نيينغتري (China): حولت بايما البالغة 27 عاماً منزلها المتواضع في التيبت إلى نزل ريفي، بدعم من الدولة، وانصرفت إلى العمل في القطاع الفندقي، إذ أن السياحة في ما يعرف بـ"سطح العالم" تشهد ازدهاراً بتشجيع من بكين وملايين السياح الصينيين.

محاطة بجبال يغطيها الضباب على مسافة 500 كيلومتر من العاصمة لاسا وعلى مقربة من الحدود المتنازع عليها مع الهند، حذت معظم المنازل في قريتها النائية تاشيغانغ حذوها وتحولت إلى بيوت ضيافة.

وقالت بايما لوكالة فرانس برس بوجود مسؤولين صينيين رافقوا صحافيين في زيارة نادرة خاضعة للإشراف إلى التيبت "اعتدنا على حياة الرعي والزراعة (...) إلى أن شجعتنا الحكومة على إدارة نزل".

وتلقى القرويون الذين يتحدثون اللغة التيبتية، دروسا في لغة المندرين لمساعدتهم على التعامل مع الضيوف الصينيين الذين ساهم وصولهم إلى زيادة مداخيلهم.

لكنّ منتقدي هذه المشاريع يحذرون من أن زيادة عدد الزوار قد تؤدي إلى تغيير أساليب الحياة التقليدية.

وقالت بايما من منزلها المليء بأثاث خشبي مزخرف وجدران ملونة "فتح فنادق ليس مهمة صعبة مثل الرعي".

وليس من السهل على الصحافيين الأجانب زيارة هذه المنطقة الحساسة التي تقول بكين إنها "حررتها سلميا" عام 1951.

وكان إرسال تقارير من التيبت بشكل مستقل شبه مستحيل منذ العام 2008 حين اندلعت احتجاجات عنيفة في لاسا وفرضت بكين قيودا على الوصول إلى المنطقة وسكانها.

وانضمت وكالة فرانس برس إلى جولة نظمت بإشراف حكومي أخيرا في المنطقة.

وتتلاءم السياحة في التيبت مع أحد الأهداف الرئيسية للصين، وهو الحد من الفقر، لكنها أيضا، تتبع نمط تغيير مناطق نائية لديها تاريخ في مقاومة حكم بكين، كما يحذر خبراء.

وتدفق 35 مليون سائح إلى المنطقة العام الماضي، أي ما يعادل عشر مرات العدد الإجمالي لسكان التيبت، ما أدى إلى تحذيرات من أن ذلك قد يضر بأنماط الحياة التقليدية والقيم.

وقال روبرت بارنيت من كلية "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" في لندن "إن التدهور الثقافي الذي ينطوي عليه هذا المشهد السياحي الجماعي أمر مقلق جدا" رغم أن هناك فائدة مادية لسكان التيبت.

تدفق مسافرون من البر الرئيسي للصين إلى المنطقة، منجذبين بالمناظر الطبيعية الخلابة وأجواء الغموض.

يرتدي كثر منهم الملابس التقليدية لسكان التيبت ويقفون خارج معالم ثقافية في العاصمة لاسا.

تضم قرية بايما الصغيرة 51 فندقا للعائلات، وفقا لمسؤولين، ما يربط الجزء الأكبر من سكانها بقطاع السياحة.

ولم تر وكالة فرانس برس أي سائح في القرية أثناء زيارتها.

وأوضحت تشين تيانتيان، وهي مسؤولة في الحزب لصحافيين خلال هذه الرحلة أن "الحكومة تنظم تدريبا ثقافيا وتدريبا على اللغة الوطنية المشتركة وتدريبا على صناعة تنظيم المآدب" مشددة على أن البرامج كانت "طوعية".

وأضافت "الآن يستطيع 80 في المئة من سكان القرية التواصل بلغة المندرين".

وقالت كانغجي جارة بايما مرتدية فستانا تقليديا، إن حياتهم تغيرت.

وروت فيما تتدلى أربع صور للرئيس الصيني شي جينبينغ على جدران نزلها "مع وصول غرباء... أصبحنا عرضة لأشياء جديدة".

ويقول خبراء في التيبت إن بكين ضخت أموالا في المنطقة آملة بأن يساهم النمو الاقتصادي في القضاء على النزعات الانفصالية في البلاد.

ومع ذلك، قال بارنيت إن ذلك ينطوي على احتمال "تسليع الثقافة" مضيفا أن بكين تتوقع رد استثماراتها "بامتنان الحزب على كرمه".

وقال هوشيونغيينغ وهو مسؤول في المقاطعة التي تدير القرية "هدفنا التالي هو اجتذاب سياح أجانب".

لكن في الوقت الحالي، لا يمكن معظم الزوار الأجانب دخول التيبت إلا بتصريح خاص وبرفقة مرشد معتمد. في العام 2019، زار المنطقة 270 ألف سائح أجنبي فقط.