قال الجنرال جون آلن، المبعوث الأميركي الخاص لدى الائتلاف العالمي للتصدي لـ(داعش)، إنه لا يمكننا أن نأمل في هزيمة التنظيم من خلال العمل العسكري وحده.

نصر المجالي: قال الجنرال الأميركي آلن إن شركاءنا في الائتلاف العالمي للتصدي لـ(داعش) يؤدّون الآن أدوارًا قيادية لوقف تدفّق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، والحدّ من تمويل (داعش)، وهزيمته حيثما يمكنه إلحاق الضرر بشكل مذهل في الفضاء الافتراضي وسوق الأفكار.

وعرض كتبه المبعوث الأميركي الخاص لصحيفة (ديفنس نيوز) لجهود مواجهة (داعش) وقال إنه في أوائل شهر حزيران (يونيو) 2014 اجتاح مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) سهل نهر دجلة. وسقطت في أيديهم عدة مدن وبلدات. كما أن التخوم الشمالية لمدينة بغداد باتت عرضة لخطر التنظيم؟ وأصبح العراق محاصرا، وذا نظام حكم مضعضع ووحيدًا في العالم.

وبعد ستة أشهر، وبعد أقل من 3 أشهر منذ أن نادى الرئيس (أوباما) بمجهود دولي ضد داعش، ثم تعيين مبعوثا خاصا لدى الائتلاف الدولي لمجابهة داعش، التقى ممثلو 60 دولة في بروكسيل يوم 3 كانون الأول (ديسمبر)، 2014، لإظهار التزامها المشترك بالحطّ من قدرات داعش وهزيمته في نهاية الأمر.

وأشار الجنرال آلن إلى أن ذلك الحشد كان ردًّا على التهديد الذي يجسده داعش للأمن العالمي بحيث أن شركاء كثيرين تلاقوا على وجه السرعة البالغة للتصدي لهذه الحالة الطارئة؛ كما كان شهادة قوية على أهمية الزعامة الاميركية "فما من دولة أخرى غير الولايات المتحدة كانت قادرة على تشكيل مثل هذا الائتلاف المتنوع لمجابهة تحد بهذا التعقيد".

اجتماع بروكسل

وقال الجنرال الأميركي انه في ذلك الاجتماع على المستوى الوزاري في بروكسل، أظهرت الحكومة العراقية التزامها بأن تصبح شريكا فاعلا في القتال ضد داعش. فقد أطلع رئيس الوزراء حدير العبادي الحضور على أحدث مستجدات جهود حكومته الوحدوية لاتخاذ خطوات هامة تعود بالمنفعة على كافة العراقيين، ومن جملتها جهود لتطبيق إصلاحات هامة في قطاع القضاء واجتثاث الفساد الذي كان ينخر الجهاز الأمني العراقي.

ونوّه آلن إلى أن العبادي أقال خلال الأسابيع الأخيرة عشرات من كبار الضباط ونشر في العلن نتائج تحقيق رعته الحكومة وكشف عن وجود جنود وهميين على لوائح رواتب الجيش العراقي. وقبل أيام قليلة من اجتماعنا في بروكسل، وقّعت بغداد على اتفاقية نفط حاسمة الأهمية مع الأكراد تناولت إدارة عائدات النفط وصادراته.

العراق

وأشار الجنرال الأميركي إلى أن استمرار مسيرة العراق نحو الإصلاح وسياسة شمل الجميع بالرعاية ستكون بالغة الضرورة لنجاح الائتلاف. وفي بروكسيل، كان هناك إقرار بأن داعش ليست مشكلة تنحصر بالعراق أو تقتصر على سوريا؛ بل هي مشكلة دولية الأبعاد وتقتضي ردّا دوليا مستداما.

وتابع المبعوث الخاص: في ظل الزعامة الأميركية يرد الائتلاف على التهديد العالمي الماثل في داعش بمجهود عالمي منسّق. وحتى الآن، تشارك ثماني دول في الائتلاف في الضربات الجوية في أجواء العراق فيما تشارك ست في الغارات الجوية في سوريا. وحتى مطلع الشهر الحالي، تم تنفيذ ما يزيد على 1200 ضربة أو غارة جوية ضد أهداف لداعش؛ وفي كل مرة قمنا بتنسيق الدعم الجوي مع القوات العراقية في الميدان، تقلّص زخم داعش الذي أصبح الآن متوجّسًا على الدوام من الهجوم القادم.

قدرات داعش

وأشار الجنرال الأميركي إلى أنه في حين يظل التركيز الآنيّ قائمًا على الحطّ من قدرات داعش وهزيمته في العراق، فإننا وشركاءنا في الائتلاف سنواصل شنّ الضربات على التنظيم في سوريا لحرمانه من الملاذ الآمن وعرقلة قدرته على استعراض قوته. إننا نترك تأثيرًا قويًا في سوريا، فلقد ضربنا مراكز القيادة والسيطرة لدى داعش، وخطوط إمداده، ومقاتليه، وقادته، وبنيته التحتية وموارده العسكرية والاقتصادية في سوريا. كما أننا أضعفنا قدرة داعش على إنتاج وتجهيز ونقل النفط. وهذا أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى أن تهريب وبيع النفط يوفر لداعش ما يصل إلى مليون دولار يوميًا.

ونبّه الجنرال آلن انه "لا يمكننا أن نأمل في هزيمة داعش من خلال العمل العسكري وحده. إن شركاءنا في الائتلاف يؤدون الآن أدوارًا قيادية لوقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب ، والحدّ من تمويل داعش، وهزيمته حيثما يمكنه إلحاق الضرر بشكل مذهل: في الفضاء الافتراضي وسوق الأفكار".

وقال: لقد ساعدت شتى البلدان على اختلاف مشاربها مثل المغرب وألمانيا والكويت في تنظيم وتوجيه هذه الجهود. وعندما نزح الملايين من الرجال والنساء والأطفال من جراء همجية داعش، بادرت عشرات الدول إلى تقديم مساهمات إنسانية كبيرة، ومن الضروري لها أن تواصل القيام بذلك، لكي تستعيد المنطقة استقرارها ويستعيد المدنيون الأبرياء المتضررون من الصراع الأمل في المستقبل.

التزامات

واستطرد الجنرال آلن قائلا: وعبر كل مسار من مسارات هذا الجهد، فإن نجاح الائتلاف في نهاية المطاف ضد داعش سيعتمد على التزامنا، وقدرتنا على الإبداع، وعلى التنسيق بيننا. كما أننا لا يمكن بالفعل أن نهزم داعش على المدى الطويل إذا لم نستغل هذه اللحظة الفريدة في التاريخ للتصرف واتخاذ الإجراءات المناسبة كمجتمع من الدول لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي سمحت لأيديولوجية داعش السامة والمدمرة بالازدهار.

وخلص الجنرال الأميركي في مقاله إلى القول: إن هذه مهمة طموحة، وقد يطول زمن إنجازها. ولكننا نتصدى لهذا التحدي بتحالف متنام ومتنوع من الشركاء. وإذا ظللنا متحدين في هذا الجهد المشترك لهزيمة داعش ووضع الأسس لشرق أوسط أكثر استقرارا، فإننا بذلك نكون قد تركنا إرثا أقوى بكثير من هزيمة جماعة واحدة متعصبة وعدمية وهدّامة من الإرهابيين. وسنكون قد وضعنا الأساس لعالم أكثر تسامحًا وأكثر أمنا وازدهارا.