نكث بوعده ثلاث مرّات في يوم واحد
إيمان إبراهيم من بيروت: لم يكن تصرّف الفنّان فضل شاكر غير اللائق مع الصّحافة في الكويت ليمرّ مرور الكرام، حيث قام الزّملاء الصّحافيّون بشن حملة منظّمة عليه، ليتعلّم سواه من الفنّانين احترام مواعيدهم مع الصّحافة، بعد أن نكث الفنّان بوعده ثلاث مرات في يوم واحد.
وليس غريباً أن تجد غداً صحافياً يبرّر لفضل تقاعسه عن حضور مؤتمر صحفي نظّمه مدير أعماله وهو غارق في سبات عميق، بل وأن يكيل الشّتائم للصحافيين الذين تجاسروا على انتقاد النّجم، في ظاهرة أصبحت معروفة كلّما تجرّأ قلم على انتقاد فنّان، حتّى لو كان الفنّان مخطئاً.
وبين الهجوم والهجوم المضاد، تبرز إشكاليّة العلاقة بين الفنّان والصّحافي، وانعدام الثقة بين الطرفين، خصوصاً مع النظرة الفوقيّة التي يتعامل فيها بعض الفنّانين مع الصحافة، والطريقة التي تتعاطى فيها بعض الصحف مع الفنّانين، حيث يتحوّل المديح إلى تزلّف، والنقد إلى ما يشبه الردح وصولاً إلى الشتيمة المغلّفة بستار من التهذيب لزوم المهنة.
وبما أنّ العلاقة هي المفروض علاقة تكامل، وبما أنّ التكامل لم يعد أساساً في علاقة أصبحت قائمة على الشد والجذب، برزت نوعيّة جديدة من الصحافيين هم أشبه ما يكون بموظّفين لدى الفنّان، يقومون بحملات مبرمجة من الهجوم كلّما انتقد الفنّان أو حورب، حتى لو كان النّقد بنّاءً.
وأزاء هذا الواقع المكشوف، فقدت الصّحافة الفنيّة الكثير من ألقها، وأصبح ينظر للصحافي الفنّي على أنّه صحافي من الدّرجة الثانية، حيث أصبح غلاف المجلّة المدفوع يحدّد محتواها، فلم يعد الفنّان ملاماً بنظرته الفوقيّة التي ثمّة ما يبرّرها.
فالصحافي ملزم بكتابة قصائد المديح بالفنّان، وما أن ينتقده مرّة واحدة حتّى يصبح من ألد أعدائه، باستثناء قلّة من الفنانين الذي يدركون أنّ الصّحافة القائمة على المديح هي صحافة مزيّفة، وأنّ النقد هو نوع من التوجيه أو مجرّد إبداء رأي من دون خلفيّات مسبقة، وبعيداً عن نظريّة المؤامرة.
ولإلقاء الضّوء على إشكاليّة العلاقة بين الفنّان والصحافة، التقينا بعدد من الزملاء يعملون في مجال الفن والسّياسة على حدّ سواء، أجمعوا على أنّ الصّحافة الفنيّة من أصعب أنواع الصحافة، حيث يضطر الصّحافي إلى التعامل مع نجوم مصابين بهوس النّجوميّة والشهرة، ولا يملكون خلفيّات ثقافيّة للدخول معهم في نقاشات مفيدة أو حتى معارك محقّة.

ماريا معلوف: لقنّت إحداهنّ دروساً لتتحدّث بطلاقة
ماريا معلوف
الإعلاميّة ماريا معلوف التي دخلت الإعلام من بوّابة السّياسة، كان لها تجربة قصيرة مع الفنّانين خلال حرب تموز، حيث استضافت بعض الفنّانين الذين تحدّثوا عن الحرب، وكوّنت فكرة عن الفرق بين الصّحافة السياسيّة والصحافة الفنيّة، وإن كانت حواراتها مع الفنّانين لم تخرج عن إطار الحرب والمواقف الوطنيّة، تقول quot;حاورت فنّانين يملكون خلفيّة ثقافيّة، وقد فوجئت في حلقة أعددتها عن الفن والسّياسة بالثقافة العالية التي تملكها الفنّانة ميشلين خليفة، وتساءلت لماذا لا يكرمها رئيس الجمهوريّة. الفن ليس بعيداً عن السياسة إذا كان راقياً ويخدم القضايا الوطنيةquot;.
