الرباط: رغم كل العراقيل وحالة الجمود التي تعرفها مشاورات تشكيل الأغلبية الحكومية، التي كلف العاهل المغربي الملك محمد السادس أمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، بتشكيلها بعد تصدرحزبه استحقاقات 7 أكتوبرالماضي، اختار الحزب الذي حصل على 125 مقعدا التصعيد عبر نشر كلمة قوية لأمينه العام في لقاء اللجنة الوطنية للحزب، الذي انعقد يوم 5 نوفمبر الجاري، ينتظر أن يكون لها ما بعدها.

وقال ابن كيران، في كلمته التي نشرها على شاشته في موقع "يوتيوب" مساء اليوم الإثنين، "لن أقبل أحدا كان من كان أن يهين إرادة المواطنين، وأن يتصرف معي في هذه الحكومة وكأنه هو رئيس الحكومة ولست أنا"، قبل أن يضيف "هذا غير معقول وغير مقبول، والدمقراطية هي هذه، عندك 37 مقعدا يعني أن لديك 37 مقعدا".

ووجه رئيس الحكومة المعين، رسالة قوية إلى رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، عندما قال "جاءني بشروط لم أكن لأقبلها"، في إشارة إلى رفضه للشرط الذي تقدم به أخنوش لابن كيران، بأن يتم استبعاد حزب الاستقلال من التحالف الحكومي.

وأكد ابن كيران تشبثه بحزب الاستقلال في الحكومة القادمة، حيث أشاد بمواقف أمينه العام، حميد شباط، التي وصفها بـ"الرجولة والبطولة"، وقال "لا يمكن أن نتراجع عن حزب الاستقلال، مهما قال فينا شباط، إلا أنه وقف موقفين رجوليين ضد المذكرة التي جمعوا لها أحزاب المعارضة بالإضافة إلى التجمع الوطني للأحرار، ورفض المشاركة في انتخاب رئيس مجلس النواب من خارج الأغلبية"، وأردف "مهما فعل هذا موقف بطولة ورجولة وصعب في المغرب"، على حد تعبيره.

ووجه ابن كيران، مدفعيته الثقيلة صوب غريمه إلياس العماري، وحزب الأصالة والمعاصرة، الذي اتهمه بالمناورة ومحاولة إفشال مساعي تشكل الحكومة، مسجلا أنه كانت هناك "محاولة انقلاب على نتائج 7 أكتوبر، وهناك مناورات عبر بيان التوحش ثم المصالحة والإصلاحات الدستورية، فلو كانوا انتخبوا رئيس مجلس النواب قبل تشكيل الأغلبية، كنت سأعود للملك وأقول له بأنهم شكلوا الأغلبية".

وأكد رئيس الحكومة المعين، أن الديمقراطية لم تنتصر لحزب العدالة والتنمية بمقعد أو مقعدين، بل "انتصرت له بـ125"، مسجلا أنه عند بعض الأحزاب وبعض الجهات أصوات المواطنين "لا تساوي شيئا"، مشددا على أن حزبه سيحرص على احترام إرادة المواطنين "نحن حبا في بلدنا وطننا ووفاء لمقدساتنا ومؤسساتنا يجب علينا أن نحترم إرادة المواطن ماذا يريد ومن أراد".

ومضى ابن كيران في تقطير الشمع على حزب الأصالة ولمعاصرة، معتبرا أن رقم 102 سيبقى "وصمة عار في المستقبل لأنه لا أحد سيفهم كيف تمكن هذا الحزب من أن يحصل على 102 مقاعد"، وأضاف متسائلا "ماذا قدم للمغاربة من 2011 إلى 2016 حتى أغرموا به وضاعفوا عدد مقاعده".

وأكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن مشروع الأصالة والمعاصرة بالنسبة له انتهى، "هو جاء لتحقيق الفوز على العدالة والتنمية ولم ينجح، انتهى الأمر، لن نقول لهم لا حلوا انفسكم ولا أي شيء، منطقيا لو كانوا يستوعبون الدروس..."، وزاد ممعنا في هجومه "لو لا انكم لم تأتوا الأوائل لما بقيت معكم يوما آخر"، مضيفا أن "هناك بعض الأشخاص يؤمنون بأنفسهم أكثر من اللازم الزمن سيظهر لهم حقيقته ويبين لهم الأمور كما هي"، في رسالة تحدي واضح لإلياس العماري.

وفيما يشكل إقرارا بصعوبة مهمة تشكيل الأغلبية الحكومية، قال رئيس الحكومة المعين "أنا منذ البداية قلت لكم محاولة تشكيل الحكومة، بمعنى أننا نحاول تشكيل الحكومة، قد نتمكن من تشكيلها وقد لا نتمكن من تشكيلها"، تاركا المجال مفتوحا أمام جميع الاحتمالات، قبل ان يزيد قائلا"صحيح أن هذا الأمر مهم بالنسبة للبلد ومهم أن نشكل الحكومة بالنسبة لحزبنا، لكن الحفاظ على المبادئ والقيم أهم بكل تأكيد"، مشددا على أهمية وضرورة احترام إرادة المواطنين في تشكيل التحالف الحكومي.

وركز ابن كيران في كلمته أمام أعضاء اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، على أهمية القيم والمبادئ، في المرحلة القادمة "إذا كان في 2011 عندنا هم تجاوز الأزمة التي خلقها الربيع العربي، اليوم عندنا هم ترسيخ القيم"، موضحا أن هناك العديد من الدول التي قامت بأشياء كبيرة لكنها "عادت وخربتها لأنها لم تعدِل ولم تُقِم القيم"، داعيا أتباعه إلى العض بالنواجذ على القيم والمبادئ التي اجتمعوا عليها، كما حثهم على أن يكونوا "مثالا وقدوة حقيقية وصدقا، ونتمسك بمواقفنا وطريقنا تبقى واضحة وسالكة وسيوفقنا الله".