ناشد رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي رعد الدهلكي المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الأخلاقية حيال ملف اللاجئين والنازحين العراقيين، فيما وصف ما يجري في ديالى بأنه عملية تغيير ديموغرافي وحرب "إبادة" جماعية وعد بتدويلها.

&
محمد الغزي: دعا المجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده في مواجهة أزمة النازحين داخل العراق، والالتزام بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية حيال ما وصفه بـ"فيض اللاجئين" العراقيين، لكنه انتقد المنظمة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) حيال تعاطيها مع العراقيين في الأردن. وقال إن هناك تقصيرًا كبيرًا سيعمل على متابعته.
&
ورأى في حديث موسع مع "إيلاف" أن المنظمة تتحمل حوادث غرق العراقيين في البحر، لأنها أغلقت الباب في وجه العراقيين، ولم تتعاط معهم كأولوية.
وشكر دول الاتحاد الأوروبي لاستيعابها عراقيين لجأوا إليها، فيما ناشد كندا وأميركا تحمّل مسؤوليتهما لاستقبال اللاجئين إلى حين استقرار أوضاع العراق، وقال إن أميركا مسؤولة عن تحقيق ذلك الاستقرار، ورحّب بعودة قواتها الخاصة إلى بلاده.
&
وهنا نص الحوار:
&
هل الاهتمام الدولي بالنازحين واللاجئين العراقيين يتناسب وهذه الأزمة؟
ما يمر به النازحون في داخل العراق واللاجئون العراقيون العالقون في دول الجوار هو كارثة إنسانية حقيقية ومأساة كبيرة، وهناك تقصير كبير يبدأ بي أنا رئيس لجنة الهجرة والمهجرين، وينطبق على أعضاء اللجنة والحكومة العراقية لفشلنا في لفت اهتمام المجتمع الدولي إلى هذه الكارثة الإنسانية بالشكل المطلوب، وفشلنا في تسويق أزمة النازحين، باعتبار أنها واحدة من نتاجات العنف غير المتوقف في العراق.
&
المؤسف أننا دائمًا ما نسمع من الدول أنه يتوجب أن يكون هناك تحرك حكومي باتجاه النازحين، لكن الحكومة وللأسف لم تخط خطوة واحدة باتجاه عقد مؤتمر دولي للدول المانحة لإيصال هذا الملف بشكله الحقيقي إلى المجتمع الدولي وكسب تعاطف الدول مع هذا الملف القاسي. لكن هناك العديد من المسؤولين الذين يتحدثون عن عودة النازحين واللاجئين إلى العراق، وأن الوضع الأمني جيد؟.
&
المسؤولون الذين يتحدثون عن أهمية عودة اللاجئين من الخارج، عليهم أولًا أن يذهبوا إلى المخيمات، وبعدها ليطالبوا بعودة اللاجئين، النازحون اليوم ليسوا من مكون واحد، بل هم من جميع المكونات، والعدد الأكبر من المهاجرين واللاجئين في دول الجوار ليسوا من العرب السنة، بل من العرب الشيعة، الذين فقدوا الأمل في حاضر آمن، وهم يتعرضون للتهديد أيضًا.
&
هناك نسبة كبيرة من اللاجئين العراقيين في الأردن وتركيا ولبنان.. هل لديكم تصور عن أوضاعهم؟
أرسلنا لجنة إلى تركيا وإلى ألمانيا، وفي الأردن إلتقيت أعدادا كبيرة من اللاجئين، ووجدت أنهم في عمّان يعيشون أسوأ حالاتهم. في العراق اليوم ملفان ضاغطان، الأول (تحرير الأراضي من داعش) والثاني (الحفاظ على أرواح النازحين)، الحكومة العراقية استنفرت كل الجهود باتجاه الحرب على داعش، لكنها لم تخط باتجاه الحفاظ على أرواح النازحين ومساعدة اللاجئين، وهي بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي، اللاجئ العراقي في الأردن مهمل من قبل الحكومة العراقية، وهو مهمل أيضًا من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR).
