أحمد قنديل من دبي: نفى الإعلامي والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ خلال فعاليات اليوم الأخير للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2016 الذي عقد في الشارقة على مدار يومين ما وجهته ماري روبنسون رئيسة أيرلندا سابقاً ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سابقاً، من اتهامات لدولة الإمارات، والتي قالت فيها إن منظمات حقوق الإنسان لا يتاح لها العمل بحرية في دولة الإمارات، حيث نفى الصايغ هذا الكلام جملة وتفصيلاً، مؤكدا أن دولة الإمارات تسعى لتحقيق قيم إنسانية مستمدة من أعرافها ودينها وحضارتها، وأنه من خلال تجاربه يرى أن أبواب جميع مؤسسات الدولة مفتوحة أمام منظمات حقوق الإنسان، التي فقدت مصداقيتها في التقارير الخاصة بحقوق العمال في الدولة، بسبب أن هذه المنظمات اعتمدت في معلوماتها على مصادر أحادية الجانب، من خلال تواصلها مع حالة واحدة من العمال والتركيز عليها، ولم تتواصل مع منظمات ومؤسسات حكومية في الدولة.

تخطي الإجراءات العسكرية

وفي اليوم الختامي خرج المنتدى بعدة توصيات أهمها اتخاذ خطوات ملموسة واستراتيجيات تتخطى الإجراءات العسكرية والأمنية في مواجهة العنف، وتشمل معالجة الظروف المؤدية للإرهاب ومكافحة الإرهاب بكل الوسائل، المتاحة وبناء القدرات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وضرورة الاهتمام باللغة العربية واستخدام مصطلحاتها الغنية والقيمة والحرص على تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة حيث تعكس هذه المصطلحات الهوية العربية وتسهم في حفظ اللغة من التشويه وادخال ما لا يليق بها ويناقض معانيها.

ووفقاً للشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، انبثقت توصيات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي عن توجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومختلف جلسات وفعاليات المنتدى التي شارك بها أصحاب الاختصاص والخبرة من مختلف دول العالم.

وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي إن جميع مخرجات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي يجري تحويلها إلى برامج عمل تنفيذية، مؤكداً أن جميع جلسات وفعاليات المنتدى ترتكز إلى أهداف تعزيز التواصل الحكومي وفق آليات وبرامج قابلة للتنفيذ . 

دمج التكنولوجيا في التعليم

من جانبه قال طارق سعيد علاي، مدير مركز الشارقة الإعلامي، إن توصيات الدورة الخامسة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي تناولت العديد من المحاور الرئيسة في بناء التواصل الفعال وتنمية المجتمعات. 

واستعرض علاي أبرز توصيات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، مشيراً إلى أن التوصيات تناولت أهمية دمج التكنولوجيا في النظام التعليمي بالتعاون مع الشركات الخاصة على أن تتولى الحكومات أن تتولى مسؤولية إدارة النظام التعليمي وإعادة تصميمه. 

ودعت التوصيات إلى ضرورة تدريب الطلبة والأجيال الجديدة على فهم وتحليل المعارف وتطوير مهاراتهم في التفكير النقدي وبناء المعرف على أسس الفكر النقدي من خلال اهتمام المدارس والحكومات بجودة التعليم والابتعاد عن التلقين. 

تحديات المستقبل

ودعت توصيات المنتدى إلى مواكبة المتغيرات وإتاحة الفرصة للطلاب لامتلاك مهارات جديدة لمواجهة تحديات المستقبل، فالتأقلم والقدرة على التكيف هما الأساس في النظام التعليمي الجديد. 

أما عن مواجهة العنف والتطرف والكراهية، فقد جاءت التوصيات لتؤكد على أن مواجهة العنف تتطلب خطوات ملموسة واستراتيجيات تتخطى الإجراءات العسكرية والأمنية وتشمل: معالجة الظروف المؤدية للإرهاب ومكافحة الإرهاب بكافة الوسائل المتاحة وبناء القدرات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وضمان احترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية. 

