راهن ونستون تشرشل مع مليونير أميركي على أن الإمبراطورية البريطانية ستزداد قوة بعد وفاة الملكة فيكتوريا، وفاز بالرهان، كما كشفت وثيقة عُثر عليها حديثًا. لندن: جرى الرهان قبل 115 عامًا خلال حفلة عشاء احتسى فيها تشرشل كميات كبيرة من الكحول مع ضيفه الأميركي جيمس يونغ، الذي كان مستثمرًا كبيرًا في الصناعة الأميركية. مقامرة رابحة وبرهان قدره 100 جنيه إسترليني، تعادل اليوم 12 ألفًا، أعرب تشرشل عن ثقته بخطأ التكهنات، التي كانت تتوقع تراجع موقع بريطانيا في العالم بحدة في غضون عشر سنوات من بداية القرن العشرين. وأصرّ بدلًا من ذلك على أن الإمبراطورية ستبقى، بل وتزداد قوة بعد وفاة الملكة فيكتوريا في عام 1901. وأجرى تشرشل، الذي أصبح رئيس وزراء بريطانيا، لاحقًا، رهانه بعد يوم على وفاة الملكة. كتب الرجلان رهانهما على ورقة، جاء فيها أن يونغ يراهن تشرشل بمئة جنيه إسترليني على "أن الإمبراطورية البريطانية ستتراجع تراجعًا كبيرًا، قبل أن تنتهي السنوات العشر المقبلة". وتحمل الوثيقة توقيعهما بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 1901. ولا يُعرف ما إذا كان تشرشل تسلم قيمة الرهان بحلول عام 1911 الذي أصبح فيه قائد البحرية البريطانية. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ليديا ولكنسون الخبيرة في التواقيع والتذكارات الشخصية "إن أقداح الخمر دارت بين الاثنين حتى السكر، وإنهما كانا يلهوان، ويمكن أن نتخيل إلى أين قاد الحديث، لأنه جرى بعد وفاة فكتوريا مباشرة". أضافت "إنهما كانا يدخنان السيجار، ويحتسيان الكحول، فيما كان الأدب والإمبراطورية البريطانية على رأس موضوعات الحديث خلال تلك الليلة". ثقة.. وغطرسة قالت ولكنسون إن أهم ما في وثيقة الرهان هو ثقة تشرشل الراسخة بالإمبراطورية البريطانية "حتى إنه راهن بهذا المبلغ الخيالي وقتذاك على بقاء الإمبراطورية، رغم أنه كان على الأرجح مبلغًا لا يستطيع التفريط به". وأشارت إلى أن وثيقة الرهان "تبيّن الغطرسة التي نعرفها عنه". وأوضحت الخبيرة أن علامات استفهام كبيرة أُثيرت وقتذاك عن مستقبل الإمبراطورية، وأن الرهان قد يكون مثالًا على التزام تشرشل بالخط الرسمي. ولاحظت ولكنسون "أن تقارير ذكرت أنه تسلم الرهان، ولكن ما يؤسف له عدم وجود دليل يسند ذلك". للبيع في مزاد بقيت وثيقة الرهان سليمة، وستعرض للبيع في مزاد يُقام في لندن في 18 آذار/مارس، حيث تقدر التوقعات بأن تُباع بسعر 25 ألف جنيه إسترليني. وكان تشرشل وقت الرهان نائبًا برلمانيًا في السابعة والعشرين يزور الولايات المتحدة لإلقاء محاضرات عن الوقت الذي قضاه مراسلًا في حرب البوير في جنوب أفريقيا، حيث هرب من معسكر لأسرى الحرب، وقطع نحو 480 كلم مشيًا، قبل أن يصل إلى مكان آمن في إحدى المستعمرات البرتغالية في شرق أفريقيا. انحسار مساحة تلقى تشرشل خلال جولته الأميركية دعوة من رجل الأعمال الصناعي الثري جيمس يونغ إلى منزله في ولاية مينيابوليس. وأمضى الاثنان سهرتهما في تبادل أطراف الحديث والأنخاب وتدخين السيجار حين طرح موضوع الإمبراطورية البريطانية ومستقبلها بعد وفاة الملكة فيكتوريا وجلوس نجلها الملك إدوارد السابع على العرش. وكانت مساحة الإمبراطورية البريطانية حينذاك تزيد على 36 مليون كيلومتر مربع، وتضم الهند وأستراليا وكندا ومناطق واسعة من أفريقيا. حدث تراجع نطاق الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية باستقلال الهند في عام 1947. وتأكد هذا التراجع بالعدوان الثلاثي على مصر خلال أزمة السويس عام 1956 وإجبار بريطانيا على سحب قواتها من منطقة القناة ثم من شرق السويس.