وتتحدّث ماريا عن إحدى الفنّانات التي التقت فيها في الشيراتون وقت الحرب، مستغربة قلّة ثقافتها وعدم إدراكها لأبسط الأمور، تقول quot;جلست ساعتين مع هذه الفنّانة لأعلّمها ماذا ستقول على الهواء، وكانت في كل مرّة تطلب منّي أن أعيد على مسامعها الكلام الذي ستقوله في رد على أسئلتي، ولا أنكر أنّ هذا الموقف أضحكنيquot;.
وتعترف ماريا أن التّعاطي مع الفنّان أصعب بمرّات عدّة من التعاطي مع السّياسي، تقول quot;الفنّانون يعيشون حياةً غير حياتنا، طريقة تفكيرهم مختلفة عن طريقة تفكيرنا، حتّى صحافتهم تشبههم ولا تمسّني إطلاقاًً، فطريقة كتابة الخبر مبتذلة، وهنا أتحدّث عن الصحافة الصفراء لأنّ ثمّة صحف فنيّة محترمة. آخر غلاف لمجلة الجرس أدهشني، فنانة تسلّم على رجل سياسي، شعرت أنّي في الليدو في باريس وليس في لبنان. فلو لم يكن ثمّة مجلاّت تشجّع هذه النوعيّة من الفنانات، لما كنّ استمرّين في ابتذالهن. كل فنّان له صحافته بحسب مستواه، أنا لا أشمئز من هذه النوعيّة، فالدنيا مستويات وليس كل النّاس سواسيةquot;.
وتتساءل ماريا لماذا نستوعب رؤية بريتني سبيرز أو كايلي مينوغ شبه عارية ولا نستوعب رؤية فنانة لبنانية بملابس مثيرة؟ لكنّها تستدرك أنّ الانحطاط الذي يعاني منه العالم العربي اليوم أدّى إلى نشوء هذه النوعيّة من الفنّانبن، بالتالي هذه النوعيّة من الصّحافة.

يحيى جابر: الصّحافي أهم بكثير من الفنّان

هل خجلت إليسا من ماضيها؟
وبما أنّ العلاقة بين الصّحافي والفنّان علاقة مصالح متبادلة، يبقى السؤال من يحتاج إلى الآخر أكثر؟ وهل بإمكان الفنّان الاستمرار من دون صحافة؟
يقول الزّميل يحيى جابر، صاحب الخبرة الطويلة في الصّحافة الفنيّة والسياسيّة على حدّ سواء quot; أعتقد أنّ الحاجة أصبحت متبادلة، ولأكون موضوعياً الصحافي يحتاج إلى الفنّان والطرف الثالث بينهما هو القارىء، الذي يريد أن يعرف أخبار الفنّان عبر الصّحافة. لكن بصفتي فنّان أجزم أنّ الصّحافي أهم بكثير من الفنّان، فالصحافي يعبّر عن وجهة نظر القارىء وهو ضمير الجماهير، وبهذا المعنى هو الأساسquot;.
