واشنطن: يواجه قادة أوروبا مصدراً جديداً للخوف يتمثل بناخبيهم أنفسهم. ويرى مراقبون أن ثورة سلاحها صندوق الاقتراع تزداد زخماً في القارة المأزومة حيث اغتنم المواطنون فرصاً لإسقاط قادة كبار وإدخال أوروبا في المجهول.&

وكان آخر من أُسقطوا بصندوق الاقتراع رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي الذي رفض الناخبون اصلاحاته المقترحة بأغلبية ساحقة في استفتاء عام. ولكن فرنسا والمانيا وهولندا كلها مقبلة على انتخابات صعبة في العام المقبل ومصير الاتحاد الأوروبي ذاته في كفة الميزان.&

ومن الأسباب التي اسهمت في تأجيج مشاعر الاستياء من الوضع القائم آثار الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 التي ما زالت تُحدث ركوداً في العديد من اسواق العمل الأوروبية وما يعنيه ذلك من بطالة. ولكن الأحزاب المعادية للوضع القائم تزداد قوة حتى في بلدان مرفهة افلتت من آثار الأزمة الأشد ضرراً مستغلة الخوف من المهاجرين والنقمة على العولمة لمسؤوليتها المفترضة عن فقدان الملايين من فرص العمل في أوروبا.&

وحتى قبل ان يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع في العام المقبل أخذ قادة الأحزاب المهيمنة تقليدياً على الساحة السياسية يقدمون تنازلات لأحزاب اليسار واليمين المتطرف في محاولة للحد من جاذبيتها. وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند في سابقة لا نظير لها انه لن يرشح لاعادة انتخابه وبذلك تمكين سياسي اشتراكي آخر من الترشيح.&

وفي المانيا وجهت المستشارة انغيلا ميركل دعوة مدوية الى منع البرقع في تنازل الى القوى اليمينية بعد ان فتحت ابواب المانيا لأفواج من اللاجئين العام الماضي. وقررت ميركل الترشيح لاعادة انتخابها.&
&
في هولندا التي ستجري انتخاباتها في مارس يواجه القادة مأزقاً بين اقامة علاقات طيبة مع اوكرانيا وتنفيذ نتيجة الاستفتاء الذي نُظم بضغط من اليمين المتطرف لمنع الحكومة الهولندية من المصادقة على الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي وكييف.&

وتأتي هذه المتاعب في وقت بدأ قادة أوروبا التفاوض بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهي عملية معقدة وشاقة بحد ذاتها وتمثل ضربة موجعة لمشروع الوحدة الأوروبية الذين انبثقت فكرته من رماد الحرب العالمية الثانية.&

وقال مارك ليونارد رئيس المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "ان النجاح يولّد النجاح فالتصويت لصالح بريكسيت أوجد احساساً بامكانية الفوز عند ترامب. وان انتخابه سيجعل فوز مارين لوبان في فرنسا أقل منافاة للعقل" في اشارة الى زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي المعادية للاتحاد الأوروبي.&

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ليونارد قوله "إذا فازت مارين لوبان في فرنسا فان هذا سيكون صدمة للنظام الأوروبي أكبر اضعافاً مضاعفة حتى من بريكسيت".&

ومن المتوقع ان تخوض لوبان الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في مايو المقبل ويمكن ان تحقق فوزا مفاجئاً سيهز اركان الاتحاد الأوروبي من الأساس. فان فوزها سيمثل تحولا تاريخيا في فرنسا التي شاركت مع المانيا في تأسيس الاتحاد الأوروبي.&

وكتبت لوبان على موقعها الالكتروني "ان "لا" الايطالية بعد الاستفتاء اليوناني ضد حزمة الانقاذ وبعد بريكسيت، ترفد بأعداد جديدة قائمة الذين يريدون ان يديروا ظهرهم للسياسات الأوروبية غير المعقولة التي تدفع القارة الى البؤس".&

في غمرة مشاعر الاستياء والتذمر يكافح القادة الأوروبيون لايجاد حجة تقنع الناخبين بالاتحاد الأوروبي واعطاء الأحزاب التقليدية فرصة اخرى.
وقال جانيس ايمانويليديس مدير الدراسات في مركز السياسة الأوروبية في بروكسل "ان صوغ سرد مضاد يراعي المخاوف واللايقينيات المتعددة لدى المواطنين وتحويله الى سرد ايجابي امر بالغ الصعوبة".&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "واشنطن بوست". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.washingtonpost.com/world/europe/the-future-of-the-european-union-is-at-stake-as-europes-leaders-face-a-new-fear-their-voters/2016/12/06/4903f35c-bb38-11e6-ae79-bec72d34f8c9_story.html?hpid=hp_hp-more-top-stories_italyeurope-1005pm%3Ahomepage%2Fstory&utm_term=.07118bfc7837