تاند (فرنسا): بعد أكثر من عام على فيضانات استثنائية شهدتها مناطق الألب الفرنسية والإيطالية، تجسد إعادة تسيير رحلات "قطار الثلج" بين البلدين الدور الأساسي لسكك الحديد في الوصل بين هذه المناطق ذات التضاريس الوعرة في البلدين.

ففي 2020، ضربت فيضانات بقوة نادرة مناطق عدة في محيط مدينتي نيس ومنتون الساحليتين، ما أدى إلى وفاة عشرة أشخاص وفقدان ثمانية آخرين في الجانب الفرنسي، خصوصا في وادي رويا الذي زاره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين. كما طاولت هذه الفيضانات شمال إيطاليا.

كما أن نفق تاند الذي يربط براً في الفصول كافة هذه المدينة الفرنسية بمحطة ليموني الإيطالية للتزلج، لن يُفتح مجددا قبل 2023 بعدما أتت عليه الفيضانات. كما أن مسارا يُسمى طريق "الأربطة الخمسين" غير متاح إلا في الصيف.

وبالتالي يشكل القطار خلال الشتاء وسيلة النقل الوحيدة بين المنطقتين في فرنسا وإيطاليا.

ويقول رئيس بلدية تاند جان بيار فاسالو إن "الجانب الإيجابي الوحيدة للعاصفة أليكس سنة 2020 هو أننا أدركنا أن القطار ضروري لوادي رويا والمنطقة بأسرها: إنه الحبل السري بين منطقة بيمونتي الإيطالية والكوت دازور (الريفييرا الفرنسية) وموناكو".

وبعدما واجه تهديدات طاولت بقاءه، تبيّن أن القطار هو وسيلة النقل الوحيدة المتاحة بعد الطوافة عقب الكارثة، بعدما أتاح نقل مئات الأطنان من المواد الأساسية للمتضررين في منطقة وادي رويا من الساحل.

غير أن هذا القطار توقف في ديسمبر 2020 لأشهر عدة بسبب هشاشة جسر قوسي في فونتان.

لكنّ "قطار الثلج" الذي يتيح التنقل من ليموني ثم إكمال الرحلة في قطار آخر نحو مدينة كونيو الإيطالية، عاد إلى السكة مجددا إذ يسيّر ست رحلات مجانية يوميا.

وفي منطقة ليموني الإيطالية للرياضات الشتوية والتي تضم 1500 نسمة و80 كيلومترا من مسارات التزلج، يتيح القطار نقل المتزلجين منذ مطلع القرن العشرين، قبل أن يُنقلوا عبر حافلات إلى المسارات.

ويقول المسؤول عن مدرسة التزلج في تاند لوك فيوريتي "نستعيد البسمة بعد سنة من الركود". وقد التقت به وكالة فرانس برس في محطة تاند الصغيرة للقطار حيث كان ينقل من إيطاليا حوالى خمسة عشر متزلجا شابا، بينهم ابنته أناييس.

والارتياح نفسه باد عند مديرة مدرسة سان دالماس دو تاند المحلية باسكال بيان التي تقول "لا يمكن للطلاب العشرين في قسم تعليم التزلج العودة مرتين أسبوعيا إلى ليموني وحسب، بل يتيح ذلك خصوصا لبعض المدرّسين لديّ استعادة حياة طبيعية أكثر".

وذلك يعود خصوصا لأن بعض هؤلاء يعيشون في إيطاليا، خصوصا في كونيو، وكان يتعين عليهم الوصول باكرا جدا أو العودة في وقت متأخر جدا بسبب ندرة المواصلات بالقطارات خلال الصيف.

ويستقل تقليديا السياح أو مالكو المساكن الثانوية الآتون إلى منطقة كوت دازور، قطار الثلج هذا للتزلج خلال النهار في المحطة الإيطالية، لكن في العام الماضي، بقيت المساكن الثانوية مغلقة بأكثريتها بعدما غاب عنها أصحابها.

ويقول فاسالو إن "قطار الثلج يجب أن يستمر بالوتيرة عينها حتى بعد الشتاء".

ويقول رئيس بلدية هذه المنطقة التي ضمتها فرنسا إلى أراضيها سنة 1947 "من الضروري ألا تفقد ليموني هؤلاء الزبائن الآتين من فرنسا، لأن فقدانهم سيسدد ضربة قوية ليس فقط لليموني بل أيضا لوادي لا رويا".

غير أن الطابع العابر للحدود لهذا القطار يصعّب إدارته. فبعد تدميره خلال الحرب العالمية الثانية، أعادت إيطاليا ترميمه بصفته من الأضرار الحربية. ومذاك، تتولى روما أيضا صيانة المسار الذي تسلكه قطارات إيطالية وفرنسية على السواء.

وجرى التوقيع على معاهدة جديدة أخيرا بين البلدين لتسهيل تشغيل الخط. كذلك في إطار خطط عمل إقليمية في فرنسا، سيتم استثمار 256 مليون يورو على خط يربط مدينة نيس بمنطقتي براي سور رويا وتاند.

وأوضح نائب رئيس منطقة بروفانس-ألب-كوت دازور جان بيار سيروس لوكالة فرانس برس أن هذا الأمر سيتيح "تحسين خطوط النقل للمسافرين والشجن على السواء".