وعن نظرة الفنّان الدونيّة تجاه الصّحافي الفنّي، الذي يعامل أحياناً معاملة فيها الكثير من الاحتقار وكأنّه تحصيل حاصل أو لزوم ما لا يلزم، يقول quot; برأيي أنّ ثمّة صحافين شرشحوا المهنة، بحيث تحوّلوا إلى مرتزقة، أو إلى أدوات تبخيريّة أو إلى مروّجين للفن الهابط، فأصبح هذا الفنان الذي وصل إلى النجومية بفضل الصّحافي، يعتبر أنّه يشتري غلاف، أي يشتري صحافي والنقد والرّأي، وبالطبع ينظر هذا الفنّان الهابط نظرة دونيّة تجاه الصحافي الهابط مثله، وهذه العلاقة بين هذه النوعيّة من الفنانين والصحافيين تعطي مادّة هابطة للمشاهد أو المستمع أو القارىء. إنها أزمة ذوق لدى الصحافيين والفنانين مروراً بعزيزي المستمع أو عزيزي المشاهد او عزيزي القارىءquot;.
ثمّة شعرة تفصل بين النقد والتجريح، وبين المديح والتزلّف، فحين ينحدر مستوى الصّحافة من النقد إلى كيل الشّتائم والتجريح غير المبرّر بشخص الفنّان، ألا يحقّ لهذا الفنّان أن يحتقر الصّحافة؟
يجيب جابر بالإيجاب quot; من خلال تجربتي الخاصّة، لمست أنّ الفنّان يسعى بنفسه لترويج شائعات مغرضة عنه، لأنّه يكون قد أدمن الضوء، بالتالي كلّما زادت الجرعة كلما كان الفنان سعيداً، ولنقل أنا عندي إيدز أو سرطان أو ارتبطت بعلاقة بإحدى الفنّانات ومن ثمّ نتفق على نفيها، وما في ذلك من استغباء للجمهور، هي دورة وبهذا المعنى أصبحت الصّحافة محكومة للإعلان، الصحافة المشاكسة أو تلك التي تملك معاييراً من الجودة لا تأخذ إعلاناً وإن أجتذبت القراء، والشركات الكبرى تعمل على تسويق هذه التّفاهة من صحافي تافه وفنّان تافه، بالنهاية الفنّان الذي تمدحينه يومياً يخسر صداقتك من نقد واحد ولو كان بناءً، لأنّه حسّاس أكثر من اللازم، ولأنّه اعتاد على الدلعquot;.
ماريا وفن الأكاذيب
هل تكمن مشكلة الفنانين في أنّ معظمهم غير مثقّف، أم في طريقة تعامل الصّحافة الفنيّة معهم، والتي أعطتهم من الأهميّة ما لا يستحقّه معظمهم؟
يقول quot; الفنّان يجب دائماً أن يحاسب وينتقد لا بل ويحارب، لأنّه يفرح بالحرب التي تشن عليه ويعتبرها جزءً من الترويج له، هو لا يغضب من النقد بل يغضب من الحقيقة، من الوقائع، هو دائماً يسعى إلى الشّتيمة لا بل يبحث عنها ليستعيد ألقه ونجمه، لأنّ الفنّان عموماً يخاف من الإهمال، وأهميّة الصّحافة عموماً هي أن تهمل الفنّان، ألا تقول عنه شيئاً، وهذه أصعب طريقة لمحاربة الفنّانquot;.
وعن علاقة الصداقة التي تربط بعض الفنّانين ببعض الصّحافيين يقول quot; أي محرّر صحفي أو رئيس تحرير لا يملك شبكة علاقات هو بالنهاية صحافي فاشل، لكنّ الصداقات الحميمة تخرّب علاقة الصّحافي بالفنّان، وأنا صاحب الخبرة الطويلة في هذا المجال لم أرتبط يوماً بعلاقة صداقة مع أي من الفنّانين، فثمة فنانة رفعت عليّ قضيّة لأنّ مجلّتي نشرت عنها كاريكاتور اعتبرته مسيئاً وكسبت الدعوة لأعود أنا واستئنفها من جديد، هذه الفنّانة لا تعرف صورة وجهي، هذه النوعيّة من الفنانات لا تعرف معنى الصحافة، والصحافي عندها هو جورنالجيquot;.
