في حديث خاص بـ"إيلاف"، يقول مايكل أورن، سفير إسرائيل السابق في أميركا، إن الولايات المتحدة تركت جواديها السنّي والإسرائيلي في الشرق الأوسط، وركبت جوادها الشيعي الجديد.

مايكل أورن هو عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب كلنا الوسطي، اكاديمي ومحاضر في جامعات أميركية. شغل منصب سفير إسرائيل في واشنطن، وهو أهم منصب في الدبلوماسية الإسرائيلية، فمن يشغله يعتبر إسرائيليًا من الشخصيات المهمة ذات الخلفية السياسية الكبيرة. فإسحق رابين شغل هذا المنصب، ومثله ايتمار رابينوفيتش رئيس جامعة تل أبيب.

التقت "إيلاف" مايكل أورن في مكتبه في الكنيست، حيث يحاول تطبيق رؤيته الاكاديمية كباحث ومؤرخ على الواقع الذي يعيشه الشرق الأوسط بحسب ما قال.

وعن العلاقات مع الولايات المتحدة والخلافات بين إدارة أوباما وبين حكومة نتانياهو وبين نتانياهو وأوباما قال مايكل أورن إن الادارة الأميركية الحالية تختلف عن سابقاتها كثيرًا وخلال عملي في الولايات المتحدة لمست تغييرًا كبيرا لدى هذه الادارة وهذا الرئيس.

في ما يأتي متن حوار "إيلاف" مع أورن:

ما هو التغيير في السياسة الأميركية؟

كنت اسمع في الأوساط الأكاديمية والدبلوماسية في منطقة جورج تاون فواشنطن، قبل تعييني سفيرًا في اواخر 2008، كلامًا عن أن الولايات المتحدة أخلّت برهانها على جوادين: الجواد السني والجواد الإسرائيلي.

فالجواد السني أدى بحسب ما قالوا إلى خسارة كبيرة للولايات المتحدة في &أفغانستان والعراق، وأن السنة هم من فجروا مركز التجارة العالمي في نيويورك، والجواد الإسرائيلي كان دائمًا يحرج الولايات المتحدة في مسألة الاستيطان، ضاربًا عرض الحائط بكل التفاهمات. بعد تعييني سفيرًا، صرت اسمع هذا الطرح من أعلى المستويات، فكانوا يقولون إن الجواد الشيعي المتمثل بإيران افضل، وهو أكثر ديمقراطية وتحضرًا، ويتمتع بإمكانات أفضل في الشرق الاوسط. صرت ارى الولايات المتحدة&تخطو نحو إيران على حساب حلفائها السابقين التقليديين، وتوجت ذلك بالاتفاق النووي مع إيران. يمكن القول إن الولايات المتحدة هاجمت كل اعداء إيران في المنطقة، من طالبان في أفغانستان إلى داعش في سوريا والعراق، ومنحت إيران حرية الحركة في العراق، انتهاء بعدم المساس بنظام الاسد في سوريا، حليف إيران، والاتفاق النووي كان اشارة لإسرائيل بتحول ما في الولايات المتحدة، بأن تحالفات جديدة في طور البناء، خصوصًا أن الولايات المتحدة اتمت استقلالها في مجال الطاقة وفكت ارتباطها بنفط الخليج.

هل تتخلى الولايات المتحدة عن إسرائيل؟

لا أعتقد، لكنها قد ترغم إسرائيل على القبول بحلول معينة، او اتخاذ خطوات بعيدة المدى يكون لها أثر في سياسة إسرائيل.

الولايات المتحدة تنصتت على رئيس وزراء إسرائيل. كيف ترى ذلك؟

نعلم أنهم يتنصتون علينا، وعلي انا... تنصتوا في السفارة وفي بيتي وعلى هاتفي النقال، لكننا& كنا نعلم أن الامر وارد لذلك عندما كان لدي شيء مهم او خطير لأقوله لرئيس الوزراء كنت احجز تذكرة وأطير إلى تل أبيب لأقول ما عندي بشكل شخصي ومن دون برقيات أو رسائل بالبريد الالكتروني، فكل شيء مراقب.

هل تنصتم عليهم في فيينا؟

لم نتنصت على الأميركيين، إنما على الإيرانيين. فنحن قطعنا عهدًا بعد مسألة جوناثان بولارد ألا نتنصت على الولايات المتحدة. لكن التنصت اليوم في التكنولوجيا العصرية شيء تتبعه كل الدول والكل يتنصت على الكل.

