لا ترى وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة فلور بيليران جدوى في حماية الفرنسية من التأثيرات الخارجية مثل الانكليزية، مؤكدةً أن الفرنسية كانت دائمًا لغة أثْرَتها لغات أخرى، فهل هذا&يعدّ تراجعًا&أمام تحدي الانكليزية؟
&
باريس: في مناسبة اليوم العالمي للغة الفرنسية، الذي يحتفل به في 20 آذار (مارس) من كل عام، استعرض الأوصياء على لغة الدبلوماسية والحب الكثير مما يفتخرون به. فعلى الرغم من هيمنة اللغة الانكليزية، سجل عدد الناطقين بالفرنسية زيادة حادة في السنوات الأخيرة. وتبين أرقام المنظمة الدولية للفرنكوفونية أن عدد الناطقين بالفرنسية 274 مليونًا في عام 2014، بزيادة 25 في المئة عن عام 2010، منهم 212 مليونًا يتكلمون الفرنسية في حياتهم اليومية، بزيادة 7 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية.&


اتجاهات إيجابية

الجدير بالاهتمام أن عدد الناطقين بالفرنسية في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى ازداد بنسبة 15 في المئة نتيجة النمو السكاني وإعطاء الأولية للفرنسية في نظام التعليم.

الفرنسية ثاني لغة بين اللغات التي تُدرَّس في العالم، وخامس لغة في العالم من حيث عدد الناطقين بها، وثاني لغة في غالبية المنظمات، ورابع لغة على الانترنت. لكن على الرغم من هذه الاتجاهات الايجابية عمومًا، فإن اللسان الفرنسي يتراجع في موطنه الاوروبي.

قال الكسندر وولف، من مرصد اللغة الفرنسية في المانيا، إن الأرقام لا تتوافر عن جميع البلدان، لكن هذه ظاهرة تطاول جميع اللغات الأجنبية في أوروبا باستثناء الانكليزية. أضاف وولف: "هذا يعود إلى اسباب منها عدم تعليم لغة أجنبية في الكثير من المدارس الاوروبية، ففي بريطانيا مثلًا تُدرس الفرنسية بوصفها لغة أجنبية، لكنها ليست إلزامية على مستوى أعلى".

في المانيا وايطاليا والسويد، تكون الانكليزية عادةً اللغة الالزامية الوحيدة ونتيجة لذلك تتضرر اللغات الأخرى، بحسب وولف.


&
&

فرنسا تتخلى عن غيرتها

تقدمت الانكليزية على الفرنسية في العديد من المنظمات الدولية، بعدما كانت الفرنسية لغتها الرسمية العاملة. وكان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أثار ضجة في عام 2006 عندما انسحب من اجتماع للاتحاد الاوروبي غاضبًا لأن إيرنست أنتوان سيلير، رئيس منظمة أرباب العمل الفرنسية، كان يتحدث بالانكليزية. ولا يمكن لمثل هذا الاحتجاج أن يحدث اليوم.

في العام الماضي، أصدرت وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة فلور بيليران أقوى إشارة حتى الآن إلى تخلي فرنسا عن غيرتها الشديدة على لغة مولير.

في مقابلة مع موقع لوكال الاخباري، قالت بيليران التي تتكلم الالمانية والانكليزية بطلاقة إنها لا ترى جدوى في حماية الفرنسية من التأثيرات الخارجية مثل الانكليزية. واضافت: "علينا أن نفهم العالم الذي نعيش فيه اليوم حيث تغتني لغتنا بالتأثيرات الخارجية، فالفرنسية كانت دائمًا لغة أثْرَتها مفردات من لغات أخرى".


&
&

منافع مختلفة

لكن أنيك جيرادان وزيرة الدولة لشؤون التنمية والفرنكوفونية أعربت عن الأسف لاستخدام الانكليزية في قطاع الأعمال على حساب الفرنسية، مشيرة إلى ذلك برسالة تهكمية استخدمت فيها تعابير إنكليزية لإيصال وجهة نظرها.

وقالت جيرادان في الرسالة إن الشركات التي تعلّم فرقها المقيمة في الخارج اللغة الفرنسية بدلًا من إشاعة لغة شكسبير في فرنسا شهدت منافع ذلك، بما فيها المنافع الاقتصادية.

قال الخبير اللغوي الفرنسي جان ميليت إن سبب رواج التعابير الانكليزية في اللغة الفرنسية يعود في جانب منه إلى "الكسل اللغوي"، لأن الكثير من المفردات الانكليزية أقصر وصديقة للمستخدم أكثر من نظيراتها الفرنسية.

وأكد وولف من مرصد اللغة الفرنسية في المانيا عدم وجود مشكلة مع الانكليزية، قائلًا: "سيكون المستقبل متعدد اللغات، وتعلم الفرنسية أمر جيد، لكن من المفيد تعلم لغات أخرى ايضًا"، منوهًا بأهمية التعدد اللغوي في مؤسسات دولية مثل الاتحاد الاوروبي.


&
&

23 لغة

حاليًا، تُترجم الوثاق الرسمية ضمن الاتحاد الاوروبي إلى لغاته الرسمية الثلاث والعشرين، لكن المذكرات الرسمية والمفاوضات التي تؤدي إلى إعداد هذه الوثائق تكون بالانكليزية في أحيان كثيرة.

من جهة أخرى، أشار وولف إلى دراسة أجرتها شبكة بلومبرغ في عام 2011 أظهرت أن الفرنسية ثالث لغة في النشاطات التجارية والاقتصادية حول العالم بعد الانكليزية والصينية.

في عام 2014، توقعت دراسة أن تصبح الفرنسية ذات يوم اللغة الأولى في العالم بعدد الناطقين. على سبيل المثال، ربما يرتفع عدد الناطقين بالفرنسية أن يرتفع إلى 750 مليونًا بحلول عام 2050، نتيجة النمو السكاني في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى.
&
&