نبذ الكراهية وتقبل الآخر

وجاء في التوصيات أنه لابد من بناء منصات حوار متقدمة على غرار المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، تركز على نبذ خطاب الكراهية وتقبل الآخر. وأن يغطي الاتصال الحكومي مختلف المجالات الحيوية المؤثرة وأولها شؤون العقيدة وأفكار الشباب.

كما أكدت التوصيات ضرورة منح الشباب فرصهم في التعلم والتعليم وتأسيس الأسرة، وتمكين المرأة لتكون شريكاً حقيقياً للرجل مما يسهم بشكل مباشر في مكافحة ظاهرة التطرف.

احترام حقوق الإنسان

وفي مجال حقوق الإنسان والتنمية تم التأكيد على ضرورة احترام الاتصال الحكومي لحقوق الإنسان والتأكيد على ضرورة شفافية الإعلام وأن يكون الاتصال متبادل بين الحكومة والجمهور، وأهمية أن تكون الحكومات أكثر صراحة وانخراطاً في أنشطة الاتصال مع المجتمع الدولي فيما يخص حقوق الإنسان، ذلك كون السمعة العالمية لأي دولة تستند إلى سجلها في مجال حقوق الإنسان الذي تتداوله وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة وغيرها من الجهات والدول.

وحثت التوصيات على العمل لتوجيه مشروع سياسي متكامل في إفريقيا وتقليص أعداد اللاجئين عن طريق إيجاد فرص العمل المناسبة وبناء رعاية صحية متكاملة ووضع نظام تعليمي لتشجيع الناس على البقاء في بلادهم.

تمكين المرأة

وجاءت التوصيات لتضع أهمية كبرى لقضية تمكين المرأة، حيث أكدت على ضرورة أن يكون هناك خطاب إيجابي من القيادة إلى الشعب فيما يتعلق بحقوق المرأة، فهو ما يحفظ للمرأة مكانتها ويعزز أهمية دورها في النهوض بالمجتمع. ولتحقيق مستوى مشاركة عالٍ للمرأة في كافة مناح الحياة، فلابد أن تتلقى تعليماً يجعلها قادرة على صناعة أجيال متعلمة ومثقفة، مما يساهم في تحقيق أهداف الألفية الجديدة، فلا يمكن مكافحة الفقر والأمية والجوع والأمراض إذا لم يتم تمكين المرأة للحصول على حقوق متساوية مع الرجل في التعليم. فالعلم والتفكير النقدي وثقافة الشك واليقين تؤهل المرأة لاكتساب الثقة بالنفس والقدرة على المقاومة للدفاع عن حقوقها والحفاظ على كرامتها والمساهمة في الارتقاء بمجتمعها.

أزمات إنسانية

أما من أجل تطوير مجال الاتصال الحكومي ليكون على مستوى التفاعل الإيجابي مع الأزمات الإنسانية، فتم التأكيد على ضرورة أن تعتمد الحكومات الشفافية في التواصل مع جمهورها من أجل بناء قاعدة متينة للمصداقية. وأنه لا ينبغي خلط الجانب السياسي مع الإنساني عند التعامل مع كارثة أو أزمة إنسانية، حيث سيؤدي ذلك إلى أن يفقد الموضوع قيمته الإنسانية.

ومن جهة أخرى فإنه ومن أجل أن يتم الإحاطة بكافة جوانب الأزمات الإنسانية فإنه على وسائل الإعلام التركيز على تغطية تداعيات ما بعد الأزمة التي يتم عادةً تجاهلها. حيث جرت العادة على أن يغطي الإعلام الأزمة أو الكارثة الإنسانية فور وقوعها فقط.

