يبدو أن أحدًا غير راضٍ على ما وصل إليه الأمر في ألمانيا مع تفاقم أزمات اللاجئين الأمنية، فيبدو أن الصحافة الأميركية تدعو أنجيلا ميركل إلى الرحيل.

ماجد الخطيب: جالت مجلة "دير شبيغل" على الصحف الأميركية واستنتجت منها أن "ألمانيا على وشك الانهيار". وتوصلت صحيفة "دي فيلت"، في جولة صحفية مماثلة، إلى أن "على المستشارة انجيلا ميركل الرحيل".

ففي ضوء التحرشات الجنسية التي وصفها وزير العدل الألماني هايكو ماس بالمنظمة، وأزمة اللاجئين التي تمر بها ألمانيا، كتب روس دوثات في نيويورك تايمز أن على انجيلا ميركل أن ترحل، وفسر ضعف موقف شرطة كولونيا تجاه التحرشات الجنسية في ليلة رأس السنة بانه تعبير عن عدم ارتياحهم لسياسة استقبال اللاجئين بأعداد ضخمة التي مارستها المستشارة الألمانية. وقال الكاتب: "ألمانيا على وشك السقوط بسبب أزمة اللاجئين".

خطر التفوق الذكوري

برأي "دي فيلت"، يثير دوثات موضوعًا قديمًا طالما تردد على ألسنة المحافظين عبر الأطلسي، وهو أن استقبال اللاجئين المسلمين ينطوي على خطر العجز عن دمجهم في المجتمع، وعلى خطر انحرافهم نحو مواقف أكثر راديكالية.

واستخدم الكاتب تعبير "يورابيا" (تعريب أوروبا) لوصف مخاطر استقبال مئات الآلاف من اللاجئين العرب، ومعظمهم ذكور من عمر يقل عن 30 سنة، واعتبر ذلك تهديدًا لاستقرار المجتمع الألماني، لأنه سيخلق تفوقًا ذكوريًا عدديًا.

وسخر الكاتب من الذين يعتقدون بأن مجتمعًا عجوزًا وعلمانيًا سيحتوي مثل هذا العدد من الأجانب بسهولة، وكتب أن من يعتقد ذلك يستحق أن يصبح متحدثًا رسميًا بأسم الحكومة الألمانية. لأن مثل هذا التحول العاصف سيخلق حالة استقطاب بين السكان المحليين والسكان الوافدين.

وتوصل الكاتب في نهاية المطاف إلى أن على ميركل الانسحاب من السياسة كي تجنب بلدها وقارتها دفع ثمن غال نتيجة سياستها.

مع ملاحظة أن مقال دوثات لم يظهر في صفحة آراء المخصصة لمحرري الجريدة نفسها، وإنما في الصفحة المخصصة لمقالات المعلقين الضيوف.

إعادة الحدود

بحسب "دي فيلت"، نشرت نيويورك تايمز قبل يوم واحد مقالة غير مذيلة باسم كما هي العادة، يمتدح سياسة ميركل ويقول إنها تريد رفع عدد اللاجئين إلى ثلاثة ملايين. وطالبت المقالة أوروبا بايجاد طرق وصول شرعية للاجئين بدلًا من تركهم تحت رحمة مهربي البشر.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أقل تفاؤلًا من نيويورك تايمز بتقدير "دي فيلت"، لأنها كتبت بأن مواطني أوروبا الذين رحبوا باتفاق إزالة الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي (شنغن) سيطالبون الآن بإعادتها بوجه النزوح الجماعي للاجئين، ومن أجل الحفاظ على القانون والنظام.

أضافت: "على أوروبا أن تفعل أكثر من أجل اعادة الاستقرار إلى ليببيا وافغانستان وغيرها، لأن الفوضى السياسية هناك هي التي دفعت موجات اللاجئين باتجاه أوروبا. وما يزال حلم اوروبا بلا حدود قائمًا، لكن على أوروبا أن تتخذ اجراءات أكثر صرامة كي تتجنب السقوط في كابوس".

وتحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن شكوك كبيرة تساور أعضاء الحزب بمقولة انجيلا ميركل "سننجح"، وأضافت: "على المستشارة أن تزاوج بين شجاعتها وإمكاناتها السياسية".

فلنحكم إغلاقها

كتبت "دير شبيغل": ما لذي يحدث مع ألمانيا الطيبة العجوز؟ أحداث كولونيا تصيب أميركا بالقشعريرة، وتطالب الصحافة باستقالة ميركل. كل أميركا تتحدث بما حصل أمام محطة كولونيا الرئيسة، والصحف مليئة بتقارير مراسليها في ألمانيا.

صارت ألمانيا موضوعًا ثابتًا في خطب المرشح دونالد ترمب، واعتبرها الملياردير المحافظ مثالًا يرعب به الاميركيين مما قد يحصل لو دخل الكثير من الأجانب إلى بلدهم، إذ استشهد ترامب "باغتصابات ليلة رأس السنة" في كولونيا، وطالب بـ"سد حدودنا بإحكام".

وكتبت لوس انجليس تايمز: "الموازين انقلبت في ألمانيا"، واعتبرت ذي نيويوركر الحالة "اختبارًا" لأنجيلا ميركل. وكتبت "هوفنغتون تايمز" أن ثقة الألمان بسياسة ميركل تتأكّل.

عليها أن ترحل

استشهدت دير شبيغل بمقال دوثات في نيويورك تايمز الذي قال فيه إن ألمانيا على حافة الهاوية، وشرطة كولونيا تهاونت بسبب عدم قناعتها بسياسة انجيلا ميركل تجاه اللاجئين. وأبرزت المجلة الألمانية أيضًا الجزء الذي كتب فيه دوثات: "هذا يعني أن على انجيلا ميركل الرحيل".

وعما كتبته نيويورك تايمز، وما نشرته فوكس نيوز وبعض المواقع الالكترونية التي اعتبرتها دير شبيغل "حفلات شرب شاي"، قالت المجلة الألمانية المرموقة إنها أدلة على المنحى اليميني الذي تتخذه الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة.

من ناحيتها، نشرت واشنطن بوست قبل اسبوعين مقالةً تفزع الأميركيين بما يحدث في ألمانيا حينما يصلها كل هذا العدد من اللاجئين. وكتب مايكل غريسون مذكرًا بأن مدينة داخاو البافارية الصغيرة استقبلت وحدها 2000 لاجىء، في حين أن الولايات المتحدة استقبلت مثل هذا العدد بالضبط خلال السنتين الماضيتين. إلا أن غريسون وصف المستشارة الألمانية ميركل بشكل ايجابي قائلًا أنها أهم قادة أوروبا.