كشف تحقيق دولي في عقود المحافظات العراقية وإقليم كردستان مع شركات محلية ودولية مخالفات قانونية ترقى إلى مستوى الفساد، ما اضاع على البلاد مليارات الدولارات.

إيلاف من لندن: أكد تقرير المدقق الدولي وجود مخالفات كبيرة في تعاقد اغلب محافظات العراق، بما فيها اقليم كردستان، مع شركات متلكئة لم تنفذ لحد الآن 10 بالمائة من المشاريع المحالة إلى هذه الشركات، على الرغم من توقيع بعض هذه العقود منذ عام 2014، ما ادى إلى ضياع مليارات الدولارات على العراق.

يذكر أن الدولار العراقي يساوي 1200 دينار عراقي. وكان مؤشر الشفافية العالمية قد صنف العراق مطلع العام الحالي ضمن الدول العشر الأكثر فساداً في العالم خلال العام الماضي.
&
محافظة البصرة

وأشار المدقق الدولي في بيان اليوم اطلعت عليه "إيلاف" إلى دخول محافظة البصرة بالتزامات تعاقدية مختلفة بمبلغ 9798727000 دينار " دون موافقة وزارة التخطيط، ودون وجود تخصيص مالي في الموازنة الاتحادية خلافًا للتعليمات ".

واضاف أن المحافظة دخلت بالتزامات تعاقدية مختلفة بمبلغ 9798727000 دينار "دون موافقة وزارة التخطيط، ودون وجود تخصيص مالي في الموازنة الاتحادية خلافًا للتعليمات". كما قامت بالتعاقد مع شركة الرشيد العامة لتجهيز آليات تخصصية وسيارات صاروخية بمبلغ 6550000000 دينار، "رغم انها شركة ليست متخصصة في هذا المجال"، ودفعت المحافظة سلفة تشغيلية بلغت 100% من قيمة العقد، وبلغت نسبة الانجاز 0% لغاية سحب العمل، ولم تتمكن المحافظة من استعادة مبلغ السلفة، والذي يمثل كامل مبلغ العقد لغاية تاريخ انجاز التدقيق ولم تتخذ المحافظة أي اجراء بحق الشركة.

كما قامت المحافظة بسحب العمل من خمس شركات بلغت قيمة عقودها 307822232217 ديناراً، "دون اتخاذ أي اجراء قانوني ضد تلك الشركات أو الجهات التي احالت لها العمل رغم عدم كفاءتها"، ولم تتمكن المحافظة من مصادرة خطابات الضمان الصادرة من مصارف غير كفء لهذه العقود.

محافظة النجف

وأشار المدقق إلى أنّ محافظة النجف احالت 5 عقود في نفس الوقت إلى شركة واحدة هي النهر الدائم، وبمبلغ 5194392405 دينارات، وكانت نسبة الانجاز الفعلي في هذه المشاريع تتراوح بين 2% إلى 62% لغاية 31 كانون الاول 2014، ولم تتخذ المحافظة أي اجراء ضد الشركة اعلاه.

كما تعاقدت المحافظة في عام 2011 بعقدين مع شركة واحدة، وهي هندسة الصروح في نفس اليوم، وبمبلغ 7806000000 دينار، علماً أن العقدين هما من العقود السابقة والمستمرة وكانت نسبة الانجاز في العقدين 53% و59% رغم المدد الاضافية الممنوحة، والتي كانت 510&ايام لأحدها و1004&ايام للآخر، وكان المبلغ المصروف على العقدين لغاية نفس التاريخ 4257000000 دينار، ومع ذلك قامت المحافظة بتوقيع عقد ثالث مع "نفس الشركة المتلكئة"، بمبلغ 1400500000 دينار.

وبالنسبة إلى تسليم المواقع بشواغلها هي احدى ملاحظات شركة التدقيق وتدني نسب الانجاز في مشاريع اخرى بمبلغ وصل إلى 5163358000 دينار، رغم المدد الاضافية الممنوحة للشركات المتعاقدة، وفي عقود أخرى ابرمتها المحافظة منحت مدداً اضافية للشركات المتعاقدة تراوحت بين 131% و281%، لأربعة عقود تبلغ قيمتها 21041558000 دينار، اما مبالغ السلف المتراكمة التي لم تتم تصفيتها فقد بلغت 10769270216 دينارًا، رغم مرور اكثر من سنة على بعضها.