ويؤكّد جابر أنّ هذه الفنّانة كانت سعيدة بالكاريكاتور الذي نشر، وكان نوعاً من الدعاية والترويج له، لكنّه يجزم ساخراً يأنّها رفعت قضيّة لأنّها اعتبرت في الكاريكاتور تشويهاً لفنّها الرّاقي. يقول quot;لم يكن في الكاريكاتور مساً في الذات الألهيّة، ولم تنزل الجماهير احتجاجاً إلى الطرقاتquot;.
جابر الذي أجرى قبل سنوات حديثاً مع طليقة زياد الرحباني قالت فيه ما لا يجب أن يقال عن فيروز، أكّد أنّ السيّدة فيروز لم ترفع قضيّة ضدّه، وإن كان زياد في إحدى مقابلاته قد كال له من الشّتائم، يقول quot;الغريب أنّ السيّدة فيروز بعد كل ما قيل عنها في مجلتي دعتني إلى منزلها مع وفد من الإعلاميين، وأجريت معها حواراً واعتذرت منها أمام الجميعquot;. ويقارن يحيى جابر بين موقف السيّدة فيروز وموقف فنّانة الكاريكاتور ليجزم بسخرية بأنّ فيروز أهم من تلك الفنّانة، يقول quot;الفنّان الكبير كبير، والفنّان الصغير صغير، ثمّة فنانون يبصمون في الفن وآخرون يمرّون مرور الكرامquot;.
وعن الصّحافيين الذين يكيلون الشتائم لصحافي تجاسر على نقد فنّان يقول quot;هذه النّوعيّة من الصحافيين تشبه تلك النوعيّة من الفنّانين، ويطلق عليه لقب مجرّصاتي، هو من النوع الذي يكتب رأيت فلان مع فلانة وهو لم ير شيئاً، ثمّة جو كوميدي رهيب في عالم الفن والصحافة يحتاج إلى فرويد خاصquot;.

نوال الزغبي: أكره الفلسفة
ريميال نعمة: بعض الفنّانين يخجلون من ماضيهم
الزميلة ريميال نعمة، مقدّمة برامج عبر أثير إذاعة quot;الشرقquot;، وصاحبة خبرة طويلة في مجال الصحافة، تتحدّث بإسهاب عن انعدام الثّقة بين الفنّان والصّحافي، تقول quot;انعدام الثقة يتحمّل مسؤوليّته هذا الجيل من الفنانين والصحافيين على حد سواء، خصوصاً الصحافيين غير المهنيين، الذي لا يزالون يملكون هذه الدّهشة تجاه الفنّان، يذهبون إليه بغية التقاط الصور معه، ويتصرّفون بطريقة دونيّة، تمجّد الفنان وتضعه في مرتبة أقرب إلى الآلهة. لا شك أنّ ثمّة صحافيين يملكون قدراً من المهنيّة واحترام الذات، فالاحترام المتبادل أساساً للعلاقة بين الفنان والصحافي بعيداً عن الصداقات. أنا شخص يرفض صداقة الفنّانين، بالمقابل ثمّة صحافيين يعتزّون بصداقة بعض الفنّانين ويعتبرونها امتيازاً. أنا لا أريد هذا الامتياز ولا هذا الشرف، لأنّهم مختلفين عنّي، هم من جو بعيد عن ثقافتي وعالمي الخاص، أنا بنت مخلصة ووفيّة وعندي كل المبادىء الجميلة، بينما الفنانون يفتقرون إلى كل هذه المبادىء. بعض صحافيي اليوم يليقون بفناني هذا العصر ويشبهونهم إلى أقصى حدquot;.
