«إيلاف» من لندن: اعتبر مصدر بارز في المعارضة السورية أنه لا جديد في لقاء الجانب الروسي مع الفصائل العسكرية المعارضة للنظام السوري وأن هذا الإجتماع لا يُقلق النظام والإيرانيين، على عكس ما أوردته مصادر صحافية اليوم، وخاصة أنه تزامن مع اتفاق الخروج من حلب.

‎وأشار المصدر لـ«إيلاف»، بعد أن طلب حجب اسمه، إلى أن "الإيرانيين سبق لهم وأجروا مفاوضات مع الفصائل في أكثر من مكان في ريف دمشق".

‎ولكنه اعتبر أن "استفراد الروس بالمشهد السياسي هو ما يُقلق الإيرانيين والنظام”، ولفت المصدر إلى أن ما توقف عنده الإيرانيين والنظام "هو تواجد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا في المفاوضات واجتماعهم مع الروس برعاية تركية، ممثلين بــ "نذير الحكيم وهيثم رحمة ومنذر سراس وهم من المعروفين أنهم من ضمن الاخوان المسلمين .

‎وأشار المصدر المعارض، إن صحت التسريبات،& فإن الأنباء عن عدم تمسك الروس ببشار الأسد، يدل على خلاف استراتيجي بين إيران وروسيا، وهناك حرب باردة محتدمة داخل المحور الواحد رغم توقيع الفرقاء على إعلان موسكو إلى جانب تركيا.

وتطرق المصدر في تصريحه إلى ما يسمى بمعارضة حميميم &"فرغم أنها من فبركة إيران إلا أنها أصبحت مع الجانب الروسي لاعتقاد أفرادها أن الروس هم المسيطرون على الملف السوري وهم المتحكمون بالموقف ".

المحتل الروسي

ومن جهتهم، وفي رد غير مباشر منهم على اتهامهم أنهم يتبادلون الأدوار وهم من يفاوضون الروس ويبيعون الثورة ويلهثون وراء المشاركة بالسلطة، وجه جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نداء اعتبره ذات المصدر أنه محاولة منهم ليتبرؤوا من هذه التهم حيث وجهوا نداء الى قادة الفصائل المشتركين في التفاوض مع ما أسموه "المحتل الروسي" وهيئة التفاوض العليا، وقيادة الائتلاف الوطني، والقيادات السياسية والدعوية السورية..

‎وقال الأخوان في بيانهم :" حتى لا تختلط الأوراق، وتضيع المسؤوليات، والشعب السوري يعيش في لحظات مفصلية من تاريخ ثورة سيسجل التاريخ أنها كانت من أعظم ثورات الشعوب، وأبهظها ثمناً وأكثرها تضحيات.. نتوجه بهذا النداء لتحديد المسؤوليات، وإنهاء حالة التعويم، التي لا يستفيد منها إلا الأعداء..".

‎وأشاروا إلى ‎أنه لم تكن الثورة التي تدخل هذه الأيام عامها السادس، ثورة مسلحين قطّ، بل كانت ثورة شعب، ثورة أطفال وشيوخ ونساء ورجال.. وكما أنه لا يمكن لأحد أن يغمطكم جهادكم وتضحياتكم، فإنه لا يمكن لأحد أن يغمط دور الحاضنة الشعبية بكل أطيافها، لا دورها ولا جهدها ولا تضحياتها.."واستطرد الاخوان في ندائهم الى قادة الفصائل أنه "‎ليس تشكيكًا بكم، او تقليلاً من دوركم، ولكن ألا ترون أن الدخول في مفاوضات مع العدو المباشر لثورتكم ولوطنكم ، يعيد المشهد الثوري إلى نفس الأجواء التي ثار هذا الشعب عليها ورفضها؟.".

التفاوض مع العدو

‎وأكد الإخوان المسليمن في ندائهم على أن "التفاوض مع العدو يتطلب تعاونًا وثيقًا بين القوى السياسية للثورة والقوى العسكرية على الأرض ، واعتبروا أن اقتصار المفاوضات على الفصائل المسلحة فقط، يضعف الموقف الثوري خاصة مع ما تعلمون من غياب مرجعيتكم وتعدد قياداتكم.."..

‎ودعت جماعة الاخوان الفصائل الى "عدم الانخراط في أيّ مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، مع قوى العدوان والاحتلال، أو مع حلفائهم على أي المستويات إلا على أرضية تحقيق أهداف ثورة شعبنا. وحل جميع التشكيلات والتوحد في جسم وطني واحد، وتحت& مطلبية وطنية واحدة، وترك التعبير عنها وإعلانها للقيادة السياسية .

‎كما طالبت بتشكيل لجان تنسيق سياسية، توصل صوت المعارضة إلى هيئة التفاوض العليا، التي يجب أن تبقى الممثل الأول والوحيد للتفاوض باسم الشعب السوري."

كما أنها حمّلت الفصائل الأخطاء وقالت "إن احترامنا لقادة الفصائل ولتضحياتهم، لا يعني الاسترسال في السكوت عن الأخطاء المستعلنة، لأيّ طرف، والتي دفع شعبنا في ثمنها الكثير. وقد آن الأوان لرص الصفوف والعمل على تصحيح المسار الثوري ."

