يثير تمثال عادي من الرخام لسيسيل جون رودس، احد مهندسي التوسع الاستعماري البريطاني في أفريقيا الجنوبية، موجود في جامعة اوكسفورد، الجدل في بريطانيا حول ارث الاستعمار مع دعوة طلاب الى ازالته.


لندن: قالت ديزي شاندلي التي تدرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد وتشارك في حملة "رودس يجب ان يسقط في اوكسفورد" (رودس ماست فول إن اوكسفورد) لوكالة فرانس برس، ان "صنع تمثال لشخص ما يعني بشكل واضح قبول ارثه ضمنًا".

ويوجد تمثال سيسيل رودس (1853-1902)، مؤسس شركة المناجم "دي بيرز"، في وسط المدينة الجامعية على واجهة مبنى اورييل كوليدج. وقد اتسخ بسبب التلوث والحمام. وكتبت تحت التمثال المنحوت عبارة تشيد بهذا الرجل الذي يؤمن بتفوق البيض. وهو قد منح جزءًا من ثروته للجامعة.

وبدأت الحملة في اوكسفورد بعد حملة مماثلة في جامعة مدينة الكاب في جنوب افريقيا نجحت في نيسان/ابريل في ازالة تمثال آخر لرودس. وكان طلاب يرون فيه رمزًا للقمع الذي مارسته ضد السود الاقلية البيضاء التي حكمت البلاد حتى 1994.

"عنصرية داخل الجامعة"

في بريطانيا، اثارت الحملة جدلاً اوسع شمل مسألة التنوع في الجامعات وادارة ارث الاستعمار البريطاني على حد سواء.

وقالت ديزي شاندلي: "كان هناك دائما اشخاص ينتقدون هذا التمثال والعنصرية داخل الجامعة". واضافت "كان من الضروري ان يحصل تحرك في جنوب افريقيا لنقل الجدل الى الواجهة هنا في اوكسفورد وبدء عمل جماعي".

وتحت الضغط، سيسحب معهد اورييل كوليدج لوحة على مبنى آخر تتضمن شكرًا لرودس على "الخدمات التي قدمها الى بلده"، فيما بدأ مشاورات بشأن التمثال.

وقال المعهد ان قيم رودس "مخالفة تمامًا لفلسفة برنامج المنح الدراسية (الذي يحمل اسمه) وللقيم التي تدافع عنها جامعة حديثة". واضاف انه ينوي وضع لوحة على التمثال تفيد انه "لا يوافق ولا يمجد آراء رودس او افعاله".

لكن اورييل كوليدج حرص ايضًا على التأكيد على المساهمة الايجابية لمنح رودس الدراسية التي سمحت لثمانية آلاف طالب في العالم بالدراسة في اوكسفورد، بينهم الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الاسترالي السابق توني ابوت.

وبين الناشطين في حملة "رودس يجب ان يسقط" جنوب افريقي يدعى نتوكوزو كوابي يستفيد من برنامج المنح هذا. وقد اتهم بالنفاق. فكتب على صفحته على موقع فيسبوك مدافعًا عن نفسه "انا لا استفيد من رودس بل استفيد من موارد شعبي التي نهبها رودس، وعمل شعبي الذي استعبده".

"رجل من عصره"

ويشارك جامعيون وسياسيون وطلاب سابقون في اوكسفورد في الجدل، ويركز النقاش على صوابية تكريم مستعمر. وذهب معارض لسحب التمثال الى حد مقارنة ذلك بالحملة المنظمة التي يقوم بها تنظيم الدولة الاسلامية لتدمير المباني التاريخية.

وفي رسالة الى صحيفة "تايمز"، وصف آخر رئيس ابيض لجنوب افريقيا فريديرك دوكليرك، الذي منح مع نلسون مانديلا جائزة نوبل للسلام، الحركة بأنها "حماقة".

وقال دوكليرك الذي لعب دورًا اساسيًا في انهاء نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، "اذا طبقت قاعدة المقبول سياسيًا بانسجام اليوم، فإن قلة من كبار الشخصيات ستنجح في الامتحان".

وعبر حزب مقاتلي الحرية الاقتصادية اليساري الراديكالي في جنوب افريقيا عن استيائه من هذه التصريحات. وقال ان "كل الرموز الاستعمارية ورموز الابارتايد (الفصل العنصري) يجب ان تزول ليس هنا فحسب بل في جميع انحاء العالم". وطالب بسحب جائزة نوبل من دوكليرك.

اما توني ابوت فرأى ان سيسيل رودس كان "رجلاً من عصره". وقال في مقال في صحيفة "ذي اندبندنت" ان "على الجامعة ان تتذكر ان مهمته لم تكن التعبير عن اسلوب بل البحث عن الحقيقة، أي أن عليها العمل من اجل الفهم لا التسرع في الحكم عليه".