أعلن الداعية المصري المثير للجدل مبروك عطية اعتزاله الظهور إعلاميا بشكل مؤقت، قائلا "قد أعود أو لا أعود".

وجاء الإعلان في بثٍ مباشر عبر فيسبوك قال عطية إنه اللقاء الأخير، وذلك إثر موجة عاتية من الانتقادات الموجهة للداعية الإسلامي بسبب تعليقات أدلى بها حول حادثة مقتل طالبة مصرية أمام الجامعة على يد زميل لها فيما عُرف إعلاميا بـ "فتاة المنصورة".

وفي تعليقه على الحادثة التي هزّت الرأي العام المصري، أتى عطية على ذِكر الحجاب واللباس المحتشم وأهميته للمرأة تفاديًا لتعرضها للاعتداء، فيما رآه البعض إلقاء باللائمة على كاهل الضحية.

وأثارت تعليقات عطية ضده هجوما شديدا ومطالبات بمنعه من الظهور عبر وسائل الإعلام، وذهب البعض إلى المطالبة بمحاكمته بل وبحبسه.

وتقدّم المجلس القومي للمرأة ببلاغ للنائب العام ضد عطية. وقالت مايا مرسي رئيسة المجلس إن "هذه الكلمات لا تصدر عن رجل دين .. ما قيل هو تحقير للمرأة وتحريض على العنف والقتل ضدها وهي جريمة يعاقب عليها القانون".

واتهمت نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، عطية بارتكاب عدد من الجرائم عبر تعليقه على الحادثة، ومن تلك الجرائم تعطيل الدستور والقانون، والتحريض على العنف.

ومن جهتها، قالت دار الإفتاء المصرية إن واجب العلماء اختيار الأسلوب المناسب في الحدث المناسب، وليس من طريقة أهل العلم الراسخين لوم الناس على أي تقصير في وقت المصائب والبلايا، بل الواجب تسليتهم ومواساتهم.

وقالت جامعة الأزهر، التي يعمل بها مبروك أستاذا، إنها لم تتلق حتى الآن أي شكاوى بشأن تصريحاته تعليقًا على حادثة مقتل الطالبة. ونبّهت الجامعة إلى أنه حال وصول أي شكاوى ضد مبروك ستتم إحالته للتحقيق على الفور، مؤكدة أنه يتحدث في لقاءاته باسمه ولا يتحدث باسم الجامعة.

ومن جهته، دافع عطية بالقول إن تصريحاته أسيء تأويلها.

مظهر جديد للداعية

كثيرًا ما احتلّ مبروك عطية مكانا بارزا بين قائمة الأسماء الأكثر تداولًا عبر محرك البحث العملاق غوغل.

ويتّخذ مبروك عطية مظهرا غير معهود للداعية الأزهري؛ إذ يحرص على ارتداء بذلة وليس جلبابا وعمامة، كما يمسك في يده بالورود.

وفي ذلك، يقول عطية في لقاء تليفزيوني: "بالنسبة للوردة، فإنني أظهر بها لأنها تعبر عن أن الدين الإسلامي دين ورود وجنات، واللي مش هيعرف إن الدنيا جنة مش هيشوف جنة الآخرة إلا بعد مدة طويلة أوي".

لكن الأمر لا يقتصر على الاختلاف المظهري؛ فمبروك يستخدم في خطابه مع الجماهير لغة أيضا غير معهودة من قِبل علماء الأزهر - تميل إلى الدعابة التي تصل إلى حدّ السخرية أحيانا.

وفي ذلك يقول مبروك في فيديو الوداع أو اللقاء الأخير على حد تسميته: "أنا لا أشتم ولا أردّ على أحد .. هي بضاعة علمية ليس عندي سواها .. أدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والفكاهة والدعابة ولغة الناس".

وفي غير مرّة، خاطب مبروك المتحدثات إليه بلغة عامية مصرية دارجة، مثل: "يا ضنايا ... يا بِتّ اسكتي ... يا بِتّ اسمعي .. الراجل لا هو ساندويتش، ولا فريك ماحبّش شريك".

وفيما ينسب البعض أسلوب عطية إلى الرغبة في التباسط والتقرب من لغة البسطاء كنوع من تجديد الخطاب الديني، يرى كثيرون في أسلوبه نموذجًا بعيد الشبه عن سَمْت علماء الأزهر ولا يمتّ للتجديد بصلة.

ويرى ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن الأمر يتعلق بالهوس الإعلامي، مستبعدين أن يكون مبروك جادًا في حديثه عن اعتزال الظهور إعلاميا.

وفي مارس/آذار2022 قال عطية في برنامج تليفزيوني "إن ثلاثة أرباع سكان مصر جاءوا من زيجات حرام ... وإن الزواج قد يكون شرعيا ولكنه حرام."، فيما وصفته نقابة الإعلاميين المصرية بالمهين للشعب المصري، قائلة إن عطية نطق بما لا يعي بالمخالفة للحقيقة والواقع.

مبروك والنساء

لم تكن تعليقات عطية على حادثة فتاة المنصورة هي الأولى التي تجرّ عليه انتقادات تحمل في طيّاتها اتهاما بالتحامل على المرأة؛ ففي تعليق سابق له، اتهم عطية النساء بالمبالغة في الشكوى، ورأى أن تلك قاعدة عامة.

وكان ذلك في معرض جواب عطية عن سؤال يتعلق بحُكم ضرب الزوجة، قائلا إنها "هي السبب" لأن الرجل لا يصل إلى مرحلة الضرب إلا إذا تم استفزازه بشدة، على حد قوله.

وفي حادثة فتاة المنصورة، يوجّه عطية نصيحة للنساء قائلا: "حياتك غالية عليكي اخرجي من بيتكم قُفّة". وزاد عطية على ذلك في لقاء الوداع بالقول: "البسي قفة، إلبسي خيشة، إلبسي شِوال (جْوال)، بس تعيشي".

ويستدرك قائلا :"كلمة قُفّة لا تعجبكم. والله موجودة في أمهات كتب اللغة العربية".

لكن كثيرين رأوا في تصريحات عطيّة تحقيرا للمرأة وامتهانا لها، فضلاً عن "إشاعة الإرهاب في المجتمع المصري وإخافة البنات والسيدات" بحسب نهاد أبو القمصان.

لكنه يردّ قائلا "أنا لم أسئ إلى المرأة . فقط قلت اعملي ما بدا لك وتحملي النتائج. وقلت لها البسي محتشمة ... وقلت إن ذلك لن يمنع الجريمة وإنما سيقللها فأي خطورة في هذا الكلام؟!"

من هو مبروك عطية؟

هناك شح في المعلومات الدقيقة حول الداعية المصري، إلا ان موقع بواية أخبار اليوم المصرية ذكر أن اسمه بالكامل مبروك عطية أحمد أبو زيد، وهو من مواليد عام 1958 بمحافظة المنوفية في وسط الدلتا حيث حفظ القرآن في كُتاب القرية وهو صغير.

وتخرّج مبروك في جامعة الأزهر بكلية اللغة العربية، قبل أن يعيّن أستاذا ثم عميدا بكلية الدراسات العربية والإسلامية للبنات فرع الأزهر بسوهاج.

وفي عام 2017 تراءت للداعية مبروك أهمية أن يدرس الشريعة فالتحق بكلية الشريعة والقانون وحصل بالفعل على الليسانس في الشريعة الإسلامية عام 2021.

وصدر لمبروك العديد من الكتب الدعوية والاجتماعية.