محافظة بابل

وفي محافظة بابل هناك ثلاثة عقود متلكئة منذ عام 2007 و2008 بلغت قيمتها 5596000000 دينار، وتراوحت نسب الانجاز ما بين 0% إلى 40% لغاية تشرين الاول 2015 ولم تزود المحافظة شركة التدقيق بأوليات تلك العقود، وهناك 3 عقود متلكئة من عام 2011 و2012 و3 عقود متوقفة رغم أن العمل بها بدأ عام 2012، وأن هناك 5 عقود بمبلغ 6495956000 دينار متوقفة رغم نسب الانجاز العالية في مشاريعها.

ورصد المدقق عدم قيام المحافظة بدراسة وتحليل الحسابات الختامية للشركات المتقدمة بالمناقصات، رغم طلب تلك الحسابات، مما يؤدي إلى التعاقد مع شركات غير كفء، وفي 5 عقود لإنشاء مدارس في اماكن مختلفة من المحافظة محالة إلى شركة المنصور العامة، فقد تلكأت الشركة المنفذة بالانجاز، ولم تتخذ المحافظة أي اجراء تجاه الشركة، بالاضافة إلى أنّ المحافظة لم تزود شركة التدقيق بأوليات متابعة المشاريع.

محافظة الديوانية

واضاف انه في محافظة الديوانية فإن ملاحظات شركة التدقيق على عقد الجسر الحديدي في الديوانية المحال إلى شركة ضفاف الفرات بمبلغ 339975000 دينار، كان اولها إحالة العقد في شهر تشرين الثاني 2011 قبل الحصول على موافقة مديرية بلدية الديوانية، وعدم موافقة البلدية على انشاء الجسر لتعارضه مع تصميم المدينة، طلبت المحافظة ترشيح موقع بديل، وكان آخر طلب قدمته المحافظة بتاريخ شباط 2015، علمًا ان شركة التدقيق لم تتمكن من معرفة المبلغ المصروف على العقد، "بسبب عدم وجود معلومات لدى المحافظة تبين ما تم انفاقه على كل عقد، حسب ادعاء المحافظة في كتابها الموجه إلى شركة التدقيق".

وكان عدم تهيئة المواقع المخصصة لاقامة المشاريع هو إحدى ملاحظات المدقق الدولي، بالاضافة إلى ملاحظته عن مبلغ السلف الموقوفة لغاية 31 كانون الاول 2014، الذي بلغ 18315504156 ديناراً، وكانت الملاحظة الاخرى عن تدني نسب الانجاز في 4 مشاريع بمبلغ 2540495000 دينار، حيث تراوحت نسبه ما بين 35% و 65% لغاية كانون الاول 2014.

محافظة واسط

ولاحظ المدقق بالنسبة لمحافظة واسط أن السلف التشغيلية الممنوحة لأربعة عقود للشركات المتعاقدة لم تسترجع بعد سحب العمل منها، حيث بلغ رصيدها كما في 31 كانون الاول 2013 مبلغًا قدره 59893421371 ديناراً، ولم تتمكن المحافظة من استعادة المبالغ "بسبب رفض المصارف الخاصة حجز المبالغ أو رفضها لخطابات الضمان مدعية انها مزورة"، كما قامت المحافظة بصرف صكوك من دون رصيد بمبلغ 2447862852 ديناراً.

وأشار المدقق الدولي في محافظة واسط أيضًا الى أن هناك 5 مشاريع أخرى معلقة بمبلغ 54797087050 ديناراً، بسبب سحب العمل فيها من الشركات المتعاقدة، الا أن تصفية العقود استغرقت وقتًا طويلاً وكانت نسب الانجاز في تلك العقود لغاية تاريخ سحب العمل تتراوح بين 0% و71%، وتلكأ تنفيذ 6 مشاريع بلغت قيمتها 58143850269 دينارًا، رغم بدء العمل في أحدها في عام 2011.