تتحدّث ريميال عن مشكلتها مع الفنّان مع عبد الله الرويشد، والتي وصلت أصداؤها إلى الصحافة وأخذت الكثير من النقاش والأخذ والرد، تقول quot; طريقة تعامل بعض الصحافيين مع الفنّان جعلته يشعر بفوقيّته وبأنّ الصحافي ملزم بانتظاره بالساعات. تخيّلي أنّ كل مشاكلي مع الفنانين هي بسبب عدم احترامهم لأوقاتهم ومواعيدهم. مشكلتي مع الرويشد أنّه جعلني أنتظره أربع ساعات، وكنت حينها في الكويت أغطّي فعاليّات مهرجان quot;هلا فبرايرquot;، واضطررت إلى انتظاره لأنّ برنامجي كان يبث مباشرة على الهواء، وعندما جاء عاتبته بطريقة مهذّبة، لكنّه أساء فهمي وتصرّف معي بطريقة خاطئة، خصوصاً أنّي أهنت من قبله، وحاول أن يتهجّم عليّ بالضرب، وقد لفتني تعاطف الصحافة الكويتيّة معي، غير أنّ ثمّة صحافيين متسلّقين، متزلّفين دافعوا عن عبد الله الرويشد. صحافتنا للأسف تفتقر إلى الفروسيّة في التعاطي مع الخصم، تعلّمت أن أحارب الفارس وهو فوق حصانه، وإن سقط عن حصانه وضعت سيفي في جرابه، بعض المتزلّفين لديهم مصالح خاصّة بسبب حفنة من الدولاراتquot;.
وتتحدّث ريميال عن ضرورة أن يكون ثمّة تكافؤ بين الفنان والإعلامي، تحكمها المهنيّة. وعن سبب تدهور الصّحافة الفنيّة تقول quot;نحن لا نعيش في عصر زعماء، التدهور والانحطاط يطال كل جوانب حياتنا، من فن وسياسة وصحافة، لذا هذه النوعية من الفنانين تليق بها تلك النوعيّة من الصحافيين، نحن اليوم نكتب عن من؟ عن دانا ونانا وماريا؟ أنا أنقذت نفسي من هذا المستنقع، القلّة من الفنّانين تملك موهبة حقيقيّة والباقي فن قائم على الابتذال والسطحية، علماً أني ضد الفنان الأصيل غير المثقف والذي لا يملك حداً أدنى من الاحترام والأخلاق، وأنا أجزم أن الأخلاق ليست موجودة عند الكل، فكيف نطالب بصحافة راقية في هذا الوسطquot;.
كيف ننقذ صحافتنا الفنيّة التي وصلت إلى شفير الهاوية، وكادت تفقد ما تبقّى لها من مصداقيّة، تقول ريميال quot; فلنكن نحن، ولتكن معركة، ولنكتب لقارىء وليس لفنّان.quot;
هل تفقد الصحافة الفنيّة بريقها عندما تبتعد عن الفضائح؟ تقول quot;الفضيحة موجودة وهي في غالبيّة الأحيان من صنع الفنان نفسه، ألا يورطنا الفنان عندما يدعونا إلى عرسه ويرسل إلينا صور أولاده ويدخلنا إلى منزله؟ أنا دخلت إلى بيوت الفنانين وكتبت عنها، وتعاطيت مع المواضيع برقي، لم أفتر على أحد، كتبت عنهم عن ماضيهم، ولم أصادف مشكلة إلا مع بعض الذين يخجلون من ماضيهم، مثلاً فضل شاكر شكرني بينما إليسا خجلت من ماضيها وواقعها وهاجمتني، كذلك غضبت ماريا لأنها تجيد فنّ الأكاذيب على الناسquot;.

