قررت حكومة إقليم كردستان العراق خفض رواتب موظفيها بنسب تتراوح بين 15 و75 بالمائة، واستئناف صرفها بدءًا من الأسبوع المقبل، بعد توقف ستة أشهر، واعتبار هذه الرواتب التي لم تدفع قروضًا في ذمة الحكومة ستسددها لهم بعد انتهاء الأزمة المالية التي تواجه الإقليم حاليًا، الذي وصلت مديونيته إلى 15 مليار دولار.


&

أسامة مهدي: جاء ذلك خلال اجتماع لحكومة الإقليم برئاسة رئيسها نيجيرفان بارزاني، ومشاركة نائبه قباد طالباني، ناقشت خلاله الإجراءات الواجب اتخاذها في التعامل مع الأزمة المالية الراهنة والإصلاحات التي ستنفذها تماشيًا مع تلك الإجراءات.&

وأشار بارزاني الى ان مباحثاته في بغداد خلال اليومين الماضيين اسفرت عن اتفاق على عقد إجتماع بين الطرفين كل شهرين لوضع آلية للتنسيق من أجل استمرار الحوار والتباحث بهدف التوصل إلى تفاهم مشترك لمعالجة المشاكل بين أربيل وبغداد.
&
واضاف أن القضايا ذات العلاقة بين العراق وإقليم كردستان مع تركيا ومراقبة نقاط الجمارك ومساعدة إقليم كردستان ومساهمة قوات البيشمركة في عملية تحرير مدينة الموصل والمخاوف على سد الموصل ومساعدات الحكومة الإتحادية لقوات البيشمركة وتأثيرات الأزمة المالية على العراق ومشاركة إقليم كردستان في النشاطات الدبلوماسية العراقية وقضية النفط والموارد كانت أهم ما دار في الإجتماعات واللقاءات في بغداد.
&
أضاف بارزاني أن الحكومة مضطرة حاليًا إلى إتخاذ قرارات صعبة، موضحا انها ستكون موقتة، من أجل إجتياز الأزمة المالية الحالية، ومعالجة المشكلة نظرًا الى تدهور الاوضاع المالية، مؤكدًا انها ستتخذ جميع الإجراءات والسبل من أجل معالجة المشكلة نهائيًا.
&
خفض الرواتب بين 15 و75 بالمائة
عقب الاجتماع اعلنت الحكومة عن خفض رواتب الموظفين بنسب متفاوتة تتراوح بين 15 الى 75 بالمئة، باستثناء منتسبي وزارتي الداخلية والبيشمركة. وقال سكرتير مجلس الوزراء أمانج رحيم انه قد تقرر اتباع نظام إدخار نسبي عادل من المجموع الكلي لرواتب ومخصصات الموظفين، باستثناء وزارة البيشمركة والقوات الأمنية، من أجل ضمان استمرارية صرف جزء من الرواتب والمخصصات شهرياً، وما تبقى مع رواتب الأشهر الباقية في العام الماضي تبقى قروضًا لدى وزارة المالية، وتدخل في حساب خاص باسم (مدخرات موظفي اقليم كردستان)، وعند تحسن الأوضاع المالية، تعاد هذه الاموال الى موظفي اقليم كردستان، وينفذ هذا القرار اعتبارًا من بداية السنة الحالية.
&
كما قررت ان يتحمل الموظفون، الذين خصصت لهم سيارات من قبل الوزارات والدوائر، جميع مصاريف تلك السيارات، من الآن فصاعدًا، وبعكسه يستطيعون اعادتها الى الحكومة، والتنقل بالسيارات التي تخصص لنقل زملائهم من باقي الموظفين.
&
وتم تشكيل لجنة مشتركة من (ديوان الرقابة المالية، سكرتارية مجلس الاقليم لشؤون النفط والغاز، ووزارة المالية، ووزارة الثروات الطبيعية) من أجل الاشراف وتدقيق جميع الأرقام الحسابية الخاصة بالواردات المستحصلة في جميع نشاطات قطاع النفط والغاز في اقليم كردستان، بالتعاون مع شركة دولية متعمدة في مجال التدقيق الحسابي للنفط والغاز، من أجل فصل العملية المالية لواردات النفط والغاز عن وزارة الثروات الطبيعية إلى حين مباشرة هيئة ادارة صندوق واردات النفط والغاز.
&
بيع المشتقات&النفطية بالمزاد العلني
كما قررت حكومة الاقليم ان تكون عمليات بيع وشراء وتبادل النفط الخام والمشتقات النفطية من غير النفط الذي يصدر عبر الانابيب عن طريق المزايدة العلنية والاعلان العام على أساس المنافسة وتوفير فرص متساوية لجميع الشركات والمقاولين بأنسب سعر وأفضل نوعية، ولا يجوز تحت اية ذريعة احالتها الى أي شخص او مقاول او شركة، على أن تقوم وزارة الثروات الطبيعية بتنفيذ تعليمات في هذا المجال خلال 30 يوماً بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الاقليم لشؤون النفط والغاز، ويتحمل ديوان الرقابة مهمة المراقبة والتدقيق.
&
كما قررت الايعاز الى الوزارات ذات العلاقة والمحافظين والقائمّقامين بالتنسيق مع غرف التجارة والرقابة التجارية بمراقبة الاسواق وانشاء توازن بين واردات المواطنين واسعار المواد والخدمات اليومية، وخاصة المواد الغذائية واسعار العيادات والفحص الطبي والعمليات الجراحية والصيداليات والايجارات واسعار التعليم الاهلي والحضانات وخدمات الانترنت واسعار المولدات الاهلية، وقد منح مجلس الوزراء جميع الصلاحيات اللازمة الى الوزراء ذوي العلاقة والمحافظين.

