استطاعت الفتاة الأفغانية نجين خبولواك أن تصبح أول مايسترو في أفغانستان رغم التقاليد والعادات الإجتماعية والدينية التي تحول دون ممارسة هذا النوع من النشاطات، لا سيّما للفتيات.

إعداد عبد الإله مجيد: كانت الموسيقى وتعليم البنات من الممنوعات العديدة خلال حكم طالبان في افغانستان من العام 1996 حتى الغزو الاميركي عام 2001، ورغم تركة طالبان الثقيلة، والقيود المفروضة على المرأة الافغانية اليوم، فقد حققت إنجازات متميزة، كما تشهد على ذلك فتاة في السابعة عشرة من عمرها، بحيث أصبحت أول قائدة فرقة موسيقية في البلاد.&
&
في حي هادئ من احياء مدينة كابل التي تضج بأصوات المروحيات وسيارات الشرطة والإسعاف وزحمة السير، هناك مبنى تنبعث منه أصوات من نوع آخر، ويرى زائر المبنى شبانًا وشابات يعزفون على الآت البيانو والتشيلو والفلوت والسارد، &انه المعهد الوطني للموسيقى، المدرسة الوحيدة من نوعها في افغانستان. &
&
أول مايسترو
&
وقدمت طالبات المعهد حفلتهن الموسيقية الأولى امام جمهور كبير وسط كابل المبتلية بالعنف، فيما اتسمت الحفلة بأهمية خاصة كونها كانت بقيادة اول فتاة تصبح مايسترو في افغانستان، وهي نجين خبولواك البالغة من العمر 17 عامًا، وتدرس في المعهد نفسه.&
&
قالت نجين، حين توجهت الى غرفة التمرين على البيانو بعد الحفلة، ان يدها تؤلمها قليلًا، ولهذا السبب لا تستطيع العزف على البيانو بالمستوى المطلوب، واضافت: "لكني أحب التمرين على البيانو".&
&
واعلنت نجين في مقابلة مع قناة بي بي سي "ان كل ما اطمح اليه هو ان اصبح عازفة بيانو ومايسترو، ليس في افغانستان فحسب بل في العالم"، واوضحت أنها لم تنشأ في عائلة موسيقية، بل عائلة فقيرة في اقليم كونار المحافظ، وأحد معاقل طالبان شمال شرقي افغانستان، وقالت: "ان البنات في كونار لا يذهبن الى المدرسة، وكثيرات لا تسمح عائلاتهن لهنّ بدراسة الموسيقى، لذا تعيّن علي الذهاب الى كابل لتحقيق حلمي، وساعدني والديّ لإتمام هذا الأمر".&
&
تقاليد
&
وحين كانت نجين في التاسعة من العمر، ارسلها والدها الى دار للأطفال في كابل لتتمكن من الدوام في مدرسة، وهناك بدأت لأول مرة تستمع الى الموسيقى وتشاهد حفلات موسيقية على التلفزيون، فيما تقدمت لاختبار القبول في المعهد الذي تدرس فيه منذ اربع سنوات مع أكثر من 200 طالب، ربعهم من الفتيات.&
&
لم تكن رحلة نجين سهلة. &فان والدتها كانت سعيدة بارسالها الى المدرسة، لكنها اعترضت على فكرة دراستها الموسيقى، ولم تكن الأم الوحيدة في اعتراضها، وتتذكر نجين ان عمها قال لها "ليس في عائلتنا فتيات يتعلمن الموسيقى، ان ذلك ضد التقاليد".&
&
وبضغط من الأقارب اضطرت نجين الى الانقطاع عن الدراسة في معهد الموسيقى ستة اشهر، وفي النهاية تدخل والدها قائلا لأخيه: "انها حياة نجين، ويجب ان تدرس الموسيقى إذا كانت تريد دراستها"، وهكذا عادت نجين الى المعهد لاستئناف دراستها.&
&
مشكلة عامة
&
وبحسب احمد سرمست، مؤسس المعهد ومديره، فان هذه مشكلة عامة "إذ تسجل طفلة بمباركة تامة من والديها، ثم يتدخل عم او خالة أو جد أو شيخ قرية ويضغط على الوالدين لسحب الطفلة من برنامج الموسيقى، او من التعليم عمومًا".
&
ولكن التقاليد والنظرة المحافظة ليست التحديات الوحيدة التي تواجه المعهد، فهناك اعمال العنف ايضًا، إذ يعتقد كثيرون في افغانستان ان الموسيقى حرام، وفي العام الماضي استهدف انتحاري شاب حفلات موسيقية قدمها طلاب المعهد خارج المبنى، &فقتل شخص من الجمهور، فيما تعرض مدير المعهد الى اصابة أضعفت سمعه و 11 شظية انغرست في رأسه.&
&
وأكد سرمست ان تكرار مثل هذه الهجمات لا يخيفه، وقال في حديث مع بي بي سي: "نحن جزء من هذا النضال، ونقف ضد العنف والارهاب بفنوننا وثقافتنا، لا سيّما الموسيقى، وهذه واحدة من الطرق التي نستطيع بها تثقيف شعبنا بأهمية العيش في سلام ووئام، بدلًا من قتل بعضهم البعض".&
&
واشار سرمست الى نجين قائلًا انها جزء من مصدر الهامه، وان الطلاب يحبونها، وهم مصرون على الدراسة رغم الصعوبات. &
&
بيانو
&
في شباط (فبراير) 2013 وقع الاختيار على نجين لتمثيل المعهد في زيارة للولايات المتحدة، حيث أحيت حفلة في قاعة كارنيغي في نيويورك، ومركز كندي في واشنطن، بالعزف على آلة السارد. &
&
وقالت نجين ان احساسًا رائعًا انتابها، لكنها كانت دائمًا تريد ان تصبح عازفة بيانو، &لذا، وبعد عودتها الى كابل، بدأت تتعلم العزف على البيانو وقيادة الفرق الموسيقية ايضًا. &
&
وقالت نجين انها بكت حين صعدت الى المسرح ووقفت امام الجمهور لقيادة الفرقة في اول حفلة موسيقية كانت هي المايسترو فيها، واضافت انها تريد ان تكون افغانستان مثل بلدان أخرى في العالم، تستطيع الفتيات فيها ان يصبحن عازفات بيانو، وقائدات فرق موسيقية.
&
وأخذت نجين تتدرب على قيادة طلاب وطالبات في فرق موسيقية مختلطة، واضعة الارتقاء ببلدها نصب عينيها. &
&