موسكو: عاد التمرد الاسلامي الذي تراجع في السنوات الاخيرة الى الواجهة في القوقاز الروسي، خصوصًا في الشيشان، بعد عملية انتحارية في غروزني ومعارك في داغستان.
والاحد عندما كان الاف الشيشان يستعدون لإحياء يوم مدينة غروزني العاصمة الشيشانية، فجر شاب في الـ19 القنبلة المخبأة في حقيبته، ما اسفر عن مقتل خمسة شرطيين واصابة 12 شخصًا بجروح عند مدخل قاعة للاحتفالات الموسيقية.

اعقب العملية الانتحارية الإعلان الاثنين عن مقتل سبعة متمردين اسلاميين وشرطيين اثنين في معارك في جمهورية داغستان المجاورة. وأحيت هذه الحوادث المخاوف من اندلاع دوامة جديدة من العنف في القوقاز الشمالي، الذي شهد حربين في الشيشان في تسعينات القرن الماضي، ثم مطلع العام ألفين. وفي السنوات التي اعقبت اصبح التمرد الانفصالي اكثر تشددا وتطرفا، ثم تراجعت عملياته.

وبعد اعتداء الاحد قلل الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، الذي يحكم الجمهورية بقبضة من حديد بدعم من الكرملين، من اهمية هذا التصعيد عاملًا على طمأنة السكان. وقال على حسابه على انستاغرام "الوضع في الشيشان مستقر وتحت السيطرة التامة لقوات الامن". لكن الخبراء يرون ان "استقرار" الشيشان نسبي.

وكتب رئيس تحرير الموقع المتخصص في قضايا القوقاز غريغوري شفيدوف "بالتأكيد تراجع عدد القتلى وحوادث اطلاق النار، لكن الوضع بعيد كل البعد عن الاستقرار". وقال "اذا تراجعت الاعتداءات في القوقاز الشمالي، فالأمر لا يعود الى ان قوات الامن تعمل بفعالية اكبر، بل لان السلطات الجديدة في +امارة القوقاز+ تفضل اللجوء الى اساليب اخرى".

و"امارة القوقاز" الحركة الاسلامية، التي تأسست على انقاض التمرد الانفصالي الشيشاني ضد موسكو خلال الحرب الثانية بين الشيشان وروسيا، تخطت حدود الشيشان لتركز انشطتها في جمهوريتي انغوشيا وداغستان المجاورتين. ويبدو ان الحركة المسؤولة عن اعتداءات دامية عدة في روسيا، اصيبت ببعض الوهن في السنوات الاخيرة خصوصا مع مقتل مؤسسها الشيشاني دوكو عمروف في اذار/مارس.

وقال الكسندر تشركاسوف رئيس منظمة ميموريال الروسية لحقوق الانسان ان "قوات الامن تتكبد اليوم خسائر اقل في المواجهات مع المتمردين". واضاف ان تراجع نشاط حركة التمرد يعود الى ان المقاتلين"يغادرون القوقاز الشمالي الى سوريا" للانضمام الى الدولة الاسلامية. وتابع "يتركون كل شيء للتوجه الى سوريا". واحد المتمردين الذين قتلوا في داغستان الاثنين تدرب في سوريا على تقنيات استخدام المتفجرات، كما نقلت وكالة انباء ريا نوفوستي الروسية عن الشرطة المحلية.

وقال شفيدوف انه حتى لو لم تتبن اي جهة بعد مسؤولية اعتداء الاحد، فان المتمردين في القوقاز يتحركون بـ"حوافز خارجية". ورأى ان "هناك ما يدفع الى الاعتقاد بانهم اقاموا رابطا مع تنظيم الدولة الاسلامية وانه قد يعزز". وفي فيديو نشر مطلع ايلول/سبتمبر على موقع يوتيوب هدد جهاديو الدولة الاسلامية بشن "حرب" في الشيشان والقوقاز "لتحريرهم" من سيطرة الروس.

لكن الاسباب التي دفعت الانتحاري، البالغ الـ19 من العمر الى تفجير عبوته، مرتبطة ايضًا بالاطار المحلي، كما قال خبراء روس. وقال مدير مركز الابحاث الاجتماعية - السياسية فلاديمير افسييف "يبدو ان الانتحاري كانت لديه حسابات شخصية مع قديروف". وذكر شفيدوف "المخطط الجديد لمكافحة الارهاب في القوقاز يستخدم وسائل يبدو انها فعالة، لان عدد قتلى المتمردين مرتفع. لكن هذا التكتيك يغذي في الوقت نفسه التمرد ويرفع من نسبة العنف".

&