وكانت عدم جاهزية مواقع العمل للمشاريع إحدى ملاحظات المدقق الدولي، والأخرى توقف المشاريع بسبب عدم توفر السيولة لدى المحافظة لـ4 عقود مختلفة بمبلغ 95619313000 دينار، بالإضافة إلى أنّ المحافظة أحالت مشاريع بمبلغ 7501944000 دينار خلافًا لتعليمات وزارة المالية، حيث تعاقدت قبل اقرار الموازنة.

إقليم كردستان

اما بالنسبة لإقليم كردستان، فقد سجل المحقق الدولي أن عام 2014 شهد عدم اعداد وزارة المالية والاقتصاد في كردستان تقريراً مفصلاً بكافة الايرادات الاتحادية لتدقق من قبل ديوان الرقابة المالية في الاقليم وتحويلها إلى وزارة المالية الاتحادية، اضافة إلى عدم اعداد تقرير مفصل بالمستحقات الموقوفة وتفاصيلها بين الاقليم والمركز للفترة من 2004 إلى 2014 خلافًا لقوانين الموازنة"، من جهة أخرى، اظهر التدقيق وجود سلف موقوفة منذ عام 2011 مع وزارة المالية الاتحادية بمبلغ 1184593000000 دينار، التي تخص مستحقات شركات النفط العاملة في الاقليم.

كما رصد المدقق الدولي وجود عقد مع شركة زاكروس لتجهيز محطات كهرباء ثانوية تم توقيعه في عام 2012 بمبلغ 72000000 دولار، لم يتم تنفيذه لغاية كانون الاول 2015، اما عقد تصميم وبناء وتشغيل محطة ماء عقرة الموقع من قبل وزارة البلديات والسياحة في الاقليم في تشرين الاول 2012 بمدة تنفيذ 630 يوماً، فقد كانت نسبة الانجاز فيه 25% تمثل الاعمال المدنية، وذلك لغاية تشرين الثاني 2015 رغم ان تجهيز المحطة هو الجزء الاهم في العقد، في الوقت الذي بلغت فيه مدة التمديد 66% من مدة العقد الاصلية.

وأشار المدقق إلى أنّ وزارة التربية في الاقليم ابرمت عدداً من العقود لطباعة الكتب من&دون أخذ موافقة مسبقة، ومن دون تحديث دراسة الكلف التخمينية، واشار المدقق الى وجود شيكات تصرف للمقاولين مقابل تعهد من المقاول بعدم سحبها لعدم توفر السيولة النقدية، وبيّن التقرير تلكؤ 9 مشاريع في محافظة السليمانية بسبب عدم كفاءة الشركات المنفذة، وكانت نسبة تنفيذ 3 منها صفر%.

وكان مؤشر الشفافية العالمية قد صنف العراق مطلع العام الحالي ضمن الدول العشر الأكثر فساداً في العالم خلال العام الماضي.

وقالت منظمة الشفافية العالمية، في تقريرها السنوي لعام 2015، إن العراق احتل المرتبة 161 في ذيل القائمة المكونة من 167 بلداً متقدماً على ليبيا وأنغولا وجنوب السودان والسودان وكوريا الشمالية والصومال، التي احتلت قعر القائمة"، مشيرة إلى أن "الدول الاسكندنافية جاءت في المراتب الأولى كأكثر البلدان خلواً من الفساد، إذ احتلت الدنمارك قمة القائمة تلتها فنلندا ثم السويد".

وعدت منظمة الشفافية الدولية، أن "استمرار المعارك المدمرة في العراق وليبيا والسودان، تعني بنحو لا مفر منه، أن أي جهود لتحسين أداء مؤسسات الدولة فيها ستبوء بالفشل"، معتبرة أن "تحقيق الأمن المستديم سيحقق ذلك من خلال بناء الثقة بين الحكومات وشعوبها".

وأوضحت المنظمة، أن "الفساد المقصود الذي يعنيه مؤشرها يعني الأنشطة غير القانونية التي تجري في بلد ما بنحو خفي، ولا يماط اللثام عنها إلا من خلال الفضائح أو التحقيقات أو الملاحقة القضائية".