نداء أخير

‎وفي السياق ذاته، وجهت جماعة الأخوان المسلمين في سوريا نداء آخر إلى هيئة التفاوض العليا، والى قيادة الائتلاف الوطني، والقيادات السياسية والدعوية، قالت فيه: "‎إن الاسترسال في المشهد السياسي كما هو، يعني القبول بالهزيمة والتسليم بها، وبدا واضحا لكل ذي عينين، منذ ستة أشهر، أن تحوّلات إقليمية كبرى قد أصبحت حقيقة واقعة. ولقد قرأ العديد من العقلاء هذه التحوّلات ونبّهوا عليها، لكن تجاهل هذه المعطيات، هو الذي أورثنا هذه النتائج الكارثية .

‎وأضافت: "أن الحقيقة التي يظل يرددها الجميع، أن الدول ليست جمعيات خيرية، وأن لكل دولة ورئيس وحكومة، أولوياتهم الوطنية؛ كلام حق وصدق؛ وبناءً عليه، وتسليماً به، فإن المطلوب من كل صاحب قضية، ونحن منهم، أن تكون قضيتنا أولوية لنا وعندنا وعلى أجندتنا. وأن نحميَها ونقرر مصيرنا بأنفسنا".

‎وأكدت على أنه المطلوب اليوم، بحسب النداء، بيان وطني سوري جامع، يعلن الروسيّ والإيرانيّ عدوين محتلين للأرض السورية، ويطالب بمعاملتهما على هذا الأساس..

‎وأضافت : "والمطلوب على التوازي: أن لا أحد في هذا العالم "يمثل الشعب السوري وقضيته وثورته غير المؤسسات السورية الوطنية السياسية الثورية..".

‎من جانبه، اعتبر كرم خليل المنسق في الجيش السوري الحر أن ما يحدث عسكرياً الآن هو اتفاق تركي روسي بحت لتبادل المصالح على كافة الأصعدة سياسياً وعسكرياً واقتصاديًا بظل غياب الدور الأميركي للإدارة الجديدة مع التغيب الكلي لأوروبا .

وقال في تصريح خاص لــ "إيلاف" : "أعتقد بل أجزم بأن المعركة القادمة والمحرقة ستكون في إدلب ولكن ليس قريباً وإنما يوجد زمن من أجل عدم إحراج الحليف التركي وتأثيره على الفصائل وخاصة بالشمال السوري والساحل".

وأضاف "ستتخللها بعض المعارك الهامة في دمشق والغوطة ودرعا وحماة وجسر الشغور الذي سيكون لها وقع كبير وهام".

التقارب التركي - الروسي

ورأى خليل أنه مما لا شك فيه "أن التقارب التركي الروسي سوف تكون له تبعيات كالإعتراف ببعض الفصائل التي تم دعمها من قبل الأتراك كأحرار الشام وغيرها، ومن الطبيعي أن& تكون هناك اتفاقيات وتوقيع بعض الوثائق لضمان بقائها بالمرحلة المقبلة لو تم تغيير اسمها أو دمجها مع تجمع عسكري موحد يضمن لها المشاركة بالسلطة كتيارات سياسية إسلامية معتدلة" .

وقال "طبعاً في هذه المرحلة، مرحلة الاتفاق أو التقارب التركي الروسي سوف تُجنب الكثير من المناطق الدمار والخراب، ولكن لن يستمر هذا كثيراً وعلى ما يبدو النظام لن يتخلى عن فكرة القتل والتدمير ولن يتوقف عن مشروع الإنتقام الذي تبناه منذ البداية فلذالك يجب على الأتراك أن يكونوا صارمين أكثر مع الروس بهذا الشأن وإلا نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية سوف تقع في إدلب".

وكان قد أسفر التقارب الروسي التركي عن اجتماعات بين الفصائل العسكرية المعارضة والروس برعاية تركية .

وأوردت جريدة "الحياة "في تقرير لها أن موسكو وأنقرة تريدان من حوار الأستانة أن يقر نسخة مطورة من الوثيقة التي قدمتها وزارة الدفاع الروسية إلى قادة فصائل حلب في أنقرة ولا يزال النقاش جارياً في شأنها. ومسودة الوثيقة نُوقشت في مفاوضات سرية في أنقرة بحضور الاستخبارات التركية جرى فيها عزل كامل للحاضرين عن العالم، وتضمنت لأول مرة اعترافاً روسياً بشرعية فصائل عسكرية إسلامية معارضة، بينها أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام وجيش المجاهدين وحركة نور الدين زنكي والجبهة الشامية وشخصيات من الجيش الحر، ذلك أن الجانب الروسي الذي ضم ضباطاً من هيئة الأركان والاستخبارات العسكرية، حرص على توقيع ثلاثي (روسي وتركي -كطرفين ضامنين- مع ممثلي الفصائل المسلحة المعارضة) على محاضر الاجتماعات، وسجلت الموقف السياسي والعسكري لكل طرف ونقاط التقاطع والاختلاف بين الروس والفصائل.

‎ويبقى أنه مما لا شك في أن شرعنة هذه الفصائل هو تطور في موقف موسكو عمّا كان عليه في المحادثات مع واشنطن منذ انطلاق عملية فيينا وتشكيل المجموعة الدولية لدعم سوريا وإقرار اتفاق وقف العمليات القتالية في فبراير&الماضي، عندما كان الجانب الروسي يعتبر جميع الفصائل الإسلامية، تنظيمات إرهابية لا تختلف كثيراً عن داعش أو النصرة وتغيير موقف موسكو قوبل بامتعاض شديد في طهران ودمشق اللتين تعتبران الفصائل الإسلامية تكفيرية وإرهابية، وهما في صدد استكمال الحسم الاستباقي ضدها إلى ما لا نهاية .