لا مصلحة لنا

يقال إن باراك أوباما يريد الترشح للأمانة العامة للامم المتحدة بعد انتهاء عهده الرئاسي. ما رأيك؟

الرئيس باراك أوباما شخصية عالمية لها مكانة كبيرة. اعتقد أن هذا المنصب يلائمه، لكننا في إسرائيل سنشعر ببعض الخوف من وصول أوباما إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، فهو لن يكون في صالح إسرائيل كما يعتقد البعض عندنا. أنا أراه أمينًا عامًا جيدًا لكنه سيأخذ الامر الفلسطيني إلى أبعد الحدود. فهو لم يستطع أن يحرز تقدمًا فيه على مدى ولايتين له، وبعدها سيشتغل بالامر بحرية من دون قيود الادارة الأميركية والمؤسسات الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة، واعتقد انه تغيير في مسألة قبول الدولة القومية للشعب اليهودي، وهذا جيد... لكن في إسرائيل لن يشعروا بالارتياح.

في أي رئيس أميركي أثّرت خلال سنواتك الخمس في واشنطن؟

أوباما رئيس قوي جدًا، وعنيد جدًا، وذكي جدًا. إنه حالة استثناية في الولايات المتحدة. وهو رئيس مركزي جدًا، اراد كل شيء بيديه وحاول عدم توزيع الصلاحيات كما هو متبع في الادارة الأميركية، لأنه اراد السيطرة على كل شيء. عنده رؤية سليمة للامور، ايديولوجي جدًا في ما يخص مصلحة بلاده. وأوباما لم يكن عاديًا، ولم يكن ضد إسرائيل كما يعتقد البعض الا انه كان مخطئًا عندما قال في القاهرة إن إسرائيل قامت بسبب المحرقة النازية. عاد وأصلح الخطأ عندما قال إن هناك ارتباطًا للشعب اليهودي على مدى اكثر من 3 آلاف عام في أرض إسرائيل. كان يصر دائمًا على أن المستوطنات حجر عثرة أمام السلام، وهذا صحيح، وكنت اوافق على هذا... وأنا ممن يريدون الحل مع الفلسطينيين لكن على أساس التبادلية وليس الاملاءات والاتفاقات والتوقيع على معاهدات، بالممارسة والعيش معا جنبًا إلى جنب بتعاون اقتصادي وسياسي وأمنى بحدود نتفق عليها.

مبادرات جديدة

كيف تقيّم الامور اليوم مع الفلسطينيين؟

هناك الكثير من المبادرات لحل يستند الى مبدأ الدولتين. اقول إن في اتفاق أوسلو في الاساس كان من الخطأ أن يلزم كل طرف الطرف الآخر باتفاق موقع، فهذا جاء من تفكير وثقافة غربية غير ملائمة للشرق الاوسط. علينا أولًا الحديث من دون أن يلزم أحدنا الآخر بتوقيع شيء... علينا الاتفاق اولًا على حق اليهود بالدولة وحق الفلسطينيين بالدولة، ومن هنا ننطلق. لم يعترف الفلسطينيون بحق الشعب اليهودي بدولة انما اعترفوا بإسرائيل، بينما اعترفت حكومة إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته ومن هنا بدأ الخطأ باعتقادي.

والآن... ما هو المطروح غير المبادرة الفرنسية؟

المبادرة الفرنسية غير مقبولة في إسرائيل لأنها تحدد نتائج المفاوضات سلفًا. هذا ليس في صالح الفلسطينيين، يمكنهم الانتظار سنتين كما تنص المبادرة ويحصلون على دولة، وإن عارضنا ذلك بعد أن يقرها مجلس الأمن بفرضية أن الولايات المتحدة لم تستعمل حق النقض الفيتو فهذا يعني أن الفلسطينيين يمكنهم الذهاب للمحكمة الدولية الجنائية ويشتكون ويحصلون على كل الدعم، لذلك موقف إسرائيل من المبادرات المختلفة هو رفض أي مبادرة تتحدث عن النتيجة مسبقًا... ولا تأخذ في الحسبان تنازلات الجانبين بما في ذلك مسألة الترتيبات الامنية ومنع تكرار سيناريو غزة مثلًا.

هل من مبادرات أخرى؟

هناك مبادرة جديدة طرحتها نيوزيلندا وبحثناها في اللجنة الفرعية السرية في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست وهي مرنة أكثر من المبادرة الفرنسية. لكن الامر سري، والبحث كان في لجنة سرية لذلك لا استطيع أن أفصل أكثر. استطيع القول إن نيوزيلندا بصدد طرح مبادرة تحظى بدعم كبير من دول عديدة ومفاجئة، وهي مبادرة مرنة أكثر، وكنت أقول إنني أعتقد أن المبادرة العربية منذ 2002 والمعروفة بالمبادرة السعودية هي الاساس الافضل للمبادرات المختلفة، لكن مسألة التبادلية والتزامن في الخطوات يجب أن يكون مرنًا أكثر أي ينبغي بدء خطوات إسرائيلية في انسحابات هنا وهناك بالتزامن مع خطوات تطبيع من الدول العربية من دون انتظار إنهاء المسألة الفلسطينية، وهذا كان سيؤدي حتمًا إلى إنهاء الازمة عندما يرى الإسرائيليون أن الدول العربية تعترف بدولتهم وتتعامل معها ولكن المبادرة من نيوزيلندا هي جيدة وهناك دعم عربي لها كما فهمنا.