القدس: تحول ضابط استخبارات البحرية الاميركية جوناثان بولارد الذي ادين بالتجسس لصالح اسرائيل وقضى 30 عاما في السجون الاميركية الى "بطل" في اسرائيل، فاطلق اسمه على كنيس في حي سلوان في القدس الشرقية المحتلة.

وقال دانيال لوريا، رئيس جمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية ان "شخصا يحاول مساعدة إسرائيل، ويعاني بسبب ذلك، هو مزيج بين البطل والشهيد".

وكان يتحدث عن بولارد الذي تجسس لصالح اسرائيل والبالغ من العمر 61 عاما وسيطلق سراحه الجمعة وسط ترحيب واسع في الدولة العبرية.

ويقع الكنيس في المكان الذي طردت منه خمس عائلات فلسطينية قبل ثلاثة أسابيع، وليس ذلك سوى مثال على كيفية تطور وضعية بولارد في اسرائيل، وكيف يسعى اليمين لتحويله الى رمز.

وعلى الارجح، فان الترحيب ببولارد كبطل في إسرائيل سيخضع للانتظار لان بولارد ممنوع من مغادرة الولايات المتحدة مدة خمس سنوات ما لم يسمح له الرئيس الاميركي باراك أوباما بذلك.

وبدات رحلة بولارد مع التجسس عام 1984، عندما قدم معلومات سرية الى ضابط اسرائيلي برتبة عقيد. ولم يتم حتى الان الكشف عن حجم واهمية المعلومات التي نقلها الى اسرائيل.

ويدعى انه قام بنقل معلومات حيوية لامن اسرائيل حجبها الاميركيون، بما في ذلك صور اقمار صناعية لمقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.

واذا تم وضع تصريحاته حول قلقه ازاء امن إسرائيل جانبا، فان البعض يعتبر ان الدافع وراء التجسس كان مزيجا من المال والكبرياء الوطنية.

وهناك مزاعم بان بولارد مرر معلومات سرية الى جنوب أفريقيا، وقدم لزوجته انذاك وثائق خاصة بالصين لاستخدامها في مشروعها الشخصي.

وقال دبلوماسي اسرائيلي رفيع سابق لوكالة فرانس برس انه في السنوات التي تلت الحكم عليه في عام 1987، كان موقف الحكومة الاسرائيلية النفي في حين أن الجمهور الاسرائيلي كان يشعر بالتناقض الى حد كبير.

واضاف ان الحكومة لم تعترف بانه كان يعمل لصالحها، كما كان بولارد يحمل الجنسية الاميركية فقط في ذلك الوقت، وكان من شان المطالبة باطلاق سراحه وضع اليهود الاميركيين تحت المجهر.

وتابع الدبلوماسي رافضا الكشف عن اسمه "كان الموقف الرسمي أن نفضل التغاضي عنه".

واوضح انه لم يكن هناك أي ضغط جدي من الاسرائيليين للمطالبة بتغيير ذلك.

الكبرياء الوطنية ام المال؟

ومع ذلك، ابان التسعينات، بدأ بعض اليمينيين الاسرائيليين اعتبار بولارد بطلا قوميا يهوديا يدفع ثمنا باهظا ظلما.

وبدأ بولارد يرتدي القلنسوة اليهودية في السجن، بحسب الدبلوماسي، ويقدم مطالب عامة عندما كانت تتاح له الفرص النادرة.

واكد المصدر "لقد تحدث من السجن دائما بنبرة قومية عن رغبته في مساعدة إسرائيل".

بدورها، كانت استير التي تزوجها في السجن تدافع عنه علنا.

اما مارك شاو الذي وضع كتابا عن القضية، فيعتقد ان مثل هذه التصريحات عقدت الامور بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة لكي يفرجوا عنه. وعندما رغب بيل كلينتون في ذلك، هدد رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بالاستقالة.

واضاف شاو "اطلقت استير بولارد النيران التي أبقت القضية في عناوين الصحف عندما كان من المحتمل ان تكون في الصفحات الخلفية ليتم التوصل الى اتفاق".

وفي اسرائيل، ادى تعزيز موقف اليمين في عام 1995 الى منح بولارد الجنسية الاسرائيلية.

وقال الدبلوماسي "انه البطل بالنسبة لليمين ووسط اليمين".

ضحية بطل جاسوس

والجهود الاخرى التي تم بذلها للافراج عنه لم تلجا الى تصويره بطلا، وتضمنت تجنيد اسرائيليين يساريين وحتى الساسة في الولايات المتحدة مثل هنري كيسنجر، في مقارعة ان حكم المؤبد كان ظالما.

كما فعلت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الامر نفسه، وحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحصول على اطلاق سراحه في محادثات السلام.

وعندما قام اوباما بأول زيارة الى اسرائيل كرئيس للبلاد عام 2013، وقع مئة الف اسرائيلي عريضة تدعو لإطلاق سراح بولارد.

وسرت تكهنات ان اعلانا في تموز/يوليو حول الافراج المشروط عن بولارد كان من المفترض ان يهدئ إسرائيل حيال الصفقة النووية بين إيران والقوى الكبرى. لكن مسؤولين اميركيين رفضوا ذلك.

وقال عوفر زالسبرغ كبير المحللين في مجموعة الازمات الدولية ان الغالبية العظمى من اليهود الاسرائيليين تدعم الآن إطلاق سراحه، لكن لاسباب مختلفة.

واضاف "البعض يعتقدون أن ما فعله صحيح، هؤلاء هم تيار اليمين، والبعض يقول انه امضى فترة عقوبته ويطالبون بالرافة، هؤلاء يميلون الى اليسار".