يتشاور قادة الخليج اليوم بالرياض في ثلاثة ملفات ساخنة، هي الوضع اليمني وما آل إليه، الوضع السوري مع التقدم الميداني للمعارضة، والملف النووي مع صياغة الاتفاق النهائي.

الرياض: تناقش القمة الخليجية التشاورية اليوم في الرياض ثلاثة ملفات إقليمية ساخنة، هي ما آل إليه الوضع في اليمن، والمستجدات في الميدان السوري، وتداعيات الاتفاق الإيراني الغربي لتسوية ملف طهران النووي، تحضيرًا لما سيطرح في القمة الخليجية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، في 13 الجاري.

وتتميز هذه القمة اليوم بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيف شرف، حيث سيكون شاهدًا على المشاورات، ومشاركًا فيها. وقد ثمّن مراقبون خليجيون هذه الخطوة، إذ تبرهن مقدار الاهتمام الفرنسي بلعب دور بنّاء على المستوى الخليجي، مستفيدًا من التردد الأميركي، واكتفاء واشنطن بالبحث في الملف النووي الإيراني، من زاوية أميركية، وبرسائل تطمين إلى الحلفاء الخليجيين، ما عادت تطمئنهم كثيرًا.

اليمن

في اليمن، الوضع على ما هو عليه. عاصفة الحزم مستمرة، ولو تحت اسم استعادة الأمل. فدول التحالف لن تتراجع عمّا بدأته حتى يتحقق الأمن والاستقرار لليمن، في ظل حكومته الشرعية، وإن كانت السعودية ستبحث في القمة التشاورية اليوم وقف العمليات الجوية في أوقات ومناطق محددة في اليمن، بما يسمح للمساعدات الانسانية أن تصل إلى اليمنيين الذين تحاصرهم ميليشيا الحوثي وتقصفهم عشوائيًا.

ميدانيًا، وضع المقاومة اليمنية مريح، فهي تستفيد من السلاح الذي ينزله التحالف مظليًا، كي تحقق التقدم، كما حصل أخيرًا في تعز وأبين ومطار عدن الدولي، الذي استعادته كاملًا. وهذه التفاصيل ستكون مدار بحث اليوم، من أجل تعزيز التنسيق العسكري بين قوات التحالف، التي انضمت إليه السنغال أمس، معلنة إرسالها 2100 جندي إلى السعودية، للمشاركة في العمليات العسكرية.

لكن البحث سيتركز على الصورة الكبيرة، وهي القدرات الخليجية التي أثبتت سمو مكانتها من خلال العمليات الدقيقة والناجحة، والتي أدت إلى تجريد الحوثيين من أكثر من 90% من سلاحهم الثقيل. كما سيدور التشاور حول مسألة الحوار، الذي أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي انطلاقه في 17 الجاري بالرياض، لما يكتسي هذا الحوار من أهمية، بعدما شهدت الساحة اليمنية تبدلات في المواقف، أهمها تخلي العديد من قيادات الرئيس المخلوع علي صالح عنه، وتسليمهم بأن لا دور له في مستقبل اليمن.

سوريا

لكن، ماذا عن دور الأسد؟ فسوريا هي الملف الساخن الثاني على بساط البحث في القمة التشاورية الخليجية بالرياض اليوم، وبحضور هولاند. الموقفان الخليجي والفرنسي متطابقان جدًا في أن لا دور لبشار الأسد في أي تسوية سورية قادمة، خلافًا للادارة الأميركية التي تسعى اليوم إلى تصور الأسد بأنه أهون الشرور، بحسب اعتراف سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا روبيرت فورد أمس لسي أن أن، واصفًا هذا الكلام بالمشين.

إلا أن الموقف الخليجي لا يتوقف فقط عن سوريا بلا الأسد، فهذا يبحث غدًا، أما اليوم فالبحث يتناول التخلص من نظام الأسد، خصوصًا أن المعارضة السورية خطت خطوات واسعة ميدانيًا، واستعادت زمام المبادرة في أكثر من منطقة، لم تكن قادرة على الهجوم فيها من قبل.