توزيع الرواتب بدءًا من الأسبوع المقبل
وسيتم توزيع رواتب الموظفين المتوقفة منذ ستة اشهر شهريًا من دون تأخير بدءًا من الاسبوع المقبل. وقال سفين دزئي، المتحدث باسم حكومة الاقليم، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الاجتماع الحكومي مساء امس، إن الازمة المالية التي سببها قطع الميزانية من قبل الحكومة الاتحادية واحتضان الاقليم للاعداد الكبيرة من النازحين والحرب التي يخوضها الاقليم ضد داعش، وآخرها انخفاض اسعار النفط، دعت الحكومة الى اتخاذ اجراءات مناسبة لمواجهة الازمة المالية.
&
واشار الى أن الحكومة قررت ايضا تأسيس نظام الكتروني متطور لتسجيل بيانات موظفي اقليم كردستان من اجل انهاء ظاهرة الرواتب المزدوجة والمتقاعدين بشكل غير قانوني، بحيث يكون لكل شخص منهم رقمه الخاص به، وذلك لكي يمكن كشف بعض الذين يقومون باستلام أكثر من راتب واحد، وأيضا الذين يستلمون الرواتب بطرق غير قانونية.
&
كما قررت تثبيت أسس اللامركزية في قطاع إنتاج المحروقات، من خلال تقليل صلاحية المحافظات، حتى تتمكن كل محافظة من ان تقرر حسب وضعها الخاص كيفية إدارة قطاع الإنتاج النفطي ومشاركة القطاع الخاص في تأمين الإنتاج النفطي، لكي لا تتم إدارتها ثانية من خلال وزارة الثروات الطبيعية.
&
ديون الإقليم بلغت 15 مليار دولار
يذكر ان حكومة اقليم كردستان عاجزة منذ ستة أشهرعن دفع مرواتب موظفيها، ما اسفر عن تذمر شعبي وخروج تظاهرات احتجاج في عدد من مدن الاقليم. &
&
يمثل العجز عن دفع رواتب الموظفين أحد أوجه الأزمة المالية في الاقليم، فقد انخفض معدل تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية الى مستويات قياسية غير مسبوقة، اذ لا يحصل هؤلاء إلاّ على نحو ست ساعات يومياً، بعدما كانت تزيد على 17 ساعة يومياً، الامر الذي دفع وزير الكهرباء في الاقليم صلاح الدين بابكر الى تقديم استقالته من الحكومة في الشهر الماضي، عازياً اياها الى عدم دعم خطط الوزارة وقلة الموازنة مقارنة بالسنوات الماضية.
&
وأخيرًا، اشارت وسائل اعلام المانية الى أن مقاتلين من البيشمركة باعوا أسلحتهم، التي حصل عليها الإقليم من المانيا، لعدم استلامهم رواتبهم منذ أشهر. وقد انعكست الأزمة المالية بقسوة على حياة الناس، وصار شائعاً الاقتراض للعيش وشراء الحاجات الأساسية.. فيما تسببت موجة الهجرة الى الخارج بغرق أكثر من 250 كردياً عام 2015 ورحيل نحو 30 الف كردي.
&
وكان نجيرفان بارزاني قد أقر في الاسبوع الماضي بأن الاقليم لم يشهد مثل هذه الازمة منذ عام 1991، وهو تاريخ انفصال الاقليم عن الحكومة المركزية في بغداد، عازيًا ذلك الى خفض الحكومة العراقية موازنة الاقليم، والحرب على تنظيم داعش، ومجيء مليون و800 الف نازح ولاجئ الى الاقليم، فيما شكل هبوط أسعار النفط اكبر الاضرار للاقليم، الذي تؤكد مصادر كردية انه يرزح حاليًا تحت دين لا يقل عن 15 مليار دولار أميركي.
&
&