ما يتمكن طلاب هذه المدارس من دخول أفضل الجامعات، أي أن دفع هذه الرسوم تعتبر استثمارا جيدا للأهل وضمانا بتعليم جيد.

ولكن ظهرت دعوات تطالب بأن يقل التركيز على الجانب الأكاديمي فقط، من أجل الاهتمام أكثر بالسلوك وتصرفات الطلاب.

وقال السير أنتوني سيلدون، المدير السابق لكلية ويلنغتون المستقلة، إن هذه الفضيحة التي ظهرت هي أمر "مرعب".

وأوضح: "نحن بحاجة إلى إنعاش النظام التعليمي لكي يحقق الأفضل لكل طفل. وبدلا من مجرد منحهم جميع المزايا التعليمية، يمكن أيضا تطوير شخصياتهم بشكل شامل، وتقوية إبداعهم وقدرتهم على الأداء الجيد في العمل وفي المجتمع، ومعرفة كيفية إدارة صحتهم العقلية".

وأضاف: "يا إلهي، إن المدرسة هي أكثر بكثير من مجرد إجراء اختبارات وامتحانات".

وأكدت وزارة التعليم أنها تعمل مع الشرطة لتقديم الدعم والحماية للأشخاص الذين بلّغوا عن الانتهاكات.

ويأمل الضحايا الذين تعرضهم للاعتداءات أن يؤدي تسليط الضوء على شكاويهم إلى إحداث تغيير، لكن بعضهم يخشى أن يتلاشى هذا الاهتمام إن خفت الضوء عن قضيتهم.