قطعت قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أحد أكبر المكونات السياسية اليسارية المعارضة في المغرب، شعرة معاوية مع "الغاضبين" داخل الحزب، المنتظمين في تيار "الديمقراطية والانفتاح"، باتخاذ قرارات أغلقت الباب في وجه أصحاب نداء "من أجل مستقبل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، الذي كان الغرض منه تذويب الخلافات وتجنيب الحزب انشقاقاً جديداً.


أيمن بن التهامي من الرباط: جاءت هذه القرارات في اجتماع اللجنة الإدارية، أول أمس السبت، في المعمورة (ضواحي العاصمة الرباط).

قيادات خارج الحزب
وضعت الأزمة الداخلية للاتحاد ثلاثة قياديين خارج الحزب، اثنان طردهما المكتب السياسي، وهو القرار الذي زكته اللجنة الإدارية (برلمان الاتحاد)، في حين اختار الثالث الترجل طواعية.

يتعلق الأمر بأحمد رضى الشامي وعبد العالي دومو، اللذين أعفيا من جميع المهام والمسؤوليات داخل الحزب، في حين قدم عبد الجليل طليمات استقالته من المكتب السياسي للحزب، كرد فعل على طرد القياديين المذكورين.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن يعيد "نداء المستقبل" الهدوء إلى البيت الاتحادي، جاء اجتماع اللجنة الإدارية ليكشف "المسار التصعيدي" الذي اختارته قيادة الحزب، بزعامة الكاتب الأول إدريس لشكر، بتزكية طرد الشامي ودمو، وإعطاء الضوء الأخضر للمكتب السياسي من أجل& قرار إعادة هيكلة الجريدتين الناطقتين باسم الحزب "الاتحاد الاشتراكي" و"ليبيراسيون"، إداريًا، وقانونيًا، وسياسيًا، علمًا أن رأس مالهما مملوك للبرلماني عبد الهادي خيرات، أحد النواب المنتمين إلى تيار "الانفتاح والديمقراطية".

لا تسامح مع الفوضى
أظهرت القرارات التي اتخذتها قيادة الاتحاد أنها تتجه نحو "القطيعة النهائية"مع أصحاب تيار "الانفتاح والديمقراطية". وقالت حنان رحاب، عضو المكتب السياسي للحزب: "الاتحاديون والاتحاديات في حزبهم. والاتحاد لم يطرد أحدًا، ولم يقطع شعرة معاوية مع أي كان، لكن في الوقت نفسه الحزب، من خلال الاتحاديين والاتحاديات، لن يتساهل مستقبلًا مع أي تجاوز يمس وحدته، والضوابط التنظيمية والأخلاقية التي نجتمع من أجلها داخل الاتحاد".

أضافت حنان رحاب، في تصريح لـ "إيلاف"، "أن تخالفني في الرأي بشكل مؤدب مرحب به. لكن السب والقذف والشتم وتشويه صورة الحزب والطعن في كرامة المناضلين وفي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كمرجع وتاريخ ومستقبل وحاضر، لن نتساهل معه"، وزادت مفسرة "إذا اختلفت معي في مسألة لم نحسم فيها بعد مرحبًا، لكن أن تسمي معارضتي معارضة غير وطنية فهذا غير مقبول".

وقالت القيادية الحزبية "ما دمنا نحضر للانتخابات فغير مسموح لنا بأي شكل من الأشكال التسامح مع الفوضى والتسيب التنظيمي. نحن حزب المؤسسة من أجل مجتمع القانون".

الحزب في عهد لشكر
في نظر حنان رحاب حزب الاتحاد الاشتراكي في عهد إدريس لشكر أفضل حالًا من عهد الكاتب الأول السابق. فالقيادية السياسية تحدثت بلغة الأرقام عن حصيلة عمل القيادة الجديدة.

وقالت "من سنة 2009 إلى الآن تغيّر الاتحاد الاشتراكي، إذ انتقلنا من 5 في المائة من الحركية في عهد الكاتب الأول السابق إلى 80 حتى 95 في المائة من الحركية في عهد لشكر"، وزادت موضحة "انتقلنا من مؤتمر إقليمي واحد إلى 40 مؤتمرًا إقليميًا نظم إلى حدود أمس الأحد. وفي الأسبوعين المقبلين، سيجري تنظيم 5 مؤتمرات أخرى، ليصل العدد إلى 45 مؤتمرًا إقليميًا، إلى جانب 32 ندوة فكرية على المستوى الوطني، والأنشطة على المستوى المحلي، وتجديد أكثر من 450 فرعًا وإنشاء 70 فرعًا جديدًا".

فوبيا القوات الشعبية
وكان إدريس لشكر، أكد، في افتتاح أشغال اللجنة الإدارية، أن "المطالبين بالحق في الاختلاف داخل الحزب هم الذين تملكتهم فوبيا القوات الشعبية، وهم الذين يحتقرون الجماهير الشعبية، لا بد أن نستحضر اليوم معهم ما قاله الشهيد المهدي بنبركة، عندما نبه في محاضرة له في الدار البيضاء عن التنظيم الحزبي إلى (روح الأرستقراطية البغيضة، التي تتكون في صفوف الحزب، والتي تسبب النفور والاستياء وتجلب التفرقة والشقاق.... وتجعل من واجبنا أن نشعر هؤلاء الذين يسبحون في الهواء ونرجهم رجاً لينزلوا إلينا)".

وأضاف لشكر "هذه المدة المنصرمة كانت مثقلة بجملة من المتاعب الزائدة والمشاكل المفتعلة، التي حاولنا جاهدين معالجتها بكثير من التسامح والأريحية"، مشيرًا إلى أن هذه المشاكل اختلطت فيها "مسلكيات مصلحية، لمحاولة إضعاف الاتحاد، خدمة لأجندة سياسية معينة".

وقال "منذ نهاية أشغال المؤتمر التاسع، ونحن ندبّر الحملة، التي يمارسها من سموا أنفسهم بالتيار، بكل صبر وحكمة، رغم كل ما قاموا به ضد الحزب، وما صرحوا به من تشهير وسب وقذف وتشويه لمناضليه وصورته أمام المجتمع".

&