رشيد الزاهي من الدار البيضاء: بمناسبة دورته الـ19، ينظم "مهرجان كناوة وموسيقى العالم" بمدينة الصويرة المغربية "منتدى حقوق الإنسان"، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك يومي 13 و14 مايو (ايار) الجاري.

ويهدف المنتدى، الذي أطلق في 2012، إلى تعزيز فعاليات المهرجان بــ"فضاء للنقاش بين متدخلين وطنيين ودوليين بخصوص القضايا الراهنة في مجتمعاتنا".

وستخصص دورة هذه السنة من المنتدى، الذي وصل محطته الخامسة، للتنقلات والحركية الأفريقية، حول موضوع "الدياسبورا الأفريقية: الجذور، الحركية والإرساء"، ينتظر منها أن تشكل "فضاء للحوار والتفاعل وفرصة لمناقشة مساهمات تدفقات الشتات في أفريقيا، والتدبر في الطفرات الجديدة التي تنتج عنها".

ديناميات جديدة

وكان المنتدى، بعد تخصيصه لدورتي 2012 و 2013، للشباب والثقافة، قد جعل من أفريقيا تتمة مركزية لأشغاله. ويرى المنظمون أن القارة الأفريقية، باعتبارها ذات تقليد قديم وقوي فيما يخص الهجرة، تواجه اليوم ديناميات حركية جديدة تعيد تشكيل أنماطها القديمة في الهجرة"، إذ "في الوقت الذي تتواصل فيه أنماط الهجرة من الجنوب نحو الشمال، تظهر أنواع جديدة من التنقلات. وبفعل تميزها بتعدد القوميات وتنقلات دائرية، فإنها تسمح بظهور نوع من "الكونية" تنبني أساساً على أساس التدفق، والاعتراف بالآخر، لكن من دون أن تكون خالية من التوترات، مع أشكال الرفض التي يواجهها أحيانا المهاجرون".

وشدد بيان للمنظمين على أن "استمرارية استقرار جاليات خارج التراب الأفريقي، والهجرة الدائمة والمتواصلة داخل أفريقيا وخارجها، وظهور أجيال جديدة ذات جنسيات مزدوجة، وتنوع مجالات الاستقرار، واستقلالية جاليات الشتات وتجديد طبيعة الروابط العائلية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع أفريقيا، معطيات تبرز ملامح هذا النموذج الجديد الذي يتشكل"، حيث "يستقر المهاجرون في بلد أول، ثم يغادرونه في اتجاه بلد آخر، والبعض يختارون العودة بشكل مؤقت أو دائم إلى بلدهم الأصلي، بينما آخرون يتنقلون بين بلدين، حيث يمضون فترات طويلة نوعا ما في هذا البلد أو ذاك، من دون أن يستقروا في أي منهما. وأخيرا هناك مهاجرون اختاروا التنقل كنمط للعيش، وذلك عن طريق التنقل شبه الدائم، والربط بين أمكنة مختلفة، وعبور الحدود الوطنية بشكل جد منتظم".

ويرى البيان أن "التنوع الذي يميز الشتات الأفريقي، خصوصا فيما يتعلق بالكفاءات المعترف بها عالميا في مجالات مختلفة: علمية، وثقافية وفنية، وغيرها، من شأنه أن يكون ميزة تساهم في التطور الأفريقي".

ويعول المنظمون على أن يشكل المنتدى فرصة لبحث "الإسهامات التي يقدمها الشتات لأفريقيا والتفكير في الواقع الجديد لهذه التنقلات والحركيات التي يقوم بها الشتات". لذلك، ينتظر أن يتمركز النقاش حول أربعة محاور، تتوزع على جلستين رئيسيتين، حيث ستتناول الجلسة الأولى موضوع "الكونية الأفريقية"، والثانية "الدياسبورا ومجتمع المعارف الشاملة"، والثالثة "نساء أفريقيات: إسهامات وتحولات"، و"تنقلات فنية وثقافية"، فضلا عن مائدة مستديرة، في موضوع "الشتات وسوق المعارفة الشمولية".