فاتن حموي: بعض الصحافيين أصبحوا حاشية في بلاط أمبراطورة الفن

عبد الله الرويشد وسياسة الضرب للصحافيين
الزّميلة فاتن حموي التي تقدّم نشرة الأخبار عبر أثير quot;صوت الشعبquot; فضلاً عن برنامج منوّع وإدارتها لإحدى المجلات الفنيّة، تقول quot;العلاقة بين الفنّان والصّحافي هي علاقة تكامل، وليس علاقة من جهة واحدة، لذا لا يجوز أن يتعاطى الصّحافي مع الفنان بمنطق دوني، أو يخاف من النقد أو حتّى من خسارة فنّان ما بسبب نقد وإن كان محقاً، لكن نعود إلى قضية من هو المخوّل بالنقد؟ بما أنّه ثمّة دخلاء كثيرين في عالم الصحافة، وبما أنّ هناك عدد من الفنانين اعتادوا أن يشتروا الأخبار، واعتادوا على التزلف والمديح وأن يحملوا على كفوف الرّاحة بين عدد من الصحافيين، أصبحوا حساسين تجاه النقد، بما فيه النقد البنّاء، وهم لا يكتفون فقط بالاعتراض، بل يقاطعون الصحافي. فلو كانت ثمّة علاقة سليمة بين الفنان والصحافي قائمة على الاحترام المتبادل، لما كنّا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها النقد ممنوعاًquot;.
لكن كيف نطالب الفنّان بتقبّل النّقد في الوقت الذي يشنّ فيه زملاء المهنة الواحد هجوماً ضد زميل تجرّأ على انتقاد فنّان يعتبر فوق مستوى النقد في عرف البعض؟ تقول فاتن quot; اليوم أصبح لدينا أمبراطورة فنيّة وحولها حاشية، تتصل بحاشيتها وتطلب منهم تلقين درساً لصحافية تجرأت على نقدها، وأذكر أن زميلة قالت لي أنّها تحب ثلاث فنّانين وتكره كل صحافي يتجرأ على انتقادهم، أجبتها بأني أفهم موقفها وأفهم الخلفية التي تنطلق منها عندما تكتب، فعندما تطغى مشاعر الصحافي على عمله يصبح عمله غير احترافيquot;.
فاتن التي خاضت مجال السياسة والفن، تعتبر أنّ الصحافة الفنيّة أصعب بكثير من الصحافة السياسيّة تقول quot;مقابلة الفنان أصعب بكثير من مقابلة السياسي، وهذا أمر سخيف وتافه، فالفنان الذي يقول لي لا أقول له مع ألف سلامة، أنا شخصياً أفضّل التعاون مع ممثلين مصريين وسوريين أكثر من الفنانين اللبنانيين الذين أصابتهم لوثة الغرور، عندما تتصلين بسياسي يدرك أنّك ستحاورينه حول موقف معيّن، ويعتذر في حال تأخر، بينما الفنان يعطيك موعداً وينسى أن يحضرquot;.
وترى فاتن أنّ المشكلة تكمن في الصحافي نفسه، تقول quot;الصحافي السياسي يعرف حدوده ويقدّر مهنته ويعرف أنّه المحرّك للقارىء والسياسي على حد سواء، أما الصحافي الفني فأوصل نفسه إلى هذا المستوى بسبب عدم تقديره لذاته، وطالما أنّ الفن بات في أدنى مستوياته، فلا بدّ أن تلحق به الصحافة الفنيةquot;.
وعن أطرف المواقف التي صادفتها مع فنّانين تقول quot;كنت أحاور الفنّانة نوال الزغبي فسألتها عن دورها على مسرح الحياة، فقالت لي أكره الفلسفة، ولا أنكر أنّ إجابتها استفزتني، لأنّني لم أكن أهدف إلى الفلسفة عليها، لكنّي سألت السؤال بطريقة مختلفة، وأنا أفاجأ بالطريقة التي يسخر فيها الناس من كلمة فلسفة وكأنّها أمر سخيف وتافه بينما هي فلسفة العظماء والحكماءquot;.
هل يجب أن نقرع ناقوس الخطر على الصحافة الفنيّة، تقول quot;الناقوس قرع منذ مدّة طويلة، لكنّهم غير آبهين لأنّهم أصلاً لا يعرفون معنى كلمة ناقوسquot;.
[email protected]