يقول مراقبون إن مجلس التعاون الخليجي، وتحديدًا السعودية، عازم على توسيع رقعة اهتمامه "العسكري" خارج اليمن ليشمل مناطق عربية أخرى تشهد صراعات ينبغي حسمها، ومنها سوريا، انطلاقًا مما تحقق في اليمن، وأهمه تحجيم التأثير الإيراني في المنطقة. ويرون أنه بمجرد بدء القصف السعودي التحالفي على صنعاء، كان النظام في سوريا يتحسس رأسه، بعدما رأى أن الخليج العربي، ومعه مصر والمغرب، قد حزم أمره واتخذ قراره باللجوء أخيرًا إلى القوة، في دعم بناء لأي دبلوماسية آتية.

هولاند، الموجود في القمة اليوم، كان من أشد المتحمسين لتعزيز قوة الجيش السوري الحر في مواجهة النظام، ومن أشد المتمسكين بأن الحل في سوريا لا ينم بوجود الأسد. ووجوده اليوم يشكل رافدًا إضافيًا للحزم الخليجي في هذا الملف.

نووي إيران

لعل هذا الملف هو واسطة عقد كل الملفات الملتهبة الأخرى في المنطقة. فطهران استخدمت كل أوراقها، اليمنية والسورية والعراقية، من أجل تحسين موقفها التفاوضي وصولًا إلى اتفاق الاطار الموقع أخيرًا في لوزان السويسرية. ولم يكن استخدامًا سلميًا بالتأكيد، دفع ثمنه اليمنيون من استقرارهم، والسوريون من حياتهم، والعراقيون من أمانهم.

من هذا المنطلق، يرى المراقبون أن دول الخليج العربي تبحث هذا الملف بتأنٍ، خصوصًا أن الحليفة الكبرى واشنطن آثرت السير قدمًا في أي اتفاق مع إيران، لتقفل الملف النووي بأي ثمن، من دون العودة إلى دول الخليج والاجابة عن أسئلتها، لكن مع إرسال رسائل تطمين، لا أكثر.

ويضيف المراقبون أن لحضور هولاند اليوم دلالات كبيرة، إذ تحمل رسالة إلى الأميركيين مفادها أن الخليج ليس وحيدًا، وأن القيادات الخليجية لا تشعر بأنها متروكة وحدها بوجه إيران، فالتحالفات موجودة مع الدول الغربية، والحزم العربي الذي ظهر في اليمن لن يعود أدراجه، بل هو مستمر في مواجهة الأطماع الإيرانية ونواياها التوسعية وتهديداتها الاقليمية، التقليدية والنووية، بحضور واشنطن أو بغيابها.

تمهيد

لا شك في أنّ لهذه القمة الخليجية التشاورية أهمية استثنائية، إذ تحضّر موقفًا خليجيًا موحدًا سيلقى على طاولة البحث في القمة الخليجية الأميركية المنتظرة في& 13 أيار (مايو) الجاري. فالمراقبون ينظرون بعين القلق إلى التطورات في الملفات الثلاثة التي ذكرت آنفًا، لأنها بحسب رأيهم تودي إلى أزمة إقليمية لا تُحمد عقباها، في ظل الحروب الحاصلة بالوكالة، وتحديدًا من جانب إيران، التي توظف الحوثيين الشيعة ليكونوا مصدر قلق للسعودية والخليج من البوابة اليمنية، كما توظف حزب الله وأترابه من الميليشيات الشيعية في سوريا، من أجل لعب الورقة الحربية حتى آخرها، علمًا أن هذا الدور يتجه نحو الانحسار مع تقدم المعارضة بشكل كبير، ومع القرار الخليجي الحازم بوقف المأساة السورية، من خلال الخلاص من مسببها الأول.

وكذلك تفعل إيران في العراق، حتى أن بعص المراقبين يتحدّث عن خطة إيرانية أميركية لتقسيم العراق، وهو اقتراح أقل ما يقال فيه خليجيًا هو أنه مفتاح الحرب الأهلية الشاملة في العراق، على الغرار السوري. وهذا كله سيبحث لاتخاذ موقف موحد منه، فيسلم لأوباما منتصف الشهر الجاري.

لا يقول زعماء الخليج إن الاتفاق النووي مع إيران مكروه، لكنهم يؤكدون ضرورة فعله في إطار شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي، وفي إطار اتفاق يلجم إيران نهائيًا عن نواياها النووية، إذ يجاهر الخليجيون بعدم ثقتهم بالوعود الإيرانية.