لغة الشباب

وتطرقت التوصيات إلى موضوع الاتصال الحكومي بشكل عام، وأكدت على أنه على الاتصال الحكومي، أن يكون فاعلاً في خدمة المبادئ الإنسانية العامة، ولكي ينتج ثقافة اجتماعية ذات مسؤولية تجاه القضايا المصيرية الكبرى، مثل حقوق الإنسان والتغير المناخي والعدالة. وأنه يجب أن يكون عصرياً يستخدم لغة الشباب وأدواتهم. وأن يتم تغيير مسمى إدارات الاتصال الحكومي إلى إدارات التفاعل الحكومي. 

ومن أجل تطوير هذا المجال، فلابد من حماية قانونية لتدفق المعلومات والانتقال من الاتصال الحكومي إلى التفاعل المتواصل مع الجمهور، بالإضافة إلى أهمية إشراك الشباب عبر مختلف وسائل التواصل المباشر وغير المباشر وخاصة عند وضع سياسات خاصة بهم .

خطاب التطرف والكراهية والعنف

ضمن برنامج المحاضرات التفاعلية التي ينظمها المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، ويشارك فيها عدد من الطلبة، والإعلاميين، والمهتمين، شهد اليوم الثاني من المنتدى تنظيم محاضرة حول مكافحة خطاب التطرف والكراهية والعنف، تحدث فيها ثيبولتتشاريتون، مدير مشاريع الإعلام والهجرة في برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بمشاركة من نهال سعد الممثل السامي والمتحدثة الرسمية باسم اللجنة العليا لبرنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات.

وتضمنت المحاضرة عدداً من المبادرات التي ينظمها برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات من أجل التعرف على خطورة وأبعاد خطاب الكراهية ومناقشة الأسباب وراء تفشي مشاعر العداء والتطرف وتقديم حلول للتصدي لمحاولات التحريض على الكراهية.

نشر معلومات خاطئة

وقالت نهال سعد الممثل السامي والمتحدثة الرسمية باسم اللجنة العليا لبرنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات "مع تطور الإعلام وبروز مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت إمكانية نشر المعلومات الخاطئة تشكل تحدياً لمواجهة خطاب الكراهية. وكلنا يعلم أن هذا التطور في قطاع الإعلام يحتمل وجود الجانب السلبي كونه قد يتيح المجال للتحريض على الكراهية ويؤسس لفكر متطرف قد ينتشر بسرعة هائلة من دون أية ضوابط. 

تحالف الحضارات

وقالت إن برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات يتعاون عن كثب مع الإعلام من أجل رصد ودراسة وجهات النظر المتفاوتة تجاه قضية المهاجرين نظراً لما تمثله هذه القضية من أهمية لدى الكثير من دول العالم.

واختتمت سعد " للأسف وبعد عشر سنوات على إطلاق البرنامج لم يتغير الكثير بالنسبة لخطاب الكراهية في العالم أو التطرف أو التمييز العنصري بين الشعوب، من هنا أهمية تكثيف الجهود والتعاون مع الحكومات من أجل بلورة استراتيجيات اتصال حكومي أكثر فاعلية."

وقدم ثيبولتتشاريتون عرضاً توضيحياً عن برنامج الأمم المتحدة لتحالف الحضارات وخطة العمل التي تشمل 4 ركائز هي: الهجرة، الإعلام، التعليم والشباب. وأوضح أنه تم إنشاء قاموس إعلامي متكامل حول قضية الهجرة بحيث يشكل مرجعية لوسائل الإعلام لضمان استخدام المصطلحات العلمية الصحيحة والتي تصون أدبيات الخطاب الإعلامي المسؤول. 

وأشار شاريتون إلى أهمية دور الحكومات في تعزيز القوانين والتشريعات المرتبطة بجرائم التمييز العنصري وحرية التعبير التي يجب أن تبقى مصانة. مشيراً إلى دور الإعلام التقليدي في نقل الحقيقة من دون الإساءة الى أي دين أو عرق أو طائفة أو التحريض على الكراهية.