&
كيف تعلق على شكاوى عديدة للاجئين العراقيين في الأردن من منظمة (UNHCR) وخروجهم في تظاهرات احتجاجية أمام مبنى المفوضية؟
إطلعت على أوضاع اللاجئين العراقيين في الأردن، وسمعت كيف يشكون إهمالهم من المنظمة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وكيف بدا العراقي في مرتبة متأخرة بالنسبة إلى اهتماماتهم، سأعمل على متابعة هذا الأمر بشكل مباشر، هناك تقصير كبير من المنظمة الدولية في هذا الاتجاه، ومن الأمم المتحدة أيضًا.
&
المستقبل أخطر من الحاضر، لدينا ثلاثة ملايين و500 ألف نازح في العراق، ونحو مليون و500 ألف نازح في دول الجوار، أطفالهم لم يلتحقوا بالمدارس، يعني أننا أمام جيل من الأمية، أسهل ما يكون أن ينزلق إلى التطرف، وعلى المجتمع الدولي أن يلتفت إلى هذا الأمر، يجب استيعاب اللاجئين في دول الجوار في دول التوطين، والمساعدة على حل أزمة النازحين أيضًا داخليًا، وهذه مسؤولية أخلاقية وإنسانية، يجب على العالم تحملها معنا، ألم يقل السيد أنطونيو غوتيريس أن ضمان حصول الأطفال على الدراسة يعني استثمارا للمستقبل، اليوم عدم التحاق جيل كامل من أبناء اللاجئين والنازحين بمقاعد الدراسة، سواء بداخل العراق أم في تركيا أو الأردن، يعني كارثة في المستقبل.
&
ما تعليقك على مشاهد غرق عراقيين في البحر أثناء عبورهم إلى أوروبا؟
من يتحمل هذا هو الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، على رأسه الولايات المتحدة الأميركية، كما أحمّل بشكل مباشر منظمة (UNHCR) والأمم المتحدة المسؤولية، لأنهما أغلقا الباب بوجه العراقيين، ولم تتعاطيا معهم كأولوية.
&
ماذا عن الدول التي ساعدت في استقبال اللاجئين العراقيين؟
أبارك لكل الدول التي تستقبل اللاجئين والنازحين العراقيين، اليوم اللاجئ العراقي لا يختلف عن اللاجئ السوري، كلاهما ضحية داعش والتطرف بكل أشكاله، العراقي يقاتل داعش بالنيابة عن العالم، وهو ضحية هذه الحرب الطاحنة، ولذلك على جميع دول العالم تحمل مسؤولية الحفاظ على أرواح النازحين العراقيين ودعمهم واستقبالهم وتوفير مناخ آمن لهم، وتاريخيًا كانت للعراق مواقف مشرفة مع الجميع، وتحمل مسؤولية النازحين السوريين، واستقبل الفلسطينيين لسنوات طويلة.
&
أوجّه خطابي إلى كل الدول، إلى المانيا والسويد ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، أوجّه خطابي إلى كندا بأن تواصل التزامها باستقبال اللاجئين الذين فقدوا آمال العودة لأسباب عديدة، ولو أن الاستقرار والأمان متوافر في العراق، لا أعتقد أن العراقي سيهاجر، ولكنه لجأ إلى هذا الخيار بسبب تجربة الولايات المتحدة الأميركية لتغيير النظام السياسي، وقد وقف معها الغرب، حتى انعكس فشلها على الشباب، ولذلك على المجتمع الدولي أن يتعامل مع ملف اللاجئين العراقيين، وأن يوفر لهم الأمان والتوطين إلى حين استقرار العراق، أناشد هذه الدول جميعها أن تقف مع العراقيين اليوم في محنتهم، وهي مسؤولية أخلاقية وإنسانية.