المشاركون

ويعرف المنتدى مشاركة عدد من الباحثين والمختصين والمهتمين بالشأن الأفريقي، من المغرب وفرنسا والسنغال والجزائر وبلجيكا والكاميرون والولايات المتحدة وتونس، بينهم نائلة التازي العبدي، منتجة "مهرجان كناوة وموسيقى العالم" (المغرب)، وإدريس اليزمي، رئيس "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" (المغرب) وفريد العسري، باحث في علم الانتروبولوجيا (المغرب) وجان بابتيست ماير، مدير الأبحاث في معهد البحث التنمية (فرنسا) ومهدي عليوة، باحث في علم الاجتماع (المغرب) وفؤاد العروي، الكاتب والأستاذ بجامعة أمستردام (المغرب) وعبد الرحمن شيخ، باحث في الانتروبولوجيا وأستاذ في جامعة غاستون بيرغر في سان لوي (السنغال) وعثمان خوما، أستاذ القانون في جامعة شيخ انتديوب في دكار ومدير الدراسات في معهد حقوق الإنسان والسلم (السنغال) وادريس عويضة، رئيس جامعة الأخوين (المغرب) وكريم الرويسي، عضو المكتب الوطني لحركة "أنفاس الديمقراطية" (المغرب) وبيير غايتن نجيكام موليوم، نائب عمدة بوردو المكلف الشراكات مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (فرنسا/الكاميرون) وستيفان دوفوا، أستاذ علم الاجتماع في جامعة باريس ويست نانتير (فرنسا) وإليزابيث تشونغي، صحفية وكاتبة (الكاميرون/فرنسا) وفاطمة آيت بنلمدني، باحثة في مركز الدراسات الأفريقية في جامعة محمد الخامس (المغرب) ورقية ديالو، صحفية وكاتبة ومخرجة (فرنسا/السنغال) وحاجة الحبيب، صحفية (الجزائر/ بلجيكا) وماليت ما نجامي مال نجام بلدي، المدير العام لشركة أفريكريا والمفوض العام للمعرض الدولي للحرف (الكاميرون) وهشام العايدي، أستاذ العلوم السياسية وناقد موسيقي (المغرب/الولايات المتحدة) وماريم مالونج، مؤسسة معرض الفن المعاصر "مام" في دوالا (السنغال/الكاميرون) وصوفي بافا، عالمة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية وباحثة في معهد البحث والتنمية (فرنسا) وكمال الجندوبي، وزير مكلف بحقوق الإنسان (تونس).

يشار إلى أن الدورة الـ 19 من "مهرجان كناوة"، التي ينظم منتدى حقوق الإنسان على هامشها، ستشكل مناسبة لتكريم عدد من رواد هذا الفن وأبناء المدينة الموهوبين والذين غادروها في سن مبكرة، على غرار محمود غينيا والطيب الصديقي. كما سيتم تكريم دودو ندياي روز، الفنان الذي ما يزال صدى طبله يتردد في سماء الصويرة منذ أول مشاركة له في مهرجان الصويرة منذ خمسة عشر سنة خلت، حينما أقام أول حفل له بالمملكة.

وعن الأبعاد التي تهدف إليها فعاليات مهرجان الصويرة، من جمع دفء انفتاح موسيقى "كناوة" على العالم إلى فضيلة الحوار في المنتدى، قالت نائلة التازي، منتجة المهرجان: "إننا لطالما دافعنا عن العمق الأفريقي للمغرب من خلال هذه الثقافة، إذ لم يكن يُنظر إلى هذه المبادرة بجدية قبل عشرين سنة"، مضيفة أن "ثالوث كناوة/الصويرة/أفريقيا لم يكن يحقق الصدى أو التناغم المرجو، أما اليوم، فكل المؤشرات تبرهن أن لهذا الاختيار مغزى، وأنه الدافع الذي دفعنا بمعية المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى تكريس منتدى المهرجان إلى أفريقيا للسنة الثالثة على التوالي".