إذ يهدّد المحافظون بمعاقبة هيئة الإذاعة البريطانية على وقوفها مع حزب العمال في الانتخابات، تذكّرهم "تلغراف" بأن "بي بي سي" جزء من لحمة الأمة البريطانية.

القاهرة: بينما سبق للكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل أن تحدث عن "التزكية الذاتية الضحلة لمثقفي اليسار في بريطانيا"، فقد جاءت نتائج الانتخابات التشريعية البريطانية الأخيرة لتبرز ذلك الواقع. فقد حاول المثقفون اليساريون أن يعطوا الانطباع بأن الناخبين يتحملون إلى حد ما مسؤولية الفشل في تأييد حزب يرأسه زعيم يعترف زملاؤه الآن بعدم صلاحه لشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا.

دليل جودتها

جاءت كل هذه الافتراضات التي يروج لها يسار الوسط لتدعم الكثير من الأخبار ومن إبداعات الإنتاج الثقافي الخاص في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي بلا شك وعن غير قصد ساهمت في حدوث عزوف بين الناخبين في ما يتعلق بالاعلان عن تأييدهم للمحافظين.

وبمواجهتهم بإمداد دائم من التقارير والتعليقات عن أن التخفيضات أمر سيئ، والإنفاق العام أمر جيد، وأوروبا محقة لكنها تشعر بالقلق حيال الهجرة أو أن الرفاهية أمر خاطئ، هل من المستغرب بعد هذا كله أن يخجل المقتنعون بمثل هذه الآراء من التعبير عنها؟

وعلَّقت على ذلك صحيفة تلغراف بقولها إن هيئة بي بي سي تتصدى بشموخ لما يتردد عن تحيزها وغالبًا ما تشير لشكاوى اليسار على أنها دليل يؤكد إجادتها حفظ التوازن.

تغيرات قريبة

لكن الصحيفة رأت أن لا أحد خارج هيئة بي بي سي مقتنع بذلك، في حين لا يوجد أي مؤشر إلى عملية مراجعة للذات، قائمة الآن في المرحلة التي تلت هزيمة حزب العمال، تدل على أن الجزء الأكبر من النقاش يتم داخل أروقة "بي بي سي".

ومع هذا، تكهنت الصحيفة باحتمال أن يتغير ذلك عما قريب، بعد أن تم تعيين جون ويتينغدايل في منصب وزير الثقافة المسؤول عن اجراء المفاوضات بشأن تجديد ميثاق" بي بي سي".

وهي الخطوة التي رأى البعض أنها حرب من جانب ديفيد كاميرون على الهيئة، في ظل وجود كثير من المحافظين الذين يودون تصفية حساب ما يرون أنها وجهة نظر مؤيدة لحزب العمال.

لتحسم دورها

لكن تلغراف رأت أنه يتعين على المحافظين أن يلتزموا الحذر، من منطلق أن "بي بي سي" ليست مجرد وسيلة إعلامية، بل أن معظم ما تُقدّمه يعد جزءًا من لحمة الأمة وسداها. وأضافت الصحيفة كذلك أن "بي بي سي" بحاجة لحسم دورها وتحديد مَن تعمل لخدمتهم بالاتساق مع تلك المفاوضات الجارية في الوقت الحالي بشأن الميثاق ورسوم الترخيص.

وختمت الصحيفة بالتأكيد على أن نموذج بث هيئة الإذاعة البريطانية قد عفا عليه الزمن، مثلما هي الحال مع الكيان الضخم الذي يحظى بتمويل الدولة ومهمته إدارة الهيئة. فضلًا عن أن "بي بي سي" بحاجة لإظهار أهميتها المستمرة في مشهد إعلامي متغير وأنه يتعين على ويتينغدايل أن يضمن إظهار الهيئة لما تحظى به من أهمية إعلامية.