&
ولكن هناك أصوات في الولايات المتحدة الأميركية، وبينها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، رافضة لاستقبال اللاجئين؟
أميركا هي المسؤول الأول عما حدث في العراق، وهي المسؤول الأول عن الوضع الأمني فيه، وهي المسؤول الأول عن حماية أرواح النازحين، واستقبال اللاجئين العراقيين، وكذلك هي المسؤول عن إعادة اعمار المدن، التي تهدمت وإعادة استقراره، واستقبال النازحين وحمايتهم في ظل هذه الظروف ليست منة منها، وهكذا يتم التعامل مع الدول التي تواجه كوارث.
&
كم من الوقت يستلزم إعمار المدن المهدمة لتكون مهيئة لاستقبال النازحين؟
المدن العراقية التي استباحها داعش باتت أطلال مدن، السؤال كيف يعود النازحون، ورغم كل شيء فإن النازح على استعداد لأن يسكن في خيمة في داخل منزله المهدم على أن يبقى في المخيمات المقامة في العراء، ومن جانب آخر هناك أراض حُررت من قبضة تنظيم داعش، ولكن حتى الآن لم نرَ أي نازح عاد إليها، بل بالعكس يكون النازح بحاجة إلى موافقات أصعب بكثير من حصوله على فيزا دولة توطين، سواء كانت إلى أميركا أو أوروبا، وإذا عاد فإن العصابات الخارجة عن القانون، والتي تحمل السلاح، تضعه أمام خطر الخطف والقتل، ولا رادع موجود.
&
أين الخلل في إدارة ملف النازحين في العراق؟
في العراق اليوم ظاهرة فساد كبيرة، وهي أن من يترأس اللجنة العليا لإيواء وإغاثة النازحين هو نفسه من يترأس اللجنة التنفيذية لإغاثة النازحين، وهو نفسه وزير الهجرة والمهجرين، معنى هذا أن من يرسم السياسات العامة، ومن يعطي الأوامر، ومن ينفذ، هو شخص واحد، وهو من يراقب نفسه.
&
جسر بزيبز.. أصبح علامة تساؤل على طريقة تعاطي الحكومة مع النازحين؟
بل أصبح وصمة عار في جبين الحكومة والسياسيين، حين يسمح رئيس الوزراء بعبور الحالات الإنسانية فقط، ويمنع بقية النازحين يعني أنه فتح باب الإتاوات، ومن يقف على جسر بزيبز لفرض الامن، تعاطى الرشى، والذي استطاع الاستفادة منه ماليًا قال إنها حالة إنسانية، وسمح بعبوره، ومن لم يستطع أن يدفع لا يمثل حالة إنسانية، وأعطى فرصة كبيرة للفساد، تخيل أن السخرية باتت تعني اقتراح السفر إلى إيران للدخول إلى العراق من معبر زرباطية!!.
&
هل تعبث إيران بالأمن في ديالى؟
إيران موجودة في ديالى، وفي العراق، وتعبث بأمنهما، وتكلمنا صراحة مع السفير الإيراني بشأن هذا الأمر، وقلنا إنه إذا أردتم استقرار العراق، يجب أولًا العمل على استقرار ديالى المحاذية لإيران، لكن العراق مستباح، وما حصل في معبر زرباطية أخيرًا دلالة على ضعف الحكومة العراقية وفقدان السيادة، والحوادث الأخيرة في ديالى من اغتيالات ممنهجة تطال أبناء المحافظة من المثقفين والصحافيين وتهجير المكون السني منها وتفجير الجوامع حرب إبادة جماعية، سأعمل على مفاتحة ممثل الأمم المتحدة في العراق لتدويل قضية ديالى، لأن الحكومة عاجزة عن حفظ أمن المواطنين هناك.
&
هل تخشى من تغيير ديموغرافي في ديالى؟
أخشى وأتخوف بشكل كبير، وناقوس الخطر يدق أجراسه في المناطق المحررة، ما يحدث في ديالى هو تغيير ديموغرافي وجيوسياسي، لما ذهبت الحكومة بقوة السلاح لتحرير المناطق في ديالى، ولكن تبع ذلك تغيير الحكومة المحلية في المحافظة، وطرد مكون كامل من العملية السياسية لم يكن له دور، وهذا تغيير ديموسياسي، رافقه عدم عودة العوائل إلى جلولاء والسعدية والعظيم، وهذا زرع الرعب في تغيب مكون نسبته في ديالى بين 70 إلى 80 بالمئة.&
&
من المسؤول عن هذا؟
الكل مسؤول، السنة والشيعة مسؤولون والأكراد أيضًا، من يقود السنة في ديالى يتحمل مسؤولية كبيرة، من يقود الدولة يتحمل مسؤولية أكبر، ومن لديه أجنحة مسلحة في ديالى مسؤول مباشر، وكل ما يحدث في ديالى ينعكس على العراق، والعكس صحيح، ديالى عراق مصغر، وعدم الاستقرار فيها يلقي بظلاله على الجميع.
&
كيف تصف اللجنة التنسيقية التي تسعى أطراف في اتحاد القوى إلى فرضها بديلًا لاتخاذ القرار السني؟
نحتاج وحدة الصف، ولكن بخطوات عملية، وليس كما حصل في اجتماع يتيم، نحن نحتاج لجنة تنسيقية عالية المستوى بمشروع سني حقيقي للوقوف على واقع السنة في محافظاتهم، وما يتعرضون إليه في هذا الوقت، ولرسم رؤية استراتيجية عبر مطبخ سياسي لفترة ليست قصيرة، نحتاج سياسيين في هذه اللجنة يعملون بنكران ذات كبير، ولا ينظرون إلى المناصب، بل ينظرون إلى المصائب التي وقعت على المكون السني، نحن اليوم بحاجة إلى مصالحة سنية سنية وإلى إعادة ثقة المجتمع السني مع الطبقة السياسية السنية.

السفير الأميركي يقول إن قواتنا الخاصة جاءت بطلب بغداد، وتستعد للعمل مع القوات العراقية لاستهداف تنظيم داعش، هل يشكل هذا الإعلان حرجًا للعراق بعد نفي العبادي ذلك؟
الأميركيون غير مستعدين للكذب في هذا الملف، وهم يتحدثون بكل صراحة عن إرسال قوات، وفي حال وجود اتفاق أو عدم وجود اتفاق، من جانب آخر فإن الحكومة متخوفة من إعلان ذلك، لأن زمام الأمور الأمنية ليست بيدها، بل بيد من يقود الحشد الشعبي.
&
الجانب الأميركي بدأ اليوم يعي أهمية إعادة الأمن والاستقرار في العراق ومسؤوليتها في ذلك، وأنا شخصيًا من المرحّبين بمجيء القوات الأميركية، وحتى لو رافقتها القوات العربية، عودة الأميركيين إلى العراق هي تصحيح للأخطاء الأميركية في العراق.
&
ما أخطاء أميركا في العراق؟
أكثرها جسامة هو الخروج غير المسؤول للقوات الأميركية من العراق، ولكن أول الأخطاء في العراق هو حل الجيش العراقي، وثانيها هو قانون الاجتثاث الظالم، والخطأ الثالث هو عدم بناء مؤسسات واضحة المعالم وتضخم المؤسسة الأمنية مع تعدد قياداتها وعدم التنسيق بينها وانعدام الثقة بين المجتمع وعناصر الأجهزة الأمنية، وترك العراق بهذا الضعف أعطى فرصة للجهات الخارجية التي تطمع بالعراق للإنقضاض عليه وتحقيق مصالحها.

لماذا لم يناقش البرلمان قانون الحرس الوطني؟
إنه تسويف، ففي اللحظات الأخيرة لإقرار قانون الحرس الوطني، ذهبوا إلى تشكيل جهاز يشبه الحرس الثوري في إيران، وهو أمر لم توافق عليه القوى السنية، وفي البداية هو إضعاف للجيش والشرطة، ومعنى وجوب تشكيله من جميع المحافظات هو خلق حرس